(ما كنا) نرفع راية استقلالنا
محمد حسن شوربجي
قال لي صديقي (الزهجان):
(ما كنا) نرفع راية استقلالنا …
قلت له لماذا اخي ؟
قال لقد تعجلنا الامر وقد افتقدنا اسس تأسيس دولة ينعم فيها المواطن بالحرية والسلام والعدالة…
والآن هاهي الذكري ال ٦٩ تطل برأسها وبلادنا تحترق عن بكرة ابيها …
حربا شردت الامة الي كل اصقاع الارض …
وتدهور اقتصادي …
وجوع ….
ومرض …
ومازال البعض يصفق للاستقلال الذي لا معني له..
وقد جعلها عيدا للرقص والتصفيق علي أغاني وردي والعطبراوي وود الامين وغيره …
وجعلها آخرون نظرية مؤامرة علي الخارج وكأن الخارج يريد اقتلاع بلادنا من بين ايدينا …
والبعض قد جعلها عيدا لتمجيد شخوص بعينهم ….
قلت له معقول يا صديقي تتمني بقاء المستعمر البغيض كما نصفه دائما …
قال نعم كنت دايرو يعمر البلد فمازالت الخرطوم التي بناها باقية وما زدنا عليها الحبة و(ما كنا) نرفع راية استقلالنا…
وللاسف فقط خرج المستعمر الابيض وحل مكانه مستعمر وطني فاشل من ابن جلدتنا …
فخدعنا ان السودان دولة وهي ليست دولة …
وان السودان سلة غذاء العالم وشعبها جائع …
وان السودان غني بموارد كثيرة وكلها تسرق …
وان به جبال من ذهب وهي مملوكة لحميدتي …
وان به انهار تجري من تحت ارجلنا ونحن عطشي…
وان به اراضي زراعية خصبة …
وان به صمغ …
وان به وان به وان به …
وللاسف صدقنا فأنطلقنا في الربوع نصفق ونزغرد ونغني …
وفرحنا وضحكنا ضحك طفلين معاً …
وعدوّنا فسبقنا ظلنا…
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق..
وأفقنا ليت أنا لا نفيق..
واذا بكجره ينادي من اعلي القصر ان لا تفرحوا طويلا يا شعب السودان فقد بدأ الحريق…
فلا تضحكوا طويلا وسيروا معنا في هذا الطريق…
فهذا بياني رقم (١) تحت توقيعي بقصر الشعب الانيق…
وليبق شعب السودان اسيرا ومغيبا ولا يفيق…
نعم لقد خرج المستعمر الأبيض …
وخلفه المستعمر ابن البلد …
رحل عنا الانجليزي من الباب…
وحل محله الوطني الفاشل من الشباك….
فليتكم بقيتم قليلا حتي نتعلم منكم كيف تبني الاوطان وان سرقتم بعض مواردنا…
فكم هي حسرتنا كبيرة علي وقت اضعناه منذ الاستقلال…
وقد كنا نتمني وطنا شامخا …
وطن عاتى وطن خير ديمقراطى…
وطن مالك زمام أمرو ومتوهج لهب جمرو وطن غالى…
نعم تعجلنا رحيله فهتفنا وغنينا وصفقنا يا غريب يلا امشي لبلدك..
يلا لي بلدك سوق معاك ولدك…
لملم عددك انتهت مددك …
وتعجلنا ورفعنا الراية دون جدوي…
وهتفنا اليوم نرفع راية استقلالنا…
ويسطر التاريخ مولد شعبنا…
وللاسف لم نبني وطنا كسائر الاوطان…
ولم تتبق في دواخلنا آمال وقد اكتست كل وجوهنا الاحزان …
فأين هو ذلك الاستقلال الذي تتغنون به كل عام ؟؟
فحقا لقد أضعتم السودان فى ليل التقولات…
وأغرقتموه فى لجج الأوهام…
فلا استقلال حتي الان لهذا الشعب المسكين…
فكلها حروب وتشرد ولجوء وجوع وأمراض ومعاناة…
وكلها اسراب قتلة وعصابات ومليشيات …
فأين هو ذلك الاستقلال الذي ترقصون له فرحا على انغام العطبراوي؟؟
وأين هو ذلك الاستقلال الذي يستحق منا كل هذه الاحتفالات والكرنفالات والاغاني والزغاريد..
فنسبة الفقر في بلادي قد تفاقمت حد المبالغة…
والتدهور الصحي بلغ مداه…
والتدهور المالي بلغ مداه…
والتدهور الزراعي بلغ مداه…
والتدهور التعليمي بلغ مداه…
و انهيار مشاريع بلغ مداه…
والانهيار القيمي بلغ مداه..
والانهيار الاخلاق بلغ مداه…
والعطاله المقنعه بلغت مداها …
والهجرات الجماعيه بلغت مداها…
والفقر المدقع بلغ مداه…
فأين هو ذلك الاستقلال الذي تصفقون له وهذا الحال المزرى ؟؟ .
قلت لصديقي نعم صدقت …
ولك الله يا وطني …
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة