ماذا نعرف عن عمليات القتل التي وقعت قرب موقع إغاثة في غزة تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل؟

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، فلسطينيون يحملون إمدادات المساعدات التي تلقوها من مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة في رفح
  • Author, بي بي سي تحقيقات
  • Role,

خلال الأيام الثلاثة الماضية، شهد الطريق المؤدي إلى مركز لتوزيع المساعدات في غزة سلسلة من الحوادث المميتة، حيث وقعت ثلاثة حوادث منفصلة على الطرق المؤدية إلى أحد المواقع الجديدة لتوزيع الإغاثة، والذي يقع في أقصى جنوب غرب القطاع، تحت السيطرة العسكرية الكاملة للجيش الإسرائيلي.

ويُدار هذا المركز من”مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF)، وهي منظمة تحظى بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل.

بدأت سلسلة الحوادث صباح الأحد، عندما قُتل 31 فلسطينياً بنيران القوات الإسرائيلية، بحسب ما أفاد به جهاز الدفاع المدني التابع لحركة حماس.

وفي صباح اليوم التالي، قُتل ثلاثة فلسطينيين آخرين بنيران إسرائيلية أيضاً، وفقاً لما ذكرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

في غضون ذلك، قُتل 27 شخصاً آخرين بنيران إسرائيلية بالقرب من الموقع صباح الثلاثاء، وفقاً لمسؤولين في القطاع الصحي.

تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة

الأكثر قراءة

الأكثر قراءة نهاية

من جهتها، نفت إسرائيل صحة ما وصفته بـ”تقارير كاذبة” تزعم أن جنودها أطلقوا النار على مدنيين في موقعي توزيع المساعدات أو في محيطهما.

وأكدت أن بعض الجنود أطلقوا طلقات تحذيرية يوم الأحد من مسافة تقدّر بكيلومتر واحد، وأضافت أن القوات فتحت النار أيضاً يومي الاثنين والثلاثاء بعد رصد “عدد من المشتبه بهم”.

بالرغم من ندرة مقاطع الفيديو التي توثق الحوادث مباشرة من داخل غزة، فقد قام فريق “بي بي سي للتحقيقات” بتحليل اللقطات المتوفرة، وحاول رسم تصور دقيق لمسار الأحداث ومواقع وقوعها.

أين وقعت الحوادث؟

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

قناة “مجلة +”

يمكنك مطالعة مجموعة متنوعة من المقالات الشيقة والملهمة والتقارير المفيدة.

اضغط هنا

يستحق الانتباه نهاية

تشير التقارير إلى أن الهجمات الثلاث وقعت بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات في منطقة تل السلطان جنوب غرب غزة.

تم افتتاح ما يعرف باسم “موقع التوزيع الآمن 1″، والذي أطلق عليه هذا الاسم صندوق الإغاثة الإنسانية العالمي، في 26 مايو/أيار. إذ يُعد هذا الموقع واحداً من