ما بين استمرار التعليم وإيقاف الحرب في السودان
ما بين استمرار التعليم وإيقاف الحرب في السودان
* د. الفاتح يس
لا يخفى عليكم حال وإغلاق الجامعات والمدارس في السودان منذ أبريل الماضي؛ والوقت يمضي ولم تتوقف الحرب، وزاد الارتحال والنزوح والهجرة.
في مقالات سابقة نادينا بضرورة استئناف الدراسة في الجامعات عن طريق التعليم الإلكتروني بالتزامن مع نظام الطالب الزائر ونظام الأستاذ المُعار، والآن ننادي بضرورة استئناف الدراسة المدرسية بنظام التعليم المنزلي (homeschooling)، وهو نظام مُتبَع في دول متقدمة ليس بها حروب؛ ناهيك عن السودان الذي يعاني من ويلات الحروب والنزوح، وهو لا يُغني بتاتاً عن التعليم المدرسي الرسمي؛ وإنما نظام مُكمِل له.
نظام التعليم المنزلي أو الدراسة المنزلية يعتمد على أن يدرس التلميذ في منزله بواسطة أحد والديه أو أحد أفراد الأسرة أو بإستجلاب معلم مختص في المنزل، ودور الأسرة يكمن في توفير الكتب المدرسية.
نظام التعليم المنزلي يكون بنفس منهج المدرسة، وبين الحين والآخر يذهب التلميذ إلى المدرسة؛ ليُتابِع موقفه الأكاديمي من التحصيل الدراسي ويجلس للإختبارات والامتحانات.
نظام التعليم المنزلي فوائده عديدة وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ يعطي دافع للوالدين لمتابعة أطفالهم والوقوف على عملية تعليمهم وتقوية علاقاتهم والألفة والاتصال والصداقة بين الطفل ووالديه؛ بجانب أن الوالدين سيكون لديهم دوافع للقراءة والإطلاع واخذ العلم والمعرفة؛ حتى يستطيعوا مواكبة التطور والتكنولوجيا وتعليم أبنائهم أحسن تعليم؛ بجانب أنه يُعطي للوالدين فرصة لتعليم أبنائهم مهارات ومناهج متطورة غير موجودة في المنهج المدرسي الرسمي.
أما من النواحي المعيشية وتخفيف آثار الحرب؛ ف إستئناف الدراسة المدرسية؛ سيعطي إحصائية للمحليات والمعتمديات؛ ليتعرفوا ويحصروا أعداد النازحين (عدد الأسر والأطفال) الذين دخلوا هذه الولاية منذ بدء الحرب، وهذا سيوفر للمحليات قاعدة بيانات وإحصائيات؛ يُسَهِّل عليها عملية توزيع الإغاثات والمساعدات والمعونات لهؤلاء النازحين.
أما من الناحية الأمنية؛ فاستئناف الدراسة الجامعية سيوفر قاعدة بيانات ومعلومات وإحصائيات لهذه الجامعات عن عدد الطلاب الزوار وعدد الأساتذة المعاريين لهذه الولاية؛ وهذا سيساعد في الناحية الإحصائية؛ لتستفيد المحليات والأجهزة الأمنية وتتعرف على أعداد وهوية وعناوين هؤلاء الطلاب وهؤلاء الأساتذة، وكل منسوبي التعليم وأسرهم.
الجدير بالذكر أن عملية استئناف التعليم بشقية المدرسي والجامعي؛ يتطلب التنسيق بين المعتمديات ممثلة في المحليات مع وزارة التربية والتعليم ممثلة في المدارس؛ لتستفيد المحليات من إحصائيات المدارس؛ لتوزيع الإغاثات والمساعدات، وأيضا يتطلب التنسيق بين الجهات الأمنية مع وزارة التعليم العالي (إدارة الجامعة مع الأجهزة الأمنية في الولاية)؛ وهذا سيساعد في عملية الرقابة الأمنية على الولاية ومعرفة أعداد وهوية هؤلاء الشباب والطلاب والأساتذة النازحين وعناوينهم وجامعاتهم ومساكنهم عن طريق أوراقهم الثبوتية (إن وُجدت)، وكل هذا سيساعد في عملية الحصر والرقابة الأمنية والإستخباراتية (معرفة الداخل والخارج من وإلى الولاية) والحفاظ على أمن واستقرار الولاية.
* أستاذ جامعي وباحث في البيئة والاقتصاد الأخضر
المصدر: صحيفة التغيير