مصدومون في أرض لا يعرفونها ولا يريدونها، آلاف الأفغان يُطردون من إيران
صدر الصورة، Mohammad Balabuluki
-
- Author, ناجية غلامي
- Role, بي بي سي فارسي
في يوم شديد الحرارة من شهر يوليو/تموز عند معبر إسلام قلعة دوغارون، حيث تنتهي حدود إيران وتبدأ الحدود الأفغانية، يستمر وصول الحافلات، واحدة تلو الأخرى، وينزل منها ركاب أفغان طُردوا من إيران، ليس بإرادتهم بل قسراً، وكثير منهم ما زال في حالة ذهول.
تهبّ رياح قوية، فيُغطي الغبار المكان، وتصبح الرؤية شبه معدومة.
من وسط هذا الغبار، تتعثر فتاة مراهقة أثناء نزولها من حافلة، بينما تتلفّت حولها وهي في حالة صدمة، ثم فجأة تصرخ، وتبدأ بضرب رأسها ووجهها بيديها، وتقول بلغتها الإيرانية: “يا إلهي، أي جحيم هذا الذي أُرسلتُ إليه؟”.
هي فتاة أفغانية لم ترَ أفغانستان قط، إذ وُلدت وكبرت في إيران، حالها حال آلاف آخرين.
في إيران أصبح يُنظر إلى اللاجئين على أنهم جواسيس بعد حرب إيران مع إسرائيل، حين تصاعدت الشكوك حولهم، وباتت الحكومة الإيرانية تدفع بهم عبر الحدود إلى أرض لم يختاروها، وحتى أنهم لا يعرفونها.
تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة نهاية
صدر الصورة، Mohammad Balabuluki
في بعض الأيام، وصل عدد من تم طردهم من إيران إلى ما بين 30 ألفاً إلى 50 ألف أفغاني، في حين تحذّر منظمات إغاثة من أن إجمالي العدد قد يصل إلى 4 ملايين بحلول نهاية العام الحالي.
وتحت أشعة الشمس الحارقة ودرجات الحرارة التي تتراوح بين 43 و45 درجة مئوية، تقيم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات غير حكومية محلية خياماً بُنيت لاستيعاب ما بين 7000 إلى 10,000 شخص، لكنها الآن باتت تؤوي عشرات الآلاف.
يقول رجل مسن للمصور الأفغاني، محمد بالابولوكي، الذي يوثّق ما يحدث في المخيمات، “خرجت للتنزه فاعتقلوني، وأخذوني إلى مخيم، والآن أنا هنا، زوجتي وبناتي لا يعلمن بذلك حتى”.
طلب الرجل استعارة هاتف المصور، ثم صمت، وتمتم: “لا أستطيع تذكر رقمها”.
وعلى الرغم من أن العديد من المرحَّلين هنا ما زالوا يحملون شرائح اتصال إيرانية، إلاّ أن غالبيتهم وصل دون مال أو أمتعة، ويقول بعضهم إن رؤساء عملهم في إيران ما زالوا يدينون لهم بالأجور، وفوق ذلك هم لا يعرفون أحداً في أفغانستان.
صدر الصورة، Mohammad Balabuluki
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
في مكان ما في المخيم، يرفع زوجان بطانية لساعات ليحجبا أشعة الشمس الحارقة عن أربعة أطفال، يتصببان عرقاً، بينما يمسك الأطفال ببعضهم وتتسع حدقات عيونهم خوفاً، فهي لحظاتهم الأولى في أفغانستان، موطنهم المفترض.
بين الأطفال، فتاة تبلغ ربما ثماني أو تسع سنوات، تمسك دميتها وتقول: “طالما أنا على قيد الحياة، ستبقى دميتي معي. دميتي إيرانية، والآن أنا مهاجرة، لذا فهي مهاجرة أيضاً”.
يقول كثيرون إنهم اتُهموا بأنهم جواسيس إسرائيليون، ليس فقط من قبل السلطات الإيرانية، بل في الشارع أيضاً. ويقول أحد المرحَّلين: “لقد أمضينا حياتنا كعمال نحفر الآبار ونبني المنازل وننظف المنازل. تجسس؟ هذا لم نقم به أبداً”.
وقال رجل آخر: “الطرد شيء، لكن الإهانات والضرب والإساءة هي ما يحطمك”.
ومع قلّة الدعم الحكومي الأفغاني، يحاول سكان محليون تقديم المساعدة، بمحاولة توفير الماء والطعام، ويعرضون إيصال الناس إلى مدن قريبة، لكن حجم المشكلة أكبر من طاقتهم، فأفغانستان تغرق أصلاً في الفقر والجفاف والجوع والآن المرحَّلون أيضاً.
صدر الصورة، Mohammad Balabuluki
قام المصور الأفغاني، محمد بالابولوكي، بتوثيق الوضع في إسلام قلعة أيضاً، وعندما سُئل ما إذا كان قد شاهد شيئاً كهذا من قبل، ظهر عليه التأثر والحزن.
ويقول: “قبل عامين، قمت بتغطية الزلزال الذي ضرب هرات، وقتل نحو 2000 شخص. لكن هذا، مشاهدة الآلاف وهم تائهون في مكان لا يعرفونه ولا يريدون أن يكونوا فيه إنه أمر مؤلم أكثر”.
المصدر: صحيفة الراكوبة