مستقبل العملية السياسية ما بعد الإطاري «6»
مجدي عبد القيوم (كنب)
الأزمة العالمية واثرها على البلاد
لا بد من العودة لمنصة التأسيس
الحوار السوداني الشامل هو المخرج من الأزمة
المنصة الوطنية هي الجهة الوحيدة التي من الممكن أن تكون بمثابة سلطة تأسيس
ينبغي التركيز على القضايا الرئيسية
يبدو أن التطورات فى المشهد العالمى تمضى بوتيرة متسارعة بما يعزز من احتمال تحول الصراع السياسي إلى معارك دامية فى كثير من بقاع العالم بما فيها المنطقة العربية والمحيط الاقليمى بكامله وقطعا سيكون لذلك أثار كارثية على الاقتصاد العالمى مما يفاقم من أزمات الدول الفقيرة تحديدا ويتسبب فى تأجيج الصراعات بها وبالتأكيد ستكون بلادنا فى بؤرة ذلك الصراع.
حملت الأنباء تسريبات بشأن الإعداد لضرب منشأت ايران النووية من جانب اسرائيل بالتنسيق مع امريكا وان الدول المتأثرة ابلغت باتخاذ تدابير وقائية ومع أن هذا احتمال ضعيف إلا انه أن حدث فستكون نتائجه كارثية على كل المنطقة.
كذلك تداعيات إصدار الجنائية مذكرة توقيف بحق الرئيس بوتين وهو امر وان كان بعيد الاحتمال من حيث النفاذ إلا انه مؤشر على تفاقم الأزمة العالمية .
هذه التطورات تلقى بظلالها على بلادنا من الناحية الاقتصادية ولذا تحتم علينا التعاطى بذهن مفتوح مع قضايانا الداخلية.
تطورات المشهد العالمى نفسها القت بثقلها إقليميا ومرشحة للتصاعد كذلك لذا انعكس هذا على الداخل السودانى وأعاد ترتيب التحالفات تبعا للمتغيرات فى ميزان القوى الداخلى الناجم عن المتغير الاقليمى لذا بدأت حواجز الجليد فى الذوبان فجرت مياه كثير تحت الجسر فى الاسبوع المنصرم تمظهرت فى حراك كبير قاده حزب الأمة ما بين لقاء مع مجموعات من الكتلة الديمقراطية والذى قطعا شكل تقاربا ربما ابعد بين الحزب والكتلة بالنظر إلى توقيع السيد مبارك الفاضل على البيان الذى صدر بعيد اللقاء وكذلك لقاء الامة مع الحزب الشيوعى والذى فى جوهره ردم هوة عميقة بين الحزبين وجسر العلاقة بينهما وشكليا كسر الطوق والغى عمليا قرار المجلس المركزى بعدم اللقاء مع الشيوعي.
الدلالة هنا أن حزب الأمة بدأ يستشعر ضرورة لعب دوره الوطنى التاريخى كحزب كبير ينبغى أن يساهم بما له من ثقل ووزن سياسي فى إخراج البلاد من أزمتها.
فى التقدير أن حزب الأمة سيمد الجسور مع نده التقليدى الاتحادى الاصل والتقدير أن لقاء القمة أو السحاب سيكون قريبا.
كذلك من التطورات الإعلان عن زيارة القائد عبد العزيز الحلو لمصر بدعوة مع السيد جعفر الميرغنى وهى زيارة ذات دلالات بعيدة وتشىء بان المشهد السودانى مقبل على تطورات هامة وان تغيرا كبيرا سيطال الفاعلين السياسيين فى المشهد كقوى أو منظومات وكذلك الشخوص.
فى المشهد أيضا اللقاء الأخير الذى التأم يوم الخميس ١٦ مارس وضم المركزى ورئيس مجلس السيادة ونائبه والرباعية والالية التى تدير العملية السياسية.
هذا الاجتماع انعقاد فى ظرف استثنائى ووفقا لتوازن قوى جديد تبعا للمتغيرات الاقليمية ذلك هو يؤسس لمرحلة مختلفة تماما وهو بمثابة تحرير شهادة وفاة للمجلس المركزى بشكله الحالى وليس بعيدا عن الواقع ما تسرب بشأن الاتفاق على إعلان سياسي نهائى جديد يجمع ما بين رؤية المجلس المركزى والكتلة الديمقراطية على أن يتم الاتفاق على دستور انتقالي حاكم للفترة الانتقالية.
ربما كان التصريح المنسوب للاستاذ ياسر عرمان والذى قال فيه أن هناك “لجنة ستشكل بين المدني والعسكري لوضع والاتفاق على الصيغة النهائية للاتفاق وتفتح اللجنة على كل الشعب”
وضع للنقاط فوق الحروف
هذا على الرغم من المحاولات المستميتة لتيار العقل السلطوى بالمجلس المركزى لعرقلة هذا التوجه والذى تجلى فى تحوير التصريح الصحفى الذى نقل مخرجات الاجتماع.
هذا التطور فى المشهد يقتضى تطبقا إعادة تشكيل التحالف السياسي الحالى بحيث يضم جل أن تعذر كل فصائل الثورة والقوي الحية سيما القوى التى كانت جزء من تحالف قوى الحرية والتغيير وخرجت منه لأسباب مختلفة كما يستلزم إعادة صياغة أبنية وهياكل هذا التحالف بمعنى اشمل العودة لمنصة تاسيس قوى إعلان الحرية والتغيير.
فى التقدير أن السبب الاساسي الذى ادى إلى العجز عن تحقيق اهداف ثورة ديسمبر حتى فى حدها الادنى هو الخلاف العميق بين قوى الثورة نفسها والذى تمظهر فى الصراع بين التيار التأسيسى والتيار السلطوى داخل المركزى والتياران عابران للتكتلات وحتى التنظيمات ولعل قوة الدفع التى جعلت الغلبة فى الفترة الماضية للتيار السلطوى قد قلت كثيرا هذا أن لم تتلاشى بعيد التطورات الاقليمية التى اعادت تموضع الدول وفقا لتوازن قوى جديد وهو ما انعكس سلبا على التيار السلطوى إضافة للمقاومة الشرسة لهذا التيار داخل مكونات قوى الحرية نفسها والذى عبر عن نفسه فى الخلافات التى طالت معظم احزاب المركزى بلا استثناء وان بدأ جليا فى المؤتمر السودانى وحركة(حق) والتجمع الاتحادى والامة وبدرجة أقل تيار الوسط.
تحت ذريعة لا للاغراق تشبث التيار السلطوى بمواقفه التى تسببت فى تعميق الازمة وسط زخم خطاب سياسي مخادع حتى باتت البلاد على حافة الهاوية مما أفقد هذا التيار ما تبقى له من مناصرين من المؤمنين بالحوار مالية لحسم الخلافات السياسية وبات مكشوف الظهر بعد أن ثبت عجزه عن تجيير مواقف الاحزاب المشكلة له لصالح رؤيته باستمالة ممثليها فى هيئات المركزى بالرشى السياسية فى جهاز تنفيذية فى حكومتهم المتوهمة.
يبدو أن الحوار السودانى السودانى أن لا محالة طال الزمن أو قصر فالفاعلين السياسيين من اصحاب الثقل الجماهيرى لا يرهنون المستقبل لتحالف تاكتيكى والخطى حتما تتجه اجلا نحو صندوق الاقتراع وان قطار السلام سيننتظر الحلو مهما تأخر.
ليس من سياسي فطن وحصيف يضع البيض كله فى سلة واحدة ولا نظن أن من يتحدث عن الاستقرار يمكن أن يتجاوز الاتحادى الديمقراطى الأصل .
المطلوب الآن حوار موسع بمنصة وطنية جامعة تكون بمثابة سلطة تاسيس تشرعن للاتفاق النهائى وما يستلزم من مرجعية دستورية حاكمة للفترة الانتقالية
ما ينبغى الاشارة إليه هو عدم اغراق الفترة الانتقالية بقضايا هى من صميم اعمال ومهام المؤتمر الدستورى وان يتم التركيز على بناء هياكل الدولة المدنية ومؤسساتها.
مستقبل العملية السياسة ما بعد الإطاري «5»
المصدر: صحيفة التغيير