مخاوف من تحول التقارب السعودي الإيراني لمنفعة عسكر السودان
هل يؤدي التقارب بين الرياض وطهران، لإعادة فتح السفارة الإيرانية بالخرطوم.
التغيير: خاص
أصدرت وزارة الخارجية في السودان، الجمعة، بياناً رحبت فيه بقرار استئناف العلاقات بين السعودية وإيران بعد قطيعة استمرت 7 سنوات.
وفي العام 2016، اصدرت ذات الوزارة بياناً أعلنت خلاله قطع كافة العلاقات مع طهران، احتجاجاً على اقتحام متظاهرين إيرانيين لمباني السفارة السعودية في طهران.
وجاءت قرارات طرد السفير الإيراني بالخرطوم وإغلاق الملحقيات الثقافية لطهران، في سياق تحول داراماتيكي، بانقلاب انقلابيو 30 يونيو 1989 على حلفائهم الشيعة، وانخراطهم في المقابل في حلف للمدافعة عن بلاد الحرمين، والنظام الملكي السعودي الذي يعتبر نفسه الحامي للمذهب السني.
وأدى تقارب السودان وإيران الذي بلغ ذروته برسو سفن حربية إيرانية في موانئه على البحر الأحمر؛ إلى بعده عن محيطه العربي، ولتحوله كذلك إلى هدف للضربات الجوية الإسرائيلية للحيلولة دون تهريب السلاح لقطاع غزة.
وبموازاة ذلك، لم ينس قادة الخليج مطلقاً، الدعم الذي قدمه النظام المباد لصدام حسين في غزوه للكويت مطلع تسعينيات القرن المنصرم.
ولذا كان طبيعياً أن ترفض السعودية في 2013 تأمين مسار آمن لطائرة البشير المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، ما اضطره للبحث عن شراء طرق بديلة استنزفت الخزينة العامة، من أجل تسجيل انتصار مزيف للجنرال.
بعدها، وفي محاولة يائسة لكسر طوق العزلة المفروض على نظامه، أعلن البشير في 2013 انضمامه إلى تحالف عاصفة الحزم، بقيادة السعودية.
ولعب المستشار في القصر الرئاسي السوداني، وصاحب الجنسية السعودية طه عثمان وقتذاك، دورا مفصلياً في هذا التحول، باقناع البشير بنفض يده عن إيران، مقابل الحصول على دعم الرياض، على أمل فك الضوائق الاقتصادية التي حاصرت السودانيين، جراء سياسة فصل الجنوب مع ثلثي إنتاج البلاد من النفط، بداية من 2011.
ولاستدرار عطف أحد أكبر منتجي النفط في العالم، ارسل البشير كتيبة من العسكريين وطائرات مقاتلة لحرب الحوثيين الشيعة في اليمن، ومن ثم طرد السفير الإيراني واغلق الملحقيات الثقافية لبلاده بزعم نشر الفكر الشيعي.
ولكن عقود من اضطراب السياسات الخارجية ومحاولات السير على كل الحبال، انتهت بسقوط نظام البشير تحت وطأة الضغط الشعبي، وقبلها بخسارة طهران التي لطالما زودته بالسلاح وتكتيكات قمع المعارضين، والرياض التي لم تراه أبداً مصدراً للثقة.
وبعد سقوط نظام البشير، توطدت علاقات الخرطوم والرياض، ما عنى ضمنياً التجديد لبقاء الكتيبة السودانية في اليمن.
لكن بناء على تطورات الأوضاع الحالية، من غير المستبعد أن يسارع النظام العسكري في السودان لإعادة تدشين علاقاته مع طهران، تحت ستار التقارب السعودي الإيراني.
ولن يتورع القادة العسكريين في استخدام إيران ككرت لابتزاز القوى المدنية المدعومة غربياً، ضمن مساعيهم للمحافظة على نفوذهم ومصالحهم، أسوة بموقفهم الحالية من روسيا.
وتعهد العسكر بمنح روسيا قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، تستوعب سفناً نووية.
وفي حال قرر العسكر التخلي عن اتفاق نقل السلطة المدنية، فستكون طهران وموسكو وجهة مفضلة للانقلابيين للتزود بالدعم والنصائح الخاصة بقمع أي تحركات مساندة للحكم المدني.
المصدر: صحيفة التغيير