مجلس المهن الموسيقية واتحاد الفنانين.. عداء تاريخي وقرارات مثيرة للجدل
إنشاء مجلس المهن الموسيقية والتمثيلية هدف إلى احتواء الفنانين بعد فشل أو صعوبة إخضاعهم بشكل مباشر وفق بعض الآراء.
التغيير: عبد الله برير
ظل مجلس المهن الموسيقية السوداني، ومنذ إنشائه، مثار جدل وصراع مع اتحاد المهن الموسيقية (اتحاد الفنانين سابقاً)، بعدائه للفنانين وقراراته المثيرة للجدل ووأده لفكره قيام نقابة.
ومؤخراً صدر مجلس المهن قراراً قضى بسحب التراخيص من بعض الفنانين الداعمين لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بحسب القرار، وهو الأمر الذي فتح باب التساؤلات حول أهداف المجلس ونشأته وميوله السياسية، وسر العداء مع اتحاد الفنانين منذ نشأته، وأسباب عرقلته لجهود جمع الفنانين وتكوين نقابة.
حالة خلط
وبحسب الفنان سيف الدين محمد علي المعروف بـ”سيف الجامعة”، فإن مجلس المهن الموسيقية جهة حكوميه شأنها شأن مجلس المهن الطبية مثلاً.
وقال سيف في حديثه لـ(التغيير): “هنالك خلط بين الاتحاد والمجلس، الأخير قطاع حكومي أو جهاز يضم عدداً من الموسيقيين بعضهم منضو تحت لواء الاتحاد وبه موظفي دولة وممثلي جهات قانونية وهو يشبه مجلس المهن الطبية الذي يمنع التراخيص للأطباء، وهنا تمنح الرخص للفنانين والموسيقيين بحكم قانون المجلس”.
وأضاف: “هذا المجلس أنشئ أثناء محاولتنا في اتحاد المهن الموسيقية للتحول نحو نقابة، عملنا مشروع قانون إبان فتره الإنقاذ واختُطف هذا القانون لصالح وزارة حكومية للثقافة وأنشأوا مجلس المهن الموسيقية ورفضوا لنا تكوين نقابة”.
وتابع سف الجامعة: “برروا زعمهم بأننا نريد أن نمنع الشباب من الغناء ولكنها محاولة للسيطرة على القطاع الفني، حاولنا وقاومنا ولكن الدوله فعلت ذلك بقوتها وسلطتها”.
وأوضح سيف الجامعة، أن هذا المجلس موجود حتى الآن وأمينه العام هاشم عبد السلام الذي صدرت قرارات عبره بإيقاف نشاط وسحب التراخيص “وهي أشياء عليه أن يجد لها مسوغات ومبررات قانونية”.
وبخصوص الاتحاد الحالي للفنانين ذكر سيف أن أعضاءه ليست لديهم السلطة لضبط الساحة الفنية والتحكم فيها، وقال: “هذا ما كنا ننادي به عندما ترشحت لرئاسة اتحاد المهن الموسيقية، كانت لدي مساعٍ لتكوين النقابة وتحديد العلاقة بينها وبين الدولة والمجلس وغيرها وللأسف المسألة لم تتم”.
وأضاف أن اتحاد المهن الموسيقية بشكله الحالي أنشئ سنه 2004 أو 2005، فيما تكون اتحاد المهن الموسيقية السابق في الخمسينيات، ثم سمي برابطة الفنانين ثم نقابة الفنانين حتى وصول الرئيس نميري الذي ألغى النقابات وصارت اتحادات حتى الآن.
قطع طريق النقابة
وأقر سيف الجامعة بأن اتحاد المهن فشلت محاولات تحويله لنقابة، وقال: نعترف نحن فشلنا وصارعنا وهذا دور الأجيال القادمة، الدولة كانت متوجسة وكان هنالك صراع بين الفنانين ضد فكرة النقابة، هذا الصراع كان بين الدارسين وغير الدارسين مما أجل وأخر تكوين النقابة”.
