بكري الصائغ

 

في لقاء جمعني مع صحفي عربي يقيم في المانيا، وجدته قد استغرب بشدة من ازدوجية تصرفات حكومة البرهان تجاه دولة الامارات العربية، واسلوب تعامل حكومة ابو ظبي في علاقتها بالسودان وقال : “لا افهم ما فائدة العلاقات الدبلوماسية القائمة الان بين السودان ودولة الامارات في ظل التوتر الذي ضرب العلاقات بينهما، هذه الحالة النادرة والفريدة في نوعها لم يعرفها السودان من قبل في علاقته مع المجتمع الدولي، لم يعد يخفي علي احد، ان ما بين الخرطوم وابو ظبي من علاقة سلبية قد فاقت كل الحدود المعقولة بمراحل بعيدة، ونجدها قد تضاعفت مع مر الشهور واصبحت تزداد يوميا اشد ضراوة، هذه الحالة الفريدة في تاريخ الدبلوماسية السودانية وصلت الي حد الملاسنات بانواع مختلفة عادية وبذيئة غير مقبولة، وسباب وشتائم باسلوب ما كان يليق ان تصدر من كبار المسؤولين في النظام الحاكم في السودان.

 

كلنا يعرف ان منظمة الامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية تسلمت في عدة مرات سابقة كثير من الشكاوي المقدمة من حكومة السودان، ونظرت فيها بجدية واهتمام، ولكن ما جد فيها جديد وبقي الحال علي ما عليه بلا تغيير، ولا تم صدور قرار يرضي اصحاب الشكاوي، ولكن بالرغم من كل هذه السلبيات الموجودة في العلاقات بين البلدين نجد ان كلا البلدين يحتفظان بسفارة في بورتسودان واخري في ابوظبي، ويكمن الفرق بينهما، ان سفارة السودان ترعي مصالح عشرات الألآف من رعاياها في الامارات، وسفارة الامارات في السودان لا رعايا ولا مصالح او حتي علاقات دبلوماسية بالمعني المتعارف عليه عالميا.

 

قال الصحفي في كلامه “دابت حكومة ابوظبي علي نفي الاتهامات الخطيرة التي وجهت لها بشدة من حكومة بورتسودان، وتصدت بقوة للاتهامات ودافعت عن نفسها في عدم التدخل بالشأن السوداني، الصحافة والاعلام الاماراتي لعبت دور بارز وكبير في تاجيج الصراع السوداني الاماراتي، وبرزت بعض المقالات الصحفية الساخنة التي صبت الزيت فوق النار”، والغريب في الامر، انه وبالرغم من الاتصال هاتفي الذي تم في عام ٢٠٢٤م بين البرهان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد وقوع الحرب في محاولة لكسر الجمود الذي الذي ضرب العلاقات بين البلدين، الا ان الحالة زادت اكثر سوء عن قبل، مما حدا بعضو مجلس السيادة الفريق أول/ ياسر العطا (في ظل سكوت تام من البرهان!!) ان يكسر كل قواعد البروتوكول والدبلوماسية، وقام بشن هجوم ضاري علي الشيخ/ محمد بن زايد شخصيا ، اساءات بالغة الحدة لم يسمع زايد مثلها من قبل… ورغم كل هذه السلبيات ظلت السفارتين تعملان بلا معوقات، وهو شيء نادر الحدوث في العلاقات الدولية!!

 

قال الصحفي ايضا “عندما اشتد الصراع في زمن الرئيس/ صدام حسين ما بين العراق وامريكا، قامت الحكومة العراقية علي الفور بقطع العلاقات مع امريكا وطرد السفير الامريكي وطاقم سفارته ، وتم سحب السفير العراقي من واشنطن، وتكرر نفس هذا الشيء مع ايران، وتم قطع العلاقات بن البلدين بصورة واسعة شملت طرد الايرانيين من مدن العراق .. بل حتي سورية لم تسلم من قطع العلاقات مع العراق … ولكن حالة السودان مع الامارات لم تصل بعد الي حد ما حصل في العراق، وما زالت السفارتين تعملان في ظروف بالغة التعقيد والصعوبات بسبب ما بين الدولتين من ازمات حادة واتهامات خطرة ستظل عالقة طويلا في اذهان المواطنين بالدولتين”. انتهي.

 

علقت علي كلام الصحفي ان البرهان لا يمكن ان يكون مثل صدام حسين ويبادر بقطع العلاقات مع اي دولة تعادي السودان حتي وان كانت الامارات او تشاد وكينيا، فالبرهان عنده ما يكفيه من مشاكل جمة داخل بلده، بل ان البرهان بادر بارجاع العلاقة مع ايران التي قطعت في عهد البشير، ومازال البرهان متردد في اعادة العلاقات مع كوريا الشمالية التي كانت واحدة من شروط ترامب في ولايته الاولي بانهاء المقاطعة الامريكية مع السودان … ولكن يبقي السؤال القوي مطروح بقوة : بعد وصول الشكوى للامم المتحدة ومحكمة العدل : ما شكل العلاقة التي تربط السودان الان بدولة الامارات؟!!

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.