معادلة النجاح والسعادة
طالعت قبل يومين على الفيس بوك دعابة للمصريين، وهم صراحة شعب خفيف الظل وساخر حتى من نفسه، كان يقول (المستقبل الحلمت بيه وأنا صغير، ما لوش علاقة بالمهزلة البتحصل دلوقت)
هذه الدعابة أصابتني في مقتل، وقلبت علي الكثير من المواجع، وأحسست بانها عبرت عني تماما، تذكرت الطموح والآمال العريضة في النجاح، والمستقبل المشرق الذي تخيلته في ذلك الزمان الآفل، وما آل إليه المآل،
وبالرغم من الكوميديا السوداء في هذه الدعابة، إلا أنها قادتني لإمعان الفكر ومحاولة التعامل مع الأمر من وجهة النظر الفلسفية، حاولت طرح بعض الأسئلة لمناقشتها
ما هو النجاح؟
هل هناك معادلة معروفة المدخلات يكون النجاح أحد مخرجاتها؟
هل النجاح يعني الحصول على المال؟
هل التفوق الأكاديمي والنجاح المهني يجلب السعادة؟
من المعروف فقهيا أن الإنسان عندما يخلق نطفة في بطن أمه، يكتب معه رزقه، أجله وكونه سعيدا أو شقيا، فالسعادة من نعم الله سبحانه وتعالى، ولا بد انها تندرج تحت حكمة الحق عز وجل في التفضيل بين البشر، وحتى الرسل والأنبياء فضل الله سبحانه وتعالى بعضهم على بعض،،
يظل الإنسان يتمسك بالحياة وبالأمل، ما دام قلبه بنبض،
القصص كثيرة، متباينة ومليئة بالمفارقات، وعلى نطاق العالم الكثير من قصص النجاح المبهجة والرائعة، من البرت اينشتاين الذي نطق بعد ان أكمله عامه الثالث، توماس اديسون الذي كان شبه اصم، والت ديزني مخترع شخصية ميكي ماوس وحتى السمراء اوبرا، جميعها قصص تحول فيها الفشل في البداية إلى نجاح يثير الدهشة والإعجاب.
وعلى النطاق الضيق، كم من زملاء الدراسة الذين كانوا ضعاف من حيث التحصيل الأكاديمي، نراهم الآن في منتهى النجاح المهني والاجتماعي، والعكس تماما، فكم من المتفوقين الذين لم يحققوا أحلامهم وآمالهم العريضة في النجاح في الحياة العملية،،
وبين هذا وذاك الكثير من العوامل التي ترسم طريق المرء منا وتقوده للنجاح أو الفشل، وهناك مقولة شهيرة أن وراء كل رجل عظيم إمرأة، فكم من أم، أخت أو زوجة كانت هي الداعم والمحفز الذي أوصل رجلا إلى النجاح،،
ولكي تكون وجهة النظر عادلة، كم من الأطفال ذوي المواهب والمقدرات، ضاعت فرصتهم في النجاح بسبب أسرة غير داعمة لظروف مختلفة،،
وفي النهاية ندور في نفس الدائرة بين مفهومي النجاح والسعادة، ولعل السعادة في الرضا، فكم من فقير، لم تجد عليه الحياة بالماديات إلا لماما، ينام هادئا، مطمئنا، قرير العين، راضيا وسعيدا، بينما هناك من امتلك العلم، الجاه والمال، تؤرق نومه الكوابيس،،
المصدر: صحيفة الراكوبة