خالد فضل
لنكن صريحين , ما الأسوأ الذي لم يفعله السودانيون بأيديهم ضد شعبهم وبلادهم , نبدأ الحساب . وما السيئ الذي فعله بنا الأجنبي أو يمكن أن يفعله بأكثر مما فعلنا ونفعل .
هل سمعتم في يوم من الأيام أي أجنبي من إسرائيل أو البرازيل قال في تسجيل صوتي أو خطاب حماسي أو فيديو منتشر انتشار النار في الهشيم , بأنّه سيذبح هذا أو ذاك من أعدائه السودانيين ؟ هل حدث في يوم من الايام منذ أن صار للسودانيين بلد باسمهم أن جاء أجنبي وبقر بطن سوداني ونشر أمعاءه ومضغ كبده مع التصوير والنشر , هل حدث ذلك , فما الذي تركناه لأجنبي كي يمارسه فينا ؟ هل حدث أن جاءت فيالق مدججة بالسلاح والغبن من اي بقعة خارج بلادنا , وحصدت أرواح آلاف الناس في إبادة جماعية ؟ هل أغارت علينا طائرات محمّلة بالبراميل المفخخة وضربت الأسواق أو المستشفيات ؟
ثم متى جاءنا أجنبي فدقّ مسمارا في رأس طبيب في المعتقل . هل شغل أي أجنبي وظيفة (مغتصب) في جهاز الأمن مهمته إغتصاب المعتقلين وتعذيبهم حتى الموت . هل حدث أن كوّنت أي دولة أجنبية مليشيات ودججتها بالسلاح ثم أطلقت يدها في الناس في جنوب السودان أو دارفور وجبال النوبة أو في كجبار والعيلفون وبورتسودان ومدني وشوارع الخرطوم . متى حدث ذلك إن حدث وما هي الدولة التي فعلت بنا الأفاعيل إن وجدت .
دلوني على أجنبي واحد , تاجر بالدولار , وسمسر في اسبيرات الماكينات , وقبض الكوميشنات نظير التصديقات لأي مشروع في السودان . خبروني بأجنبي أنشأ حسابا تجميعيا تصب فيه إيرادات المؤسسات الحكومية ويتم تحويلها لصالح حزب حاكم في التشيلي أو سورينام . هل سمعتم بأجنبي باع خط هيثرو التابع للخطوط الجوية ,أو باع الإغاثة في أسواق كسلا وبورتسودان . من ذاك الماجد الذي يدين أجنبي واحد في تصفية خيرة شبابنا في المواكب , وهل فضّ الأمن والشرطة والدفاع الشعبي والدعم السريع القادم من كولومبيا الإعتصام ونظّف (بوغوتا) .
هل باع الأجنبي معدات وآليات مشروع الجزيرة في مزاد في بلاد البلطيق أو جزر الكناري . وهل هرّب الأجنبي 48طن من الذهب لدول الجوار . هل قاد اي اجنبي فصائل من جنده فأغلق الجسور وأذاع بيان الإنقلاب وكمم الأفواه . هل مكّن أي حزب أجنبي عضويته من مفاتيح الثروة والسلطة ودعاهم لإلتهام حظهم من غنيمة الميري فهي حلال .
هل أسس أي جهاز أمن في أي دولة في العالم شعبة للقبائل السودانية ثم طفق يشعل بينها النيران ويثير الفتن حد الإقتتال . هل هاجمت أي قوات أجنبية قرى الجزيرة , وطردت المزارعين واستولت على المحاصيل . ثم ما هي القوات الاجنبية الغازية التي دفعت بالملايين إلى اللجوء خارج الحدوود . وهل قال رئيس دولة في العالم إنّ أرض السودان محرمة على بعض السودانيين لأنهم يدعون للسلام .
ما الذي يمكن أن يفعله العدو الاجنبي ناهيك عن الصليح , وقصرنا عن فعله من المويقات والخطايا والآثام . أم أنّ الفعل الفظيع والقتل الشنيع والذبح والسلخ والتطهير العرقي والإغتصاب عندما يفعلها السوداني ضد السوداني تكون (شرفا) ونتقي مخاطر الأجنبي , خشية مشاركتنا في الفعل الشين , شعارنا بيدي لا بيد عمرو أ ليس هذا هو الخطر المتوهم من التدخل الأجنبي .
أين الخطر إذا حلّقت طائرات حلف الناتو وفرضت منطقة حظر طيران فوق أم دافوق وسنكات والمجلد وبورتسودان , فلا أنتينوف ولا مسيرات . ما الضيم إذا عبرت شاحنات الغذاء والدواء بحراسة مجنزرات ورشاشات أصحاب القبعات الزرقاء فاغاثت الجوعى وأنقذت المحتضرين في كادوقلي أو زمزم وكلمة وريفي بارا وجنوب الدمازين .
ما الخطر الأجنبي إذا تأسست سلطة مدنية كاملة الصلاحيات , وتمّ تأسيس جيش وطني وأجهزة أمن وخدمة عامة نزيهة ومنضبطة ومحاسبة ومساءلة أمام القانون المدني الديمقراطي .
ما الضيم الذي يصيب السودانيين إن أمن شبابهم ونساؤهم على أرواحهم فلا تهدر سمبلا برصاص من جهات غير معلومة (معلومة) .
ما الذي يهيّج أعصاب السودانيين ويعكر صفو حياتهم إذا تمّ تفكيك التمكين البغيض في أجهزة الدولة ومفاصل الإقتصاد والإعلام لصالح جميع الناس .
ما الوزر الوطني إذا تم رفع اسم السودان من لائحة العقوبات , وانفتحت أمامه أبواب العلاقات وإعفاء الديون .
ما الخطر الذي يحدّق بالسودانيين إذا أقتيد مجرمو الحروب إلى ساحات المحكمة الجنائية الدولية وأنصف الضحايا.
ثم ما الكارثة إذا تم لجم المليشيات , وتسريح العصابات وكتائب الظل والعلن .
ما المصيبة الماحقة في استعادة المسار الوطني الديمقراطي وتاسيس بلاد حديثة تعددية ديمقراطية لامركزية علمانية تحفظ لكل الناس كافة الحقوق على قدم المساواة .
أيهم أفضل للناس ومصالحهم , قوات حفظ سلام مهنية دولية مسؤولة ومراقبة أم مليشيات متفلتة عنصرية وجهوية وعقائدية تنصب الإرتكازات وتنهب الأفراد والبنوك .
المصدر: صحيفة التغيير