مركز حقوقي يوثق انتهاكات جسيمة في مناطق سيطرة الدعم السريع بدارفور السودانية , اخبار السودان
كشف المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام في تقرير حديث عن تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور، مع توثيق 14 حالة اغتصاب و13 حادثة اختطاف، إلى جانب اكتشاف مقبرة جماعية تحتوي على 17 جثة. وأوضح التقرير أن الإقليم يشهد أزمة إنسانية متفاقمة مع سيطرة قوات الدعم السريع على معظم مناطقه. كما أشار إلى الانتهاكات المتزايدة مثل القصف المدفعي، استهداف المنشآت الصحية والأسواق، وفرض حصار غذائي في الفاشر، مما ينذر بتفاقم الوضع الإنساني ويستدعي تدخلاً عاجلاً.
التغيير: كمبالا
وثق المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام (14) حالة اغتصاب في مخيم “أوتاش” للنازحين بولاية جنوب دارفور، إلى جانب 4 حوادث اغتصاب أخرى في مدينة الفاشر.
وكشف المركز في تقرير حديث تلقت التغيير نسخة منه، عن 13 حادثة اختطاف استهدفت مزارعين اُقتيدوا إلى مواقع مجهولة، فضلًا عن اكتشاف مقبرة جماعية تحتوي على 17 جثة في منطقة مليط بشمال دارفور.
وأشار المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، في تقريره المكوّن من 29 صفحة حول انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور خلال يوليو وأغسطس، وسبتمبر، إلى أن الإقليم المضطرب منذ عام 2003 يواجه أزمة إنسانية متفاقمة. فقد تزايدت انتهاكات حقوق الإنسان بشكل لافت خلال هذه الفترة، مع تعزيز قوات الدعم السريع سيطرتها على أربع من ولايات دارفور الخمس.
التطورات السياسية
ووفقًا للتقرير، فقد أعادت قوات الدعم السريع هيكلة النظام القضائي في المناطق التي تسيطر عليها، حيث أنشأت محكمة ميدانية في ولاية غرب دارفور، وعينت فيها قاضيين ممن انضموا حديثًا لصفوفها.
وتتولى هذه المحكمة فرض عقوبات مالية على نحو رئيسي، مما يثير الشكوك حول حيادية وفعالية نظام العدالة تحت سيطرة هذه القوات، ويعكس مدى السيطرة التي تسعى قوات الدعم السريع لفرضها على النظام القانوني في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
الانتهاكات البارزة
يشير التقرير إلى سلسلة من الانتهاكات الممنهجة، أبرزها الاعتقالات التعسفية التي طالت مدنيين، من بينهم نشطاء وتجار وأطباء، حيث يُحتجزون في مراكز سرية، ويُطلب من ذويهم دفع فديات باهظة لإطلاق سراحهم.
ووفقا للتقرير، وثقت إحدى الحالات اعتقال نازح من أحد المخيمات، مع مطالبة عائلته بدفع 80,000 جنيه سوداني كفدية.
العنف الجنسي
سجل التقرير أربع حالات اغتصاب جماعي في مدينة الفاشر بتاريخ 10 أغسطس، وأشارت الشهادات إلى أن الضحايا لم يتلقوا أي دعم طبي أو نفسي، مما أجبر العديد منهم للفرار من المنطقة خوفًا من تكرار هذه الحوادث.
كما أورد التقرير 14 حالة اغتصاب أخرى في مخيم “أوتاش” للنازحين، مما دفع قادة المعسكر إلى تأسيس نظام عدالة عرفي لمحاولة التعامل مع هذه الجرائم في ظل غياب العدالة الرسمية، ويعكس هذا الأمر عمق الأزمة الحقوقية في دارفور.
القصف المدفعي
كما كشف التقرير الصادر عن المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، عن قصف مدفعي شبه يومي يستهدف أحياء الفاشر، مما أدى إلى مقتل 185 مدنيًا وإصابة 775 آخرين خلال شهري يوليو وأغسطس.
وبحسب التقرير، شملت الهجمات الأسواق والمنازل، مما أثر بشكل خطير على حياة المدنيين، وأدى إلى دمار واسع في البنية التحتية.
اكتشاف مقبرة جماعية في منطقة مليط تحتوي على 17 جثة، يُعتقد أن ضابطًا في قوات الدعم السريع يُدعى “مشعل” متورط في عمليات القتل، بحسب التقرير
النهب والسرقة
وأفاد التقرير بوقوع عدة عمليات نهب وسرقة على يد مجموعات مسلحة، يُعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع، حيث استهدفت المنازل والأسواق في دارفور، وتم الاستيلاء على ممتلكات شخصية وأموال تقدر بملايين الجنيهات.
ومن الأمثلة على ذلك، نهب منزل رئيس حزب الأمة القومي بوسط دارفور وسرقة سيارته وشاحنته، مما يعكس انعدام الأمن وغياب الحماية للسكان المدنيين.
القتل خارج نطاق القانون
أكد التقرير أن السلطات اكتشفت مقبرة جماعية في منطقة مليط تحتوي على 17 جثة، ويُعتقد أن ضابطًا في قوات الدعم السريع يُدعى “مشعل” متورط في عمليات القتل هذه، حيث اعترف الضابط لاحقًا بقتل شابين ودفنهما في الموقع ذاته. أثار هذا الاكتشاف قلقًا كبيرًا بين سكان المنطقة، وزاد حالة التوتر وعدم الأمان.
الاختطاف
تزايدت حوادث الاختطاف، حيث أشار التقرير إلى اختطاف 13 مزارعًا من قبل مجموعة مسلحة تابعة لقوات الدعم السريع، اُقتيدوا إلى مواقع مجهولة دون طلب فدية أو توضيح دوافع الحادث. أدى هذا التصعيد إلى نشر حالة من الخوف وعدم الاستقرار بين السكان، في ظل تكرار هذه الحوادث وعدم تمكن الأهالي من استعادة المختطفين.
استهداف المنشآت الصحية
ذكر التقرير أن القصف المدفعي تسبب في تضرر حوالي 80% من المرافق الصحية، بما في ذلك مستشفى جنوب الفاشر للطوارئ ومركز سلام، حيث قُتل العديد من المرضى والعاملين في المجال الطبي، ما أدى إلى نقص حاد في الخدمات الصحية اللازمة.
استهداف الأسواق ودور العبادة
لم تسلم الأسواق والمساجد من الهجمات المتكررة، حيث تعرض سوق المواشي للقصف مرتين في أغسطس، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين وتدمير المحلات التجارية. كما تم استهداف مساجد، من بينها مسجد النور السلفي ومسجد الفاشر الكبير، مما زاد شعور المواطنين بعدم الأمان والخوف.
نقص الغذاء
أشار التقرير إلى أن قوات الدعم السريع فرضت حصارًا على مدينة الفاشر، مما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية وارتفاع الأسعار، خاصة بالنسبة للمواد الأساسية. تسبب هذا الوضع في ارتفاع معدلات سوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن، مما يهدد حياة الآلاف من المدنيين، ويستدعي تدخلًا إنسانيًا عاجلًا.
تتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في ظل استمرار النزاع المسلح وهيمنة قوات الدعم السريع على إقليم دارفور، وفقا للتقرير..
واختتم المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، تقريره بالتأكيد على خطورة الأوضاع الإنسانية في دارفور، حيث تتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في ظل استمرار النزاع المسلح وهيمنة قوات الدعم السريع على الإقليم.
تبرز هذه الانتهاكات الموثقة، بدءًا من العنف الجنسي والاعتقالات التعسفية وصولًا إلى القصف العشوائي على الأحياء السكنية واستهداف الأسواق والمرافق الصحية، مدى الحاجة الملحة لتدخل إنساني عاجل لضمان حماية المدنيين ووضع حد لهذه الجرائم.
ويدعو التقرير المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تكثيف الجهود لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وتقديم الدعم اللازم للضحايا، ولا سيما النساء والأطفال الذين يعانون آثار العنف والنزوح.
كما شدد على ضرورة إنشاء آليات قضائية مستقلة تضمن تحقيق العدالة وتعزيز الاستقرار في الإقليم، في ظل حالة الإفلات من العقاب التي تشجع على تكرار هذه الجرائم وتقويض حقوق المدنيين.
المصدر: صحيفة التغيير