اخبار السودان

مصر يا اخت بلادي يا شقيقةً

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

 

**مصر المؤمنة ، مصر التي نسف طيرانها كوبري شمبات ، ومنطقة أم ضواًبان شمال المسيد ، والمنطقة الصناعية ، وكهرباء الأبيض!** .

 

**حكاية مصر الرسمية مع المقاتل الدارفوري وزير الثروة الحيوانية السوداني** .

 

**مقدمة**

 

**في زمانٍ مضى ، التقينا أنا واثنين من زملائي الأكاديميين في مؤتمر بولايةً نيومكسيكو الأمريكية. هما مصريان ، وأنا واحدٌ “ما بيتسماش”، بربري من النوع الذي يقول: “سرقواالصندوق يا مهمد لكن مفتاحه معايا!”.

 

**رغم كل شيء ، كنا ثلاثة علماء أجلاء بالأمريكاني. لكن النوبي فينا بلسانه الأعجمي الذرب ونشره المتفوق لأبحاثه في (اجدع) المجلات العلمية ، كان الأكثر علماً. ومع ذلك ، لم يحمه هذا التفوق من مواجهة الطامة الكبرى عندما صاح المصري فجأة:**السودانده تبعنا!**

 

 

**أكلنا الفول المدمس والطرشي سوياً ، وشاركنا في المحاضرات ، وتبادلنا الأحضان والقبلات عند اللقاء والافتراق. وبرغم كل هذا الدفء والمحبة ، كانا يكرران كلما سنحتلهما الفرصة :**السودان ده تبعنا!**.

 

**تذكرت حينها طفولتي في “بدير” قرية حلفا دغيم القديمة ، مشهد إغراق منازل أسرتنا ، ثم إغراق وادي حلفا برمته ، وما تبع ذلك من أهوال. كبرت وأنا أرى كيف تسرب**أولاد بمبة** إلى رمال السودان ، وكيف احتلوا أرقين وحلايب وشلاتين ، وكيف أتاحوا ترساناتهم الأرضية والجوية لعسكر الإخوان المسلمين لتدمير أي أمل في عودة ١٢ مليون نازح أو بقاء من تبقى صامداً حتى الآن.

 

**دكتور حافظ إبراهيم : من البندقية إلى الوزارة**

 

**مرت هذه الذكريات كالكابوس وأنا أستمع للأستاذ محمد الحافظ إبراهيم ، المعروف بحافظ إبراهيم عبدالنبي هذا الوسيم النحيل ، الذي جاء وزيراً للثروة الحيوانية بعد اتفاق جوبا للسلام ، كان محارباً ثلث عمره القصير.

 

** كان الوزير المقاتل واحدا من اثنان شاركا في حكومة ما بعد توقيع اتفاقيةً سلامً جوبا : الثاني والي غرب دارفور المقتول خميس ابكر.

 

**ترك الدكتور حافظ البندقية لخدمة الوطن الكبير ، بعد أن أصبح وزيراً للثروةالحيوانية ، وبدأ عمله بحماس ، ولكنه سرعان ما واجه أولى التجارب التي أظهرت كيف تُدار العلاقات الرسمية بين مصر والسودان.

 

**حكومة مصر الدونكيشوتية**

 

**حكى لي الدكتور حافظ عن أولى تجاربه في العمل العام قبل أن يجد فرصة لقراءة ملفات وزارته أو التعرف على خبرائها. تلقى مكالمةً من وزير الزراعة المصري في أول أسبوع من توليه الوزارة :

 

**مبروك يا باشا. دي مصر كلها تحت أمرك. لازم تزورنا قبل ما تعمل أي حاجة!** .

 

**في اليوم التالي ، جاءه القنصل بالسفارة المصرية حاملاً الدعوة الرسمية لزيارة مصر ومعها **مذكرة تفاهم** جاهزة. بدا الأمر وكأن مصر الرسمية تُصدر التعليمات للسودان وليس كأنها تتعامل مع دولة ذات سيادة.

 

 

**لكن الوزير المقاتل لم يكن كأولئك “**الرؤوس اليانعة**” منذ عهد مقبول الأمينالحاج ، ومصطفى عثمان إسماعيل ، وعبد الحليم إسماعيل المتعافي والصادق عمارة .. الخ ، الذين وقعوا “**على بياض**” مذكرات تفاهم أغرقت اقليم وادي حلفا بالكامل ، وقطعت ملايين الأفدنة من ولايتي الشمالية ونهر النيل في مشاريع زراعية عديدة وطويلة الأجل.

 

**ما فعله الوزير المقاتل كان مختلفاً. بدلاً من التوقيع العاجل ، أرسل مذكرة التفاهم إلى مدير جهاز المخابرات العامة ووزير العدل لاستشارتهم. جاء الرد واضحاً : **مقترحً المشروع المصري الضخم المحاذي للحدود مع سد النهضة يمثل تهديداً أمنياً وقانونياً على السودان**.

 

**عندما وصل الوزير إلى القاهرة ، استُقبل بحفاوة “سبعة نجوم”. كان المصريون متعجلين لتوقيع الاتفاقية ، لكنه استغل الوقت لطلب ٢٠٠ منحة جامعية لأبناء منتجي الماشية في دارفور وكردفان (حصل على ٦٠ منحة!). وعندما حان وقت التوقيع ، فاجأ مضيفيه بإعلان ترحيبه بالمشروع ، ولكن فقط في إقليم دارفور! .

 

**جن جنون الوزير المصري وخرج مسرعاً دون رجعة**.

 

**تصعيد الأزمة**

 

**وبسبب تلك الواقعة طلب السيسي من نائب البرهان ، الكباشي ، اقالة الوزير !. ولم يتوقف الأمر هنا ، بل تحول التعاون المصريالسوداني إلى كابوس عندما بدأ الطيران المصري ، تحت إمرة الإخوان المسلمين (فلول الكيزان) ، في تدمير البنية التحتية والصناعية السودانية وقتل آلاف المواطنين.

 

**كسرة**

 

صدقت الأستاذة لنا مهدي حين كتبت :

 

“**مصر في طليعة كل ضرر محدق بوطننا الجميل**”.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *