اخبار السودان

مصر يا أخت بلادي يا شقيقة : ٤ دور مصر في أزمة السودان وتأثيره على الحلول السلمية

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

 

مقدمة

تشهد الأزمة السودانية تصاعدًا في التوترات الإقليمية ، مع تبادل الاتهامات حول التدخلات الخارجية وتأثيرها على فرص السلام. تأتي مصر في قلب هذه النقاشات ، حيث تُتهم بدعم القوات المسلحة السودانية (SAF) وتورطها في غارات جوية ضد قوات الدعم السريع (RSF). يثير هذا التدخل تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية لمصر وتأثيرها على مسار الحل السلمي في السودان.

 

 

١. الادعاءات حول الدعم العسكري المصري للقوات المسلحة السودانية (SAF)

 

ظهرت تقارير إعلامية متعددة تتهم مصر بدعم القوات المسلحة السودانية (SAF) عسكريًا ، بما في ذلك تنفيذ غارات جوية على مواقع قوات الدعم السريع (RSF). في أكتوبر ٢٠٢٤م ، اتهم قائد قوات الدعم السريع ، محمد حمدان دقلو (حميدتي) ، مصر بالمشاركة في غارات جوية ضد قواته ، وهو ما نفته القاهرة رسميًا ، مؤكدةً التزامها بالحلول السلمية واحترام سيادة السودان.

 

**تعليق إضافي** : رغم النفي المصري ، فإن وجود تقارير متكررة عن التعاون العسكري بين مصر والقوات المسلحة السودانية يعزز الشكوك بشأن دور القاهرة في ترجيح كفة الصراع العسكري على حساب الحلول السلمية.

 

٢. الأهداف الاستراتيجية لمصر في السودان

 

يشير المحللون إلى أن مصر ترى في القوات المسلحة السودانية (SAF) العمود الفقري للاستقرار في السودان، مستندة إلى نموذج الحكم العسكري الذي تعتمد عليه القاهرة نفسها. لهذا السبب ، تسعى مصر لضمان هيمنة القوات المسلحة السودانية على المشهد السياسي في أي تسوية مستقبلية.

 

**تحليل إضافي**: تهدف القاهرة إلى حماية مصالحها الاستراتيجية ، مثل الحفاظ على أمن منابع نهر النيل ، وضمان وجود نظام حليف ومستقر في الخرطوم. إضافةً إلى ذلك ، ترى مصر في قوات الدعم السريع تهديدًا للاستقرار الإقليمي نظرًا لعلاقاتها المتشعبة وتاريخها في النزاعات الإقليمية.

 

٣. تأثير التدخل المصري على مسار الحلول السلمية

 

أثارت الاتهامات الموجهة لمصر قلقًا واسعًا بشأن تأثير تدخلاتها على فرص السلام في السودان. يرى بعض المحللين أن دعم مصر للقوات المسلحة السودانية قد يؤدي إلى تعقيد جهود الوساطة ، إذ تهدف القاهرة إلى استبعاد قوات الدعم السريع من أي ترتيبات سياسية مستقبلية.

 

** تعليق إضافي**: إن انحياز مصر لطرف دون الآخر يقلل من فرص الحلول التوافقية ويزيد من حدة الاستقطاب بين الأطراف السودانية، مما قد يؤدي إلى إطالة أمد الصراع وتفاقم الأزمة الإنسانية.

 

٤. مصر وإقصاء الأطراف الإقليمية الأخرى من الحل

 

جاءت مشاركة مصر المحدودة في اجتماعات الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) بشأن السودان ، حيث مثلها وفد دبلوماسي بدلاً من الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتثير تساؤلات حول موقفها من مبادرات الحل السلمي الإقليمية.

 

** تحليل إضافي**: يعكس هذا الحضور المحدود تحفظ مصر على النهج الذي تتبعه الإيقاد ، والذي يميل إلى إشراك أطراف متعددة ، بما فيها قوى مدنية وقوات الدعم السريع. وربما ترى القاهرة أن الحل يجب أن يكون عبر تفاهم مباشر بين العواصم الكبرى مثل القاهرة والخرطوم ، بعيدًا عن طاولات التفاوض الإقليمية التي قد تعطي شرعية لأطراف تعتبرها القاهرة غير مؤهلة للحكم.

 

٥. موقف الولايات المتحدة وتأثيره على الأزمة

 

تراجع الدور الأمريكي في الأزمة السودانية مقارنة بفترة الرئيس السابق دونالد ترامب ، الذي كان له دور كبير في رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب عام ٢٠٢٠م. وقد أثرت سياسة الإدارة الأمريكية الحالية ، بما في ذلك تعليق المساعدات الخارجية ، على الجهود الإنسانية في السودان .

 

.** تحليل إضافي**: فتح هذا التراجع الباب أمام القوى الإقليمية مثل مصر، الإمارات ، والسعودية لتعزيز نفوذها في الأزمة السودانية. كما أن غياب المبادرة الأمريكية الفعالة قلل من فرص الضغط على الأطراف المتحاربة للوصول إلى تسوية سياسية.

 

٦. الأبعاد الإنسانية للأزمة السودانية

 

وفقًا لتقارير إعلامية دولية، فإن الأزمة السودانية تسببت في كارثة إنسانية هائلة:

 

*قُتل قرابةً ٣٥٠ ألف شخص.

 

*شُرد أكثر من ١٢ مليون شخص من منازلهم.

 

*هاجر حوالي ٤ ملايين شخص إلى الدول المجاورة مثل تشاد ، جنوب السودان ، وإثيوبيا.

 

**تحليل إضافي**: هذه الكارثة الإنسانية هي نتيجة مباشرة للصراع المسلح المستمر ، وتفاقمها بسبب التدخلات الإقليمية والدولية التي تعرقل الوصول إلى حلول سلمية شاملة.

 

الخلاصة والتوصيات:

*يتضح أن الدور المصري في الأزمة السودانية يتجاوز الدعم العسكري ليعكس طموحات جيوسياسية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ الإقليمي وضمان استقرار نظام حليف في الخرطوم.

 

*في المقابل ، أفسح تراجع الدور الأمريكي المجال لتدخلات إقليمية زادت من تعقيد الأزمة.

 

*استمرار انحياز الأطراف الإقليمية سيؤدي إلى إطالة أمد الصراع وتفاقم المعاناة الإنسانية.

 

توصيات مقترحة:

 

أولاً: داخليًا (سودانيًا):

 

١.تأسيس حكومة شرعية انتقالية: مبنية على ميثاق سياسي يدعو إلى:

 

*إيقاف الحرب فورًا.

 

_*وحدة السودان الكاملة بلا جهوية ولا عنصرية.

 

*حماية المواطنين وإعادتهم إلى مناطقهم وتحقيق استقرارهم.

 

*تشكيل حكومة سلام ووحدة وطنية تكون قادرة على حماية المواطنين والدفاع عن حقوقهم.

 

ثانياً: إقليمياً ودولياً:

 

١. توسيع إطار الوساطة الإقليمية: عبر إشراك الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بجانب الإيقاد ، مع ضمان تمثيل عادل لجميع الأطراف السودانية.

 

٢. الضغط على القوى الإقليمية: دعوة مصر والإمارات والسعودية إلى وقف الدعم العسكري لأي طرف وتشجيع الحلول السلمية الشاملة.

 

٣. إعادة تنشيط الدور الأمريكي والأوروبي: من خلال استئناف المساعدات الإنسانية والضغط السياسي للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.

 

٤. تعزيز المبادرات الإنسانية: تقديم دعم عاجل للنازحين واللاجئين بالتنسيق مع المنظمات الدولية.

 

٥. دعم جهود العدالة الانتقالية: لضمان محاسبة المتورطين في الانتهاكات وحماية حقوق الضحايا.

 

ختامًا:

يبقى مستقبل السودان مرهونًا بمدى قدرة القوى الإقليمية والدولية على تجاوز المصالح الضيقة والتنسيق من أجل الوصول إلى حلول مستدامة وشاملة تُنهي النزاع وتعيد للسودانيين حقهم في الأمن والاستقرار والسلام العادل.

 

نواصل

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *