مجلس الأمن يعتمد قرارا يطالب بوقف إطلاق النار في غزة خلال رمضان
طالب قرار مجلس الأمن الدولي بامتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم.
التغيير: وكالات
اعتمد مجلس الأمن الدولي، بتأييد 14 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، قراراً يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
قدمت مشروع القرار الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، ومنها الجزائر العضو العربي الوحيد بالمجلس. وأعقب التصويت تصفيق من أعضاء المجلس الذي لم يتمكن مرات عديدة على مدى الشهور الماضية من اعتماد قرار بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
في إطار مطالبته بالإفراج عن جميع الرهائن، طالب القرار بكفالة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية، وبامتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم.
ويشدد القرار على الحاجة الملحة لتوسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة بأكمله وتعزيز حمايتهم. ويكرر تأكيد مطالبته برفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع.
الجزائر
قال الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، أحد مقدمي مشروع القرار، “أخيرا يرتقي مجلس الأمن لحجم المسؤوليات التي تقع عليه باعتباره المسؤول الأول عن حفظ السلم والأمن الدوليين ويستجيب لمطالب الشعوب والمجموعة الدولية”.
ووجه الشكر لجميع أعضاء المجلس على المرونة والعمل البناء الذي مكنهم من اعتماد قرار طال انتظاره يطلب وقف إطلاق النار في غزة فورا “من أجل وضع حد للمجازر التي لا تزال للأسف مستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر، ذاق خلالها الشعب الفلسطيني كل أشكال العذاب والمعاناة”.
وأضاف “لقد استمر حمام الدم طويلا وبأشكال بشعة وأصبح من الواجب وضع حد له قبل فوات الأوان”.
وقال السفير الجزائري إنه عند التصويت على مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر الشهر الماضي، “وعدنا بأننا لن نكل ولن نمل حتى يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته كاملة غير منقوصة ووعدنا بأننا سنعود لنقرع مجددا أبواب مجلس الأمن. وها قد عدنا اليوم مع جميع الدول المنتخبة بالمجلس في رسالة واضحة للشعب الفلسطيني مفادها أن المجموعة الدولية بمختلف أطيافها تشعر بألمكم ولن تتخلى عنكم”.
وأكد أن اعتماد قرار اليوم ما هو إلا بداية نحو تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، مضيفا “نتطلع إلى التزام المحتل الإسرائيلي بهذا القرار وأن يتوقف القتل فورا ومن دون شروط وتُرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني”.
وأكد أن بلاده ستعود قريبا لتخاطب مجلس الأمن مرة أخرى حتى تكون دولة فلسطين في مكانها الطبيعي عضوا كاملا وسيدا بالأمم المتحدة.
الولايات المتحدة
السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد قالت إن مجلس الأمن تحدث اليوم دعما للجهود الدبلوماسية الجارية التي تقودها بلادها وقطر ومصر للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار وتأمين الإفراج عن جميع الرهائن والمساعدة في تخفيف المعاناة الهائلة للمدنيين الفلسطينيين في غزة.
وذكرت أن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل هذه الأهداف المهمة وأنها تعمل على مدار الساعة لجعلها حقيقة على الأرض عبر الجهود الدبلوماسية. وقالت: “نقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف فوري لإطلاق النار مع الإفراج عن جميع الرهائن، ولكننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد. فلنكن واضحين، كان يمكن وقف إطلاق النار قبل شهور لو كانت حماس مستعدة للإفراج عن الرهائن، ولكنها واصلت عرقلة سبيل السلام… والاختباء خلف السكان المدنيين”.
ووجهت السفيرة الأمريكية رسالة لأعضاء مجلس الأمن وجميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في أنحاء العالم دعتهم فيها إلى الحديث علنا ومطالبة حماس بشكل قاطع بقبول الاتفاق المطروح حاليا. وقالت إنها لا تتوقع أن تفعل روسيا والصين ذلك لأنهما، حسب تعبيرها، لم تدينا بعد هجمات حماس الإرهابية على إسرائيل.
وأعربت عن أسفها لما وصفته بتجاهل عدد من التعديلات التي طلبتها على نص مشروع القرار، الذي اعتمد اليوم، بما في ذلك إدانة حركة حماس. وقالت إنها لا تتفق مع كل ما تضمنه القرار لذا لم تصوت لصالحه، وأضافت “لكننا نؤيد بشكل كامل بعض الأهداف التي يتضمنها هذا القرار غير الملزم. ونعتقد أنه كان من المهم للمجلس أن يتحدث ويؤكد بشكل واضح أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يقترن بإطلاق سراح جميع الرهائن”.
الصين
السفير جانغ جون الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة قال إن قرارات مجلس الأمن ملزمة ودعا الدول المعنية إلى الوفاء بالتزاماتها وفقا لميثاق الأمم المتحدة واتخاذ الإجراءات اللازمة وفقا للقرار.
ووجه الشكرلمجموعة الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس على جهودها بشأن مشروع القرار، وعقد مقارنة بين مشروع القرار الحالي ومشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأسبوع الماضي وصوتت بلاده ضده.
وأضاف: “مشروع القرار الحالي واضح لا لبس فيه وصحيح في اتجاهه الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، في حين أن المشروع السابق كان مراوغا وغامضا”.
وأضاف أن القرار الحالي يعكس أيضا التوقعات العامة للمجتمع الدولي ويحظى بدعم جماعي من الدول العربية.
وقال إن الصين دفعت الولايات المتحدة لإدراك أنها ليس بإمكانها الاستمرار في عرقلة المجلس. وأضاف أن قرار المجلس اليوم جاء متأخرا جدا بالنسبة للأرواح التي أزهقت بالفعل، أما بالنسبة لمن لا يزالون يعيشون في القطاع، فإن القرار يمثل “أملا طال انتظاره”.
ودعا إلى رفع فوري للحصار على غزة والحواجز التي تعوق وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع لضمان دخول المساعدات الإنسانية بكميات كافية للمحتاجين، بصورة آمنة وفورية. وأعرب عن تقديره للأمين العام والوكالات الإنسانية على جهودهم ودعا إسرائيل إلى التعاون بصورة كاملة في فتح معبر رفح.
ووصف دور وكـالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) بأنه لا غنى عني ولا يمكن الاستعاضة عنه بالنسبة للناس في غزة ودعا كل الأطراف إلى استئناف دعم الأونروا فورا.
روسيا
قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن بلاده صوتت لصالح مشروع القرار الذي أعدته مجموعة الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس، والذي دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار “حتى لو اقتصر على شهر رمضان”.
وأضاف: “لسوء الحظ، ما يحدث بعد ذلك لا يزال غير واضح، لأن كلمة ‘مستدام’ (الموجودة في نص القرار) يمكن تفسيرها بطرق مختلفة”. وذكر أن “أولئك الذين يوفرون الغطاء لإسرائيل ما زالوا يريدون إطلاق يدها”، معربا عن أمله في استخدام الصياغة الواردة في القرار “لصالح السلام بدلا من تعزيز العملية الإسرائيلية غير الإنسانية ضد الفلسطينيين”.
وقال السفير الروسي إن كلمة “دائم” كانت ستكون أكثر دقة في نص القرار، معربا عن “خيبة أمل” لعدم اعتماد التعديل الذي قدمه وفد بلاده بهذا الشأن.
وأضاف: “ولكن مع ذلك، نعتقد أنه من المهم للغاية التصويت لصالح السلام”، وحث مجلس الأمن على مواصلة العمل من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.
فلسطين
السفير رياض منصور المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة قال إن الأمر استغرق ستة أشهر ومقتل وتشويه أكثر من 100,000 فلسطيني وتشريد أكثر من مليوني شخص ومجاعة، حتى يطالب هذا المجلس أخيرا بوقف فوري لإطلاق النار.
وأضاف أمام المجلس أن التصويت هو “تصويت من أجل أن تسود الإنسانية، وأن تسود الحياة”. وقال منصور إن الفلسطينيين “صرخوا وبكوا ولعنوا وصلـّوا وتحدوا الصعاب من أجل النجاة، ومع ذلك ما زالوا يواجهون الموت والدمار والتهجير والحرمان والمرض، والآن مجاعة من صنع الاحتلال”.
وشدد على أن محنة الفلسطينيين يجب أن تنتهي الآن، مضيفا أنه “بينما نتحدث الآن، تستعد عائلات للإفطار وقد فقدوا أحباء لهم حول المائدة، وقد لا يجدون ما يضعونه على أطباق أطفالهم”. وشدد منصور على أن تصويت اليوم يجب أن يكون “نقطة تحول وينقذ الأرواح على الأرض ويؤشر إلى نهاية هذا الاعتداء من الفظائع التي تقتل أمتنا”.
وأشار إلى أنه تم التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون لفترة طويلة، “لدرجة أنها تشعر أنها لم تعد مضطرة إلى الاختباء عندما تتصرف كدولة خارجة عن القانون”.
وقال “إن معاناتنا ناجمة عن أفعال الإسرائيليين، وأيضا بسبب الإفلات من العقاب الذي حصلت عليه بسبب حقيقة أن دولا لم تتخذ تدابير حاسمة لوقف ذلك. ويستمر كثيرون في التعامل معها كحليف حتى وهي ترتكب مثل هذه الفظائع”.
وأكد السفير الفلسطيني أنه بعد أن صوت مجلس الأمن على وقف إطلاق النار، فإن جميع القوى يجب أن تتضافر للتأكيد على تطبيق القرار، مضيفا أنه حتى لو حدث وقف إطلاق النار الآن، وتم رفع الحصار، فسوف يستغرق الأمر أجيالا للتعامل مع الصدمة والدمار.
وقال منصور “أعتذر لأولئك الذين خذلهم العالم، لأولئك الذين كان من الممكن إنقاذهم. أنقذوا حياة أولئك الذين نجوا رغم كل الظروف. أخبروهم أن المساعدة في الطريق. حاسبوا أولئك الذين تسببوا في تلك المعاناة لهم. انهوا هذا الظلم الآن”.
إسرائيل
غلعاد إردان السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة تساءل عن سبب ما وصفه بـ “تمييز” مجلس الأمن بين الضحايا، قائلا إن المجلس أدان الهجوم المميت على قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو يوم الجمعة، “لكنه فشل في إدانة مجزرة مهرجان نوفا للموسيقى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
وأضاف: “المدنيون بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه يستحقون الاستمتاع بالموسيقى في أمن وأمان، ويجب أن يتمتع مجلس الأمن بالوضوح الأخلاقي لإدانة مثل هذه الأعمال الإرهابية على قدم المساواة، دون تمييز…للأسف، رفض هذا المجلس اليوم أيضا إدانة مجزرة 7 أكتوبر وهذا وصمة عار”.
وقال السفير الإسرائيلي إنه على مدى السنوات الـ 18 الماضية، “شنت حماس هجمات متواصلة ضد المدنيين الإسرائيليين، وأطلقت آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية العشوائية ضد المدنيين”. وأضاف أنه على الرغم من فشل القرار في إدانة حماس، إلا أنه “ذكر شيئا كان ينبغي أن يكون القوة الأخلاقية الدافعة”، موضحا ما يعنيه بالقول إن”هذا القرار يدين أخذ الرهائن، مذكرا بأنه انتهاك للقانون الدولي”. وقال إن احتجاز المدنيين الأبرياء كرهائن يعد جريمة حرب.
وأضاف: “عندما يتعلق الأمر بإعادة الرهائن إلى الوطن، يجب على مجلس الأمن ألا يكتفى بالكلمات فحسب، بل يجب أن يتخذ إجراءات حقيقية”.
وقال السفير الإسرائيلي إن “المجزرة التي ارتكبتها حماس” هي التي تسببت في هذه الحرب، مشيرا إلى مرور ستة أشهر “ولم يدن مجلس الأمن القتلة الذين بدأوا هذه الحرب”. وقال إن مشروع القرار الذي تم التصويت عليه يجعل الحرب تبدو كما لو كانت قد بدأت من تلقاء نفسها.
وأضاف: “دعوني أضع الأمور في نصابها: إسرائيل لم تبدأ هذه الحرب ولم ترد خوضها. انسحبت إسرائيل من غزة قبل 18 عاما مضت. أردنا وقف إطلاق النار والتعايش”.
ردود فعل مسؤولي الأمم المتحدة
فور اعتماد القرار نشر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش منشورا على موقع إكس، قال فيه: “المجلس وافق للتو على قرار طال انتظاره بشأن غزة يطالب بوقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن. يتعين تطبيق هذا القرار. الفشل لن يُغتفر”.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبرييسوس رحب باعتماد قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن. وحث على تطبيقه الفوري.
كاثرين راسل المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) حثت جميع أطراف الصراع على تطبيق القرار الآن لتخفيف معاناة الكثير من الأطفال والأسر.
* مركز أخبار الأمم المتحدة
المصدر: صحيفة التغيير