ما تأثير قرارات الدعم السريع الإقتصادية على السودان ومصر؟
الاتهام الصريح الذي وجهه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي ضد مصر بأنها تضرب المواطنين وقواته بالطيران اعقبه قرارات تصعيدية تمثلت في ايقاف الصادرات السودانية المتجه لمصر من مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
تقرير ــ التغيير
وكان قد شدد القيادي في “قوات الدعم السريع” في السودان المك أبو شوتال على حظر تصدير أي بضائع إلى مصر متوعدا المخالفين بالمحاسبة، في قرار صادر عن المجلس الاستشاري لـ”الدعم السريع”.
تصعيد
وقال أبو شوتال: “لو صدّر التجار فنجان صمغ عربي، أو فولا سودانيا، أو بهيمة لمصر، سيعاقب بأشد العقوبات وأردعها، وأن كل مواردنا يجب أن تذهب لدول الجوار، ما عدا مصر، وأن أي شاحنة متجهة إلى (معبر) الدبّة السودانية أو مصر، يجب التعامل معها بصفتها عدوا صريحا”.
فيما هاجم مستشار قائد قوات “الدعم السريع” الباشا طبيق مصر وقال إنه حان الوقت لإيقاف كل الصادرات السودانية إليها”، وأن “الخيارات مفتوحة للتعامل مع الملف المصري”.
من جانبة قال مستشار قائد قوات الدعم السريع “ايوب عثمان نهار” إن المجلس الإستشاري لقائد الدعم السريع يعكف لوضع تصور لإنشاء منطقة تجارة حرة في دارفور وكردفان تختص بالصادرات من ثروة حيوانية، وصمغ عربي وفول سوداني وكركدي .
و أكد “نهار” في تغريده علي حسابة بمنصة “اكس” أن العمل جار لإنشاء محفظة مالية متعددة العملات لتكون بديلاً جديداً للمعاملات المالية.
وكشف “نهار” أن المجلس أصدر توجيهات وتم تنفيذها اعتباراً من العاشر من أكتوبر بإرجاع كل الشاحنات إلى المدن التي تحركت منها وتسليم الشحنات لأصحابها إلى حين الانتهاء من الإجراءات والتدابير الجديدة.
وأكد حرصهم على الحفاظ علي الثروة السودانية، وقال إنهم لن يسمحوا بنهب وتهريب الثروة وبيعها مقابل عملات مزورة يستفيد منها كارتل الفاسدين، الذين نهبوا ثروات البلاد علي مدي عقود .
وأضاف مستشار قائد قوات الدعم السريع إن هذه الإجراءات ليس مقصوداً بها المواطنين أو التجار، محذراً من مغبة مخالفة هذه الإجراءت، و أن كل من يخالف ذلك يعرض نفسة للمسألة القانونية.
مصر ترد
الحكومة المصرية من جانبها أعلنت مباشرة علي لسان وزارة التموين والتجارة الداخلية أن الدولة استوردت اللحوم من عدة دول أفريقية أخرى “جيبوتى الصومال” بكميات أكبر من المستوردة من السودان، و أكدت أن هناك أرصدة موجودة حالياً من السودانى والجيبوتى حوالي 20 ألف رأس، و أكدت الاستيراد متواصل من السودان والصومال وجيبوتي دون أى عقبات لوجيستية بما يكفى احتياجات السوق المصري دون أية مشاكل.
وأضافت الوزارة فى بيان صحفي أنه يوجد سلع يتم استيرادها من جمهورية مصر العربية، وقالت إن مصر ساهمت فى تحقيق الأمن الغذائى للمواطن السوداني عبر توريد كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية “أرز سكر دقيق زيوت “وذلك رغم الأزمات الاقتصادية التي مرت بها مصر خلال الفترة السابقة.
أرقام التبادل التجاري
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري فإن قيمة الصادرات المصرية إلى السودان خلال العام 2023 سجلت 979.9 مليون دولار مقابل 954.3 مليون دولار خلال عام 2022 بنسبة ارتفاع قدرها 2.7%
فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من السودان 386.9 مليون دولار خلال عام 2023 مقابل 505.4 مليون دولار خلال عام 2022 بنسبة انخفاض قدرها 23.4 %.
وحول أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من السودان خلال عام 2023 أشار الجهاز إلى أنه تم استيراد “حيوانات حية” بقيمة 164 مليون دولار، كما تم استيراد “قطن” بقيمة 115 مليون دولار.
وصدرت مصر إلى السودان خلال عام2023 منتجات مطاحن (شعير ونشا وحبوب) بقيمة 260 مليون دولار. فيما بلغت صادرات السكر و المصنوعات السكرية قيمة 79 مليون دولار.
وتبلغ قيمة الاستثمارات السودانية في مصر 5.8 مليون دولار خلال العام المالي 2022/ 2023 مقابل 4 ملايين دولار خلال العام المالي 2021/ 2022 بنسبة ارتفاع قدرها 45 %.
ويصدّر السودان إلى مصر سلعا زراعية وحيوانية، تشمل الفول السوداني والسمسم والصمغ العربي والقطن والجمال والأبقار والضأن وغيرها، وهي سلع يُنتَج جزء منها في مناطق للدعم السريع بدارفور وكردفان، بجانب مواقع تعبرها الشاحنات وقوافل الإبل المتجهة إلى مصر.
ضرر كبير
خالد عبد اللطيف عضو اتحاد أصحاب الشاحنات واللواري وصف قرار قوات الدعم السريع بالفكرة السيئة للغاية لجهة أن بعض المحاصيل موسمية و لا توجد مخازن نموذجية لحفظها وتنتهي صلاحيتها بمجرد إبتداء الشتاء المقبل.
وقال: “كذلك لا مقدرة للمنتجين توجيه منتجاتهم إلى أماكن تصدير أخرى سواء كانت داخل السودان أو خارجه لمصر أو غير مصر بالإضافة إلى فقدان أصحاب الشاحنات المجال لتشغيلها”.
و أضاف: “نحن نعاني أصلاً من الرسوم المفروضة من قبل قوات الدعم السريع علي سائقي الشاحنات والمواطنين بالطرق الوعرة مثلا طريق “الدبة ــ الإندرابة ــ الشقيق ــ أم شيالية” الذي يمر بالنيل الأبيض الدويم ومناطق كردفان، وأوضح أن الطريق عبارة عن بوابات وارتكازات بها لصوص وقطاع طرق بعضهم يتبع للدعم السريع وآخرين مجرد نهابين، وقال “إن أصحاب الشاحنات ظلوا يدفعوا أموال للقبائل التي يمر بها الطريق لحمايتهم وتصل أحيانا هذه المبالغ التي يدفعها الطوف الواحد إلى “1215″ مليون جنيه سوداني ورغم ذلك يتم في معظم الأحيان نهب الشاحنات”.
بدائل
يقول الباحث الاقتصادي إبراهيم أبو باقرين، إن قرار الدعم السريع ليس جديد و سبق و أن طبق الثوار اجراءات مماثلة بإغلاق الطرق المؤدية لمصر من الولاية الشمالية عبر ما يعرف بـ “ترس الشمال” الذي وجد نجاحاً منطقع النظير إلى أن فضت حكومة البرهان المتاريس وسمحت بتصدير المنتجات المحلية بالعملة السودانية دون فوائد تذكر أو قيمة مضافة”.
يقول باقرين “ربما لا تتأثر مصر كثيراً بالقرار لجهة أنها يمكن أن تستورد من الخارج بسعر أقل لكن بجودة أقل في الحوم السودانية والكركدي والسمسم لكن المهم أن نستغل منتجاتنا ونصنعها من جديد حتي نستفيد من القيمة المضافة في المستقبل”، و أشار إلى أن توفر السلع في الوقت الراهن بالسوق المحلي يساعد في تقليل الأسعار في ظل الحرب التي ضاعفت من الأسعار.
و أضاف إذا فكرنا في الانفتاح للغرب الجغرافي يمكن أن نستغل الطرق البرية الحدودية مع دولة (تشاد ـ جنوب السودان ـ أفريقيا الوسطى أثيوبياـ ليبيا)، ما يتيح عملية تصدير وتبادل المصالح الإقتصادية والتجارية المختلفة وربما هي بداية للإنفتاح نحو غرب أفريقيا.
فيما قلل الاقتصادي سعيد محمد جلال في حديثه لـ «التغيير» من قرار الدعم السريع بوقف الصادرات السودانية لمصر قائلا: “مصر تستورد اللحوم والسمسم والفول من السوق السوداني من مناطق القضارف تحديدا والصادر مستمر يومياً وربما يزيد خلال الفترة القادمة بدخول صادرات من مناطق النيل الأبيض وسنار بعد تحرير جبل مويه وفتح الطريق القومي بجانب الصادرات الزراعية من نهر النيل والشمالية”.
و أكد جلال أن المتضرر هو المواطن والمنتج في مناطق الدعم السريع التي تتفنن في تعذيب المواطنين الذين يعانون من جراء ارتفاع السلع وبالتالي سيفقد الكثيرين مصادر رزقهم لجهة أن القرار الصادر ساوى بين الصادر لمصر ومناطق سيطرة الجيش، لآفتاً إلى كل البضائع ليست القادمة من الغرب.
وانتقد جلال قرار الدعم السريع قائلا: “إنه لا يمثل المواطنين حتي يقرر مصيرهم و إن حديثة حول منع الصادرات لمصر عمل عدائي و غير مبرر” و أعتبر أن الدعم السريع ليس حريصاً على السودان وثرواته وأنه ظل يهرب الذهب للخارج قبل وأثناء الحرب و فتح أسواق لتهريب المنتجات السودانية إلى تشاد و أفريقيا الوسطي والنيجر وقال: ” هؤلا سرقوا سيارات وذهب المواطنين ويتحدثون عن مصلحته”.
ونوه جلال إلى أن خطورة القرار سياسية أكثر من كونها اقتصادية لجهة أن قوات الدعم السريع يمكن أن تشكل نواة لانفصال دارفور إذا نجحت في تسويق الصادرات لجهات أخرى غرباُ وبالتالي ستشعر بأنها يمكن أن تدير اقليم دارفور بمعاونة أعداء السودان.
المصدر: صحيفة التغيير