في خطوة تعيد ملف العدالة في دارفور إلى واجهة المشهدين السياسي والقانوني، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، أمس الأحد، عن زيارة وفد من الحكومة السودانية إلى مقرها في لاهاي، برئاسة النائب العام انتصار أحمد، لبحث سبل تعزيز التعاون في القضايا المتعلقة بالجرائم المرتكبة في الإقليم.

لاهاي: كمبالا: التغيير

وقالت المحكمة، في تغريدة على منصة «إكس»، إن اللقاءات التي جمعت الوفد السوداني بمسؤوليها اتسمت بالإيجابية، وتركزت على تطورات الأوضاع في السودان، واستمرار التنسيق مع مكتب المدعي العام بشأن التحقيقات الجارية حول جرائم دارفور.

وتأتي الزيارة في توقيت لافت، عقب صدور حكم المحكمة الجنائية الدولية بالسجن لمدة عشرين عاماً بحق علي عبد الرحمن (كوشيب)، بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية شملت القتل والاغتصاب والتهجير القسري في عدد من مناطق غرب دارفور خلال الأعوام الأولى للنزاع.

ويرى المحلل السياسي إسماعيل شريف، في حديثه لصحيفة «التغيير»، أن زيارة وفد وزارة العدل إلى لاهاي تمثل خطوة إيجابية تعكس رغبة رسمية في الانخراط مع مسار العدالة الدولية وإنصاف ضحايا دارفور، مشيراً إلى أن توقيع حكومة الفترة الانتقالية على ميثاق روما عام 2000 يُعد اعترافاً سياسياً وقانونياً بالمحكمة، رغم عدم مصادقة السودان عليه حتى الآن.

وأضاف أن الترحيب الضمني بحكم كوشيب، من خلال هذه الزيارة، يبعث برسالة مفادها استعداد السلطات السودانية للتعاون مع المحكمة بعد سنوات طويلة من القطيعة، لكنه شدد على أن الاختبار الحقيقي يبقى في تحويل هذا التعاون إلى خطوات عملية، وأن القيمة الحقيقية لهذه التحركات ستظل مرهونة بمدى استعداد الدولة للتعامل الجاد مع بقية الملفات العالقة، وعلى رأسها تسليم المطلوبين الآخرين للمحكمة.

وختم شريف بالقول إن هذه التطورات، إذا ما جرى البناء عليها عملياً، قد تشكل بداية مسار جاد نحو إنهاء الإفلات من العقاب، وتحقيق قدر من العدالة والمساءلة لضحايا دارفور.

وكان كوشيب قد سلّم نفسه طوعاً للمحكمة الجنائية الدولية في عام 2020، وهو ما اعتبرته هيئة المحكمة عاملاً مخففاً عند النطق بالحكم، إلى جانب ما وصفته بحسن السلوك والتعاون خلال فترة المحاكمة، ما انتهى إلى إصدار حكم بالسجن عشرين عاماً.

ولا يزال عدد من كبار المسؤولين السودانيين السابقين مطلوبين للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، في مقدمتهم الرئيس المعزول عمر حسن أحمد البشير، ووزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة الأسبق أحمد هارون، على خلفية اتهامات تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وفي ديسمبر من العام الماضي، حضر النائب العام السوداني السابق الفاتح طيفور إحدى جلسات محاكمة علي كوشيب في مقر المحكمة بلاهاي، برفقة السفير السوداني لدى هولندا وعدد من الدبلوماسيين، إضافة إلى أبو بكر أحمد، وسيط الاتصال بين الحكومة السودانية والمحكمة، في مشهد اعتبره مراقبون آنذاك تحولاً مهماً في موقف الدولة السودانية تجاه المحكمة الجنائية الدولية.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.