اخبار السودان

مسودات لوطن متهالك كتبت في 2002م

الوليد محمد الحسن إدريس

مسودات لوطن متهالك:

1. مسوده أولى :اقرأ الشعر وتناسى التعسف

وقف الهواء مترددا على تلك المشكاه النافذه ..التى علق نظره فيها بكلتا يديه قبل ان ينقطع التيار الكهربى .. فأضاء شمعه .. وتكور فى وسط السرير .. رغم انف الظلام الذى استبد بالغرفه ..تنهدت الشمعه ونام ضوءها على السطور التاليه
ظلمت
أغشاك يانفسى الغريبه
ومن همومى أطلعك
والقاك واقفه على الطريق
أعاد القراءة بعينيه المتعبتين ، اللتان سرعان ما تمردتا وأستعادتا مكانهما القديم على المشكاه للمره الثانيه ..اخرجا بريقهما على جنبتيها .. وتعرتا ، تذكر كيف انعطف بسيارته ..و.. ركبت قربه وأدار المحرك وأنطلق .. كان يرمقها وهى تتكئ على المقعد .. وكأنها فى منذلها ..أحيانا يرمق فى عينيها نيلا وحمى وفانسدار .. ،سقطت دمعه على المنضده من ضوء الشمعه .. سقطت عيناه وراءها .. هو الان فى نيروبى استاذا فى الجامعه سقطت دمعة أخرى فى مخيلته وتوارت فى شلوخ أمه ..وهى تودعه فى مطار الخرطوم أمه التى فارقها طلبا للرزق بعد ان ترك عمادة كلية التربية التى أسهم فى تأسيسها طلبا لوضع أفضل حينما كشر الزمن عن أنيابه فى ربوع وطنه وأصبح مرتبه لايفى بمتطلبات الاكل والشرب ..، قالها بعد ان تخطى الأشارة المرورية ماشه وين ؟؟ناجزته بأصرار مشمس وسالت كلماتها كمهرجان( رقصة الدينكا لمابيورعندماعلى ايقاع (الجالوا) حتى اخمص قدميه )..متفوه ب : (أنت .. ماشى وين ؟!).. هو الذى تعود فقط ان يسأل لانه معلم(مدرس)وعندما يسأل لا يرد عليه بسؤال فردت عليه بسؤال وحد تصدع الأجابة فى داخله..نظر فى عينيها.. نظرت فى عينيه . فالتقى سيفاهما (برقا ) فوق مكتبة ..القبة .. الخضراء ..بالخرطوم .
فهطل بظهره على سريره فى تلك الغرفة بنيروبى
شعر بقصة فى حلقه..
الشعر هو الحل..
اقرأ الشعر وتناسى التعسف :قالت الشمعه
(جر الغطاء على رأسه)
فسقطت عيناه تحت الغطاء تزكر جبينها فحرر جبينه من تحت الملاءه ونظر..فى ليل المغنين ذلك الديوان السودانى الشعرى العنيد..
أشتد ضوء الشمعة بطريقة غير مبررة ..بطريقة لا شعورية أمسكت يمناه بالديوان وقلبت يسراه الصفحات بصورة عشوائية، بعد ان ارتشف من الكأس ليبلل نار الغصه ،،أطفأعينيه فى ماء الكلمات :
ولسه بتسكر امدرمان
على الشارع وتتكوم
ضحك بأسى .. وأغلقه .. أطفأ الشمعه وأحكم الغطاء .. عليه تماما فى السرير .
….
بلاشعورية منه دفع الغطاء بكلتا يديه مهاجما الظلام .. فتلألأت كلمات ليل المغنيين وأ تاه صوت الدوش العنيد فى خاطر الشمعه التى تعانى مر الحريق مبتسمه له بالضبط كأتسامة الفتاه المشكاه .. النافذه على أحساسه .. أمل النور تلك الأبنوسية فارعة القوام .. تحدثت اليه متكئة على المقعد
كأنها فى منذلها تجهذ انية الحلوى لتقدمها (للجميع) فى العيد .. أقلها بعربته فتاه تعنى ما تقول ..ترتاح تماما فى كلماتها ..لاتعنيها كاخر الا كما ينبقى .

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *