مبادرة إنسانية لغزة من أول بلد أوروبي يعترف بالدولة الفلسطينية
مبادرة إنسانية لغزة من أول بلد أوروبي يعترف بالدولة الفلسطينية
قال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، إن بلاده بادرت إلى عقد اجتماع مع وزارة الخارجية الإسرائيلية وعدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إضافة إلى دول أخرى “لنقل الحاجة الملحة لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
ودعا كريسترسون على موقع التواصل الاجتماعي إكس إلى ضرورة “حماية حياة وصحة الأطفال في غزة”، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.
وقد انهارت عملية تسليم المساعدات في القطاع، ولم يدخل إلا جزء صغير من المواد الغذائية اللازمة، ولم يصل إلى المناطق الشمالية سوى القليل جدا، حيث تقول المستشفيات في المنطقة، بحسب وكالة رويترز، إن الأطفال يموتون بسبب سوء التغذية.
ليست هذه المبادرة الأولى التي تظهر تفرد موقف السويد من بين دول الاتحاد الأوروبي من القضية الفلسطينية.
وهذا ما سنحاول التعريف به هنا من خلال النظر إلى تاريخ علاقة السويد بالفلسطينيين.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
قصص مقترحة نهاية
الاعتراف بالدولة الفلسطينية
لعل أهم مبادرة سويدية بشأن الصراع الإسرائيليالفلسطيني هي إقدام السويد على الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2014، بعد فوز الحزب الديمقراطي الاجتماعي بالأغلبية في الانتخابات العامة.
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه
شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك
الحلقات
يستحق الانتباه نهاية
وكانت الجمعية العامة في الأمم المتحدة قد اعترفت بدولة فلسطين في عام 2012 وقبلت عضويتها في المنظمة الدولية بصفة “دولة مراقبة”.
لكن تلك الخطوة السويدية قوبلت آنذاك بردود فعل متباينة.
فقد وصفت واشنطن القرار حينما أعلنت ستوكهولم عن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين بأنه “سابق لأوانه”.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فوصف القرار بأنه “خطوة شجاعة وتاريخية”. ودعا “دول العالم كافة”، بحسب ما نقله عنه المتحدث باسمه نبيل أبو ردينة إلى أن “تحذو حذو السويد وتعترف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأثار قرار السويد رد فعل شديدا من إسرائيل. إذ عبر مكتب وزير الخارجية آنذاك، أفيغدور ليبرمان، عن أسفه لأن رئيس الوزراء السويدي تعجل قبل أن يدرس الموضوع بعمق. واستدعت إسرائيل سفيرها لدى السويد، إسحاق باخمان، للتشاور، لكنه عاد إلى السويد بعد شهر.
موقف الاتحاد الأوروبي
تعترف حوالي 130 دولة بدولة فلسطين، ومن بين هذه الدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل المجر وبولندا وسلوفاكيا لكنها اتخذت الخطوة قبل انضمامها إلى الاتحاد.
وكانت إسبانيا أول دولة تمنح الصفة الدبلوماسية لممثل منظمة التحرير الفلسطينية، وتبعتها البرتغال والنمسا وفرنسا وإيطاليا واليونان بعد ذلك، بحسب ما ذكره دليل راوتليدج للاعتراف بالدول.
ويصر الاتحاد الأوروبي على عدم الاعتراف بأي تغييرات على حدود عام 1967 إلا ما اتفق عليه الطرفان. ولذلك يرفض الاتحاد برنامج الاستيطان الإسرائيلي في تلك الأراضي، ويرى أن تلك المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، بحسب ما قاله المجلس الأوروبي.
وينتقد الاتحاد الأوروبي الحصار الإسرائيلي على غزة، ويصفه بأنه “عقاب جماعي”، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.
مساعي السويد للسلام وتأسيس “أونروا”
كانت السويد من الدول التي صوتت بالموافقة على خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947. وبدأت مبكرا مساعي للسلام على يد فولك برنادوت، وهو سويدي الجنسية، بحسب الموقع الرسمي للحكومة.
وكان برنادوت قد ساعد في التفاوض على إطلاق سراح آلاف السجناء من معسكرات الاعتقال الألمانية، من بينهم 450 يهوديا.
واختير بعد الحرب العالمية الثانية “وسيطا للأمم المتحدة في فلسطين”، وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 186 الصادر في 14 مايو 1948. وكانت هذه أول وساطة رسمية في تاريخ الأمم المتحدة.
وجاء اختياره عقب تزايد أحداث العنف التي أعقبت خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين وإعلان إسرائيل من جانب واحد. ونجح في تحقيق هدنة أولية خلال الحرب العربية الإسرائيلية اللاحقة عام 1948، ووضع الأساس لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.
ويدل ما قاله برنادوت على حياد موقفه في تلك الوساطة، إذ تروي المصادر أنه قال: “عند طرح أي اقتراح لحل مشكلة فلسطين، يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار تطلعات اليهود، والصعوبات السياسية، واختلافات الرأي بين القادة العرب، والمصالح الاستراتيجية لبريطانيا العظمى، والوضع المالي، والتزام الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ونتيجة الحرب، وأخيرا سلطة وهيبة الأمم المتحدة”.
ولكن برنادوت اغتيل بعد ذلك واتهم باغتياله أعضاء في منظمة صهيونية مسلحة كانت تُعرف في الغرب باسم عصابة شتيرن.
ورأت شتيرن أن برنادوت، بحسب ما يقوله جوزيف هيلر في كتابه عنها، كان “دمية في أيدي البريطانيين والعرب، وأصبح يمثل في رأيها تهديدا خطيرًا لدولة إسرائيل الناشئة”. وكانت المنظمة تخشى أن توافق القيادة الإسرائيلية على مقترحات برنادوت للسلام، التي اعتبرتها كارثة.
وتمكن مساعده الأمريكي، رالف بانش، الذي حل محله، من التوصل إلى اتفاقيات الهدنة التي وقعت في عام 1949 بين إسرائيل ومصر.
وتوسطت السويد أيضا في رفع الولايات المتحدة للحظر الذي فرضته على إجراء محادثات مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية.
حل الدولتين والمستوطنات
تؤيد السويد “حل الدولتين”، وترى أنه “هو أساس السلام الدائم”، بحسب موقع الحكومة الرسمي. ويقول الموقع إن هذا يعني “وقف دورات العنف المتكررة، ومعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع، والمساعدة على زيادة التفاهم بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وتعبر السويد عن قلقها من تزايد عنف المستوطنين في الضفة الغربية. وتطالب الحكومة الإسرائيلية كما يقول الموقع الرسمي للحكومة السويدية بالتصدى بجدية للعنف غير المقبول الذي يمارسه المستوطنون، وأن توقف توسيع المستوطنات.
وأيدت السويد، إلى جانب 152 دولة أخرى، قرارا في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة. وكان القرار قد طالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، .. ومسؤولية جميع الأطراف عن حماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين .. والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس والجماعات الأخرى في غزة.
موقف السويد من الحرب في غزة
تؤيد الحكومة السويدية “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب وإطلاق الصواريخ العشوائي”، بحسب ما ذكره موقع الحكومة الرسمي على الإنترنت. وأدانت “بلا تحفظ الهجمات التي تشنها حماس .. وتطالب بإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين فورا ودون قيد أو شرط”.
لكنها تقول إن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ليس مطلقا”. ويجب أن يمارس .. بما يتوافق مع القانون الدولي .. والقانون الإنساني الدولي”.
وتدعو السويد إلى ضرورة “حماية المدنيين”، كما تطالب بـ”عدم استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية”.
ويقول الموقع الرسمي للحكومة إن “وصول المساعدات الإنسانية أمر أساسي” .. لكنها تحمل حركة حماس “المسؤولية الكبرى عن الكارثة الإنسانية في غزة”.
ويلفت النظر إلى التفرقة بين حركة “حماس”، التي تصفها بـ”الإرهابية”، والسلطة الفلسطينية التي تمثل الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة، والسكان المدنيين الفلسطينيين”. وتقول الحكومة إن “الشعب الفلسطيني ليس مسؤولا عن الأعمال “الإرهابية التي تقوم بها حماس”.
ويعبر الموقع الرسمي للحكومة السويدية عن قلقه البالغ “إزاء العواقب الإنسانية الناجمة عن الحصار الإسرائيلي”، مطالبا بـ”تأمين وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن وكامل ودون عوائق، ووصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين”.
وتعد السويد من الدول الأساسية التي ترسل مساعدات مالية للفلسطينيين. واستمر هذا الدعم حتى بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول. فقد ساهمت السويد، بحسب ما ذكره موقع الحكومة الرسمي، بمبلغ 250 مليون كرونة مساعدات إنسانية إضافية لغزة.
وتوجه تلك المساعدات إلى الفئات الأكثر ضعفا، خاصة ما تحتاجه النساء والأطفال. ويوجه جزء إلى الرعاية الطبية الطارئة، والحماية الاجتماعية، والحصول على الغذاء والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي ورعاية الأمومة والمياه والصرف الصحي.
المصدر: صحيفة الراكوبة