بكري الصائغ
موضوع رفض الحكومة المصرية في يوم الاثنين ٣/ اغسطس الحالي عن قبول زيارة كامل ادريس رئيس وزراء بورتسودان، لم ينتهي بانتهاء الرفض وتم قفل الموضوع، فهذا الرفض كان بمثابة قنبلة انشطرت مثل الانشطار النووي وخلف عشرات الاسئلة في الساحة السياسية السودانية، وكان ابرز سؤال بعد عملية الرفض، هو ذلك السؤال الذي درجنا علي تكراره مئات المرات طوال مدة حكم النميري وسوار الذهب والبشير واخيرا البرهان، السؤال ليس جديدا هذه المرة، وانما هو نفسه السؤال القديم المتكرر دوما ومفاده: “لماذا سعي كامل ادريس الهرولة تحديدا للقاهرة بعد تعيينه رئيسا للوزراء كاول افتتاحية لزيارات مقبلة وليست زيارة عاصمة اخري كالرياض والكويت والدوحة وجوبا واديس ابابا؟!!”.القاهرة التي رفضت حضور كامل اليها، اعاد تلقائيا هذا الرفض المهين نفس السؤال القديم “لماذا كانت ومازالت القاهرة منذ سنوات ما بعد الاستقلال الي يومنا هذا، قبلة الرؤساء القدامي والاخير، وزيارات مئات الوفود الرسمية؟!!”، لماذا درجت العادة عند الرؤساء الذين حكموا البلاد ان يتوارثوا عن بعضهم البعض هذه الخاصية الغريبة التي يندر ان نجدها في دول اخري؟!!”… الرئيس المخلوع هو الرئيس السوداني الوحيد الذي ضرب القياسي في عدد الزيارات الرسمية والخاصة للقاهرة، ووصلت الي (٢٢) زيارة خلال فترة حكمه، متفوقا بذلك علي الرئيس الفلسطيني/ ياسر عرفات.زيارات البشير للقاهرة كثيرا ما تعرضت لمواقف محرجة لم يصادفها اي رئيس اجنبي زار القاهرة بسبب كثرة الزيارات المملة التي اصلا لم تكن مبرمجة في اجندة المسؤولين المصريين، وفي مرات كثيرة لم يجد البشير اي احترامات في المطار عند الحضور والمغادرة، واغلب حالات الاستقبالات والوداع قاموا بها موظفين درجة خامسة في ادارة المراسم برئاسة الجمهورية!!اغرب زيارة قام بها رئيس سوداني هي الزيارة التي قام بها البرهان للقاهرة في يوم الاحد ٢٤/ اكتوبر ٢٠٢١ اي قبل انقلابه باربعة وعشرين ساعة، وتقول اصل الرواية عن الانقلاب: انقلاب البرهان في يوم الاثنين ٢٥/ أكتوبر ٢٠٢١م ، أنهي كل ما عنده من احترام دولي وسقط سقوط مريع في نظر الجميع ، هذا الانقلاب الفاشل جعل البرهان يقع في شر اعماله ، واسوأ ما فيه انه انفرد به دون إخطار أحد من جنرالات واعضاء مجلس السيادة والوزراء في الحكومة المؤقتة ، بل ان “حميدتي” نائبه لم يسمع به الا بعد ساعات من وقوعه لانه كان وقتها في مهمة رسمية بدارفور!! … الرئيس المصري/ عبد الفتاح السيسي هو الوحيد الذي كان يعرف كل شيء عن الانقلاب وبالتفاصيل الدقيقة ومتي سيقع ، زاره البرهان سرا في القاهرة يوم الاحد ٢٤/ أكتوبر اي قبل وقوع الانقلاب بيوم واحد في زيارة سرية وعاجلة ، بهدف تلقي الضوء الاخضر منه ودعم النظام العسكري الجديد في السودان.الفريق/ ابراهيم عبود، الذي حكم السودان خلال الفترة من يوم ١٧/ نوفمبر ١٩٥٨ حتي ٢٤/اكتوبر ١٩٦٤، هو الرئيس السوداني الوحيد الذي زار القاهرة مرة واحدة لا غير في زمن الرئيس جمال عبدالناصر، وبادله ناصر بزيارة في الخرطوم عام ١٩٥٨،وشارك في احتفالات العيد الاول لانقلاب ١٧/ نوفمبر، رفض عبود السفر لمدينة اسوان والمشاركة في الاحتفالات ببدء تشغيل “توربينات السد” وتدفق المياة لاول مرة، حضر الحفل في اسوان عبدالناصر ونيكيتا خرتشوف.الرئيس النميري هو الرئيس السوداني الوحيد الذي قضي اطول مدة زيارة في القاهرة، وتقول اصل الزيارة: مﻦ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺮﻭﻯ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ السوداني الراحل ﺟﻌﻔﺮ ﻧﻤﻴﺮﻯ، ﺣﻜﻲ ﻣﻦ ﺣﻀﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺃﻧﻪ ﺫﺍﺕ ﺻﺒﺎﺡ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻧﻤﻴﺮﻱ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺗﻔﻘﺪﻳﺔ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﻹﺣﺪﻱ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ، ﻭﻭﺿﻊ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ، ﻭﻇﻞ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺠﻰﺀ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍً ﻋﻦ ﻣﻮﻋﺪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻳﺤﻴﻠﻬﻢ ﻟﻠﻤﺤﺎﺳﺒﺔ، ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﻭﻳﻴﻦ ﻭﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ: ﺇﻧﺖ ﻣﻮﻇﻒ ﻫﻨﺎ؟!! ﺃﻳﻮﻩ ﺟﺎﻱ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻟﻴﻪ؟!! ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺟﻴﺮﺍﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﻓﺎﺓ ﻣﺸﻴﺖ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻳﺎﺩﻭﺏ ﺭﺟﻌﻨﺎ. ﻃﻴﺐ ﻋﺸﺎﻥ ﺟﻴﺮﺍﻧﻜﻢ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﻓﺎﺓ ﺗﺘﺄﺧﺮ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ ﻋﻦ ﻣﻮﺍﻋﻴﺪ ﺍﻟﺸﻐﻞ؟!! ﺍﻧﺖ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻤﻦ ﻣﺎﺕ ﻣﺎ ﻣﺸﻴﺖ ﻗﻌﺪﺕ ﺇﺳﺒﻮﻉ ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺳﺄﻟﻚ!!ﻫﻨﺎ ﺿﺤﻚ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻧﻤﻴﺮﻱ ﺣﺘﻲ ﻛﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﺤﻠﻔﺎﻭﻱ ﻭﻫﻮ ﻳﻀﺤﻚ ﺧﺶ ﺧﺶ مكتبك ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻛﺴﺒﻚ.بعد نجاح انتفاضة ٦/ ابريل ١٩٨٥، زار الرئيس/ المصري حسني مبارك الخرطو لتقديم التهنئة للفريق أول/ سوار الذهب بنجاح الانتفاضة، ولكن السلطات الامنية المصرية المرافقة لمبارك اصرت ان يكون مكان لقاء مبارك بسوار الذهب في مكان قريب من مطار الخرطوم، وان اللقاء لن يكون باي حال من الاحوال بالقصر الجمهوري، وتم اللقاء بينهما في نادي الضباط القريب من المطار، بقي مبارك في النادي قرابة الثلاثة ساعات، عاد بعدها للقاهرة، الفريق أول/ سوار الذهب طوال مدة رئاسته في الخرطوم لم يقم بزيارة للقاهرة بسبب وجود النميري فيها (ملحوظة من الكاتب: هذه المعلومة غير متاكد من صحتها، وان كان سوار الذهب قد زار القاهرة ام لا؟!!.).الغريب في امر العلاقات السودانية المصرية، ان محمد عثمان الميرغني، رئيس وقائد الحزب الإتحادي الديمقراطي، والمقيم في الاسكندرية منذ سنوات طوال، يتمتع باحترام كبير من المسؤولين الكبار في القاهرة، هو احترام يفوق احترام ومكانة اكبر كبير من اهل السلطة في السودان!!، وكثيرا ما تدخل الميرغني في معالجة حالات سلبية كثيرة لا تحصي ولا تعد تعرضت لها علاقة البلدين، مكانة الميرغني كانت ومازالت حتي اليوم اقوي من مكانة كل الرؤساء والسفراء السودانيين القدامي والجدد، بل لا استبعد ان يكون سفير السودان الحالي مثله مثل سابقيه يستعين بالميرغني ويطلب مشورته عند الازمات.نعود لرئيس وزراء حكومة بورتسودان واسال، ما هي خطط كامل ادريس القادمة وزياراته المستقبلية بعد ان تعرض ل”ضربة شاكوش” مصرية موجعة؟!!، هل ستكون الزيارة للسعودية التي وقفت مع السودان وقدمت الكثير، وتحتضن حوالي (٧٥٠،٠٠٠) سوداني؟!!كتبت احدي المواقع السعودية: تأتي الجالية السودانية في مقدمة هذه الجاليات، ويعكس تزايد عدد السودانيين في المملكة تطوراً في العلاقات بين البلدين، فضلاً عن تنامي الحركة الاقتصادية والعمالية التي تشهدها السعودية، وفي هذا المقال سوف نستعرض آخر الإحصائيات المتعلقة بعدد السودانيين المقيمين في المملكة في عام ٢٠٢٤، مع تسليط الضوء على الأسباب التي تدفع السودانيين للانتقال إلى السعودية، وأهم التحديات التي قد تواجههم. بحسب أحدث الإحصائيات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، وصل عدد المقيمين السودانيين في المملكة إلى حوالي 750,000 نسمة في عام 2024، ويشكل هذا الرقم حوالي 2.5% من إجمالي عدد المقيمين في السعودية، مما يضع الجالية السودانية ضمن أكبر الجاليات العربية في المملكة، وهذا الارتفاع الملحوظ في أعداد السودانيين يعبّر عن التوجه المستمر نحو السعودية كوجهة رئيسية للبحث عن فرص عمل وحياة مستقرة.المصدر موقع “عيش حب السعودية”12.11.2024واسال، هل ستكون دولة قطر التي يطلق عليها بعض السودانيين”قطر يا اخت بلادي يا شقيقة.” محل اهتمام كامل، ويوليها عناية ويقوم بزيارتها؟ !!، ام ينتظر بفارغ الصبر ان تفتح القاهرة ابوابها له وترضي عنه؟!!وماذا عن الكويت؟!!، واثيوبيا، والسودان الجنوبي؟!!، هل خرجت هذه الدول من اجندة الزيارات القادم؟!!.. اتوقع ان يكون رئيس الوزراء القادم في نيالا هو الاكثر مرونة ونشاط من كامل ادريس المقيد تقييد شديد بتوجيهات البرهان، وتدخلات الجيش، وضغوطات الحركة الاسلامية، ونفوذ البراء.
المصدر: صحيفة الراكوبة