وحول موضوع سحب تراخيص الفنانين، نفى سيف الجامعة أن يكون اتحاد المهن الموسيقية أصدر مثل هذا القرار، وقال: “رئيس الاتحاد هو الأستاذ نجم الدين الفاضل والسكرتير الدكتور وليد الجاك وهو مكون من مجلس منتخب عكس مجلس المهن الذي أنشئ بالتعيين على غرار فترة علي مهدي ونائبه دكتور عبد القادر سالم الأمين العام، والآن يشغل هذا المنصب هاشم عبد السلام وهذا الاتحاد بلا رئيس”.
ووصف هذه المؤسسة بأنها في حالة عدم استقرار بسبب الحرب، وقال: “الوضع كله مرتبك وملتبس ولا توجد ساحة فنية بسبب الحرب”.
وأضاف: “قرار المجلس الأخير يشمل الفنانين الملتزمين خارج السودان مقابل آخرين يسيئون للفن والسودان من خلال تصرفات وسلوكيات”.
وتابع سيف الجامعة: شخصياً أعتقد بأن هذه القرارات التي يصدرها بعض الموظفين لا تضبط الساحة الفنية بل ما يضبط الساحة هو الاتفاق العام لكل ممارسي المهنة عن طريق إنشاء النقابة للمحافظة على المهنة وهيبتها وقوانينها وعاداتها”.
قفز على الفكرة
من جانبه، اعتبر الموسيقار الدكتور يوسف الموصلي، أن مجلس المهن الموسيقية أنشئ بقرار من مجلس الوزراء تجنباً لقيام نقابة المهن الموسيقية.
وقال: “أصلاً القانون جاء به الموسيقيون معدلاً بعد أن استعانوا بقوانين عدة نقابات موسيقية عربية”.
وأضاف: تم القفز على الفكرة بواسطة الأستاذ المسرحي علي مهدي واضاف الى اسمه صفة (التمثيلية أو المسرحية) بعلاقاته الوثيقة مع النظام القائم آنذاك وأصبح المجلس تابعاً مباشرة لمجلس الوزراء، بينما ظل اتحاد المهن الموسيقية هامشياً.
محاولة احتواء
بدروه، رأى الموسيقي الهادي إلياس أن الهدف من تكوين مجلس المهن الموسيقية والتمثيلية هو احتواء الفنانين بعد فشل أو صعوبة اخضاعهمم بشكل مباشر كما فعل النظام المتأسلم في المجالات الأخرى بحسب تعبيره.
وضرب مثالاً بما أسماه مجزرة الصالح العام، وقال إن من أمثلة الاحتواء السيطرة على الإذاعة والتلفزيون والمسرح والمؤسسات الحاضنة لسياسات وأنشطة الثقافة والفنون عامة (وزارة الثقافة وإداراتها المتعددة).
وأضاف الياس: أضيف على ذلك استيعاب بعض الفنانين والشعراء الموالين في المؤسسة التشريعية (صلاح مصطفى/ مصطفى سند) مع تحويل نقابة المهن الموسيقية والمسرحية إلى مجرد اتحادات.
وتابع: شمل الأمر سد منافذ احتمالات خروج أي صوت لا يغرد مع نغمات السلطة من الاتحادين (الموسيقى والمسرح)، بخلق عنق زجاجة يسمي اتحاد المهن الموسيقية والتمثيلية، وتعيين الموالين للنظام من الموسيقيين والمسرحيين (علي مهدي/ عبد القادر سالم… إلخ) على قمته.
ورأى الياس أنه ولإحكام القبضة أكثر تم استيعاب بعض الفنانين من الجهتين في جهاز الأمن، فيما يسمى بإدارة الأمن الثقافي.
وواصل: في هذا السياق كما اعتقد يمكن رؤية دور مجلس المهن الموسيقية والتمثيلية.
المصدر: صحيفة التغيير