حذر نائب رئيس مجلس السيادة ورئيس الحركة الشعبية، مالك عقار، من خطورة التدخلات الخارجية في الاتفاقيات الخاصة بالسودان، مؤكدًا أن قيام دولة سودانية مستقرة مرهون بابتعادها عن هذه التدخلات. وسخر عقار من المحاولات الجارية حاليًا لإيجاد حلول عبر اللجنة «الرباعية».

بورتسودان ــ التغيير

وفي كلمته خلال ندوة  نظمها مركز «عنقرة» للخدمات الصحفية ببورتسودان، شدد عقار على ضرورة الخروج من منطق التحالفات وتأسيس دولة حقيقية، والعمل على تجاوز الأخطاء، معتبرًا أن تعدد الميليشيات هو أحد الأخطاء التاريخية المستمرة في السودان. كما أقر بأن الحركات المسلحة جميعها تأسست على أساس إثني وعرقي معين، وأن الحديث عن نشأتها بطريقة قومية «أمر غير صحيح» بالنظر إلى التوازنات القائمة.

وأشار عقار إلى أن الحركة الشعبية نشأت بتوحيد الناس عبر «بوابة الغضب»، لكنها تمكنت من تبني مواقف قومية، متحديًا من يروجون لكون الحركة قد نشأت في تكوينها عبر الحرب، قائلًا: «اتحدى من يروجون ذلك ونحن لم نطلق رصاصة واحدة وهذا تضليل للشعب السوداني».

ووصف عقار اتفاق «جوبا» الموقع مع الحكومة بأنه «جيد»، لكنه أقر بارتكاب ثلاثة أخطاء فيه: الأولى هي اعتماد منهج التفاوض عبر «المسارات» بدلاً من التفاوض «كجبهة ثورية»، وهو ما اعتبره خطأً استراتيجيًا يشجع على «المنطقية والجهوية» ويمكن أن يؤثر على وحدة السودان، ووصف هذا بـ «تقسيم عديل» يمكن تداركه، و الثاني «خطأ القومية» ووصفه بالخاطئ، و الثالث ازدواجية المسارات والمشاركة في السلطة بين المركز والولايات.

وفي سياق متصل كشف عقار عن مبادرة سياسية جديدة بعنوان «نحو سودان موحد آمن ومتطور»، تهدف إلى توحيد القوى المجتمعية السودانية وبناء دولة حديثة تتجاوز آثار الحرب. وأكد أن هذه المبادرة تستند إلى الإرث التاريخي للسودان وتسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتعددية الثقافية وتعزيز الوحدة الوطنية والسيادة وإصلاح المؤسسات.

وشدد عقار على أن تنفيذ هذه الرؤية يتطلب خطة عمل تبدأ بترتيبات أمنية واضحة تشمل نزع السلاح وإعادة دمج المقاتلين، بما يسمح للحركات المسلحة بالتحول إلى تنظيمات سياسية مدنية قبل الدخول في أي عملية انتخابية، مؤكدًا أن الجيش يجب أن يكون الضامن الأساسي للفترة الانتقالية لضمان الاستقرار.

ودعا عقار إلى إطلاق عملية تشاور وطنية واسعة تشمل جميع القوى لصياغة رؤية متكاملة لسودان ما بعد الحرب، تقوم على مبدأ الشمول الكامل دون إقصاء. وحذر من الاستعجال في إجراء الانتخابات قبل استكمال عملية التأسيس، معتبرًا أن ذلك قد يخدم مصالح سياسية ضيقة على حساب المصلحة الوطنية، داعيًا إلى تجاوز حالة الاستقطاب السياسي.

واقترح عقار تشكيل ثلاث لجان قومية تتولى مهام تأسيسية محورية: لجنة لإعداد المؤتمر الدستوري، ولجنة لصياغة دستور جديد، ولجنة للتحقيق في انتهاكات وجرائم الحرب التي وقعت في أبريل ٢٠٢٣. وأوضح أن هذه اللجان ستعمل على وضع مشروع شامل للعدالة الجنائية والانتقالية وإطلاق مسارات للمصالحة الوطنية.

واختتم عقار بالتأكيد على أن المصالحة المجتمعية الواسعة ضرورية لتعزيز التعايش السلمي، مشددًا على أن بسط الأمن والاستقرار لا يمكن تحقيقه دون معالجة التوترات المجتمعية ونزع السلاح من جميع المجموعات المسلحة، مؤكدًا أن هذه الإجراءات يجب أن تُنفذ ضمن إطار وطني جامع يضع مصلحة البلاد فوق أي اعتبارات.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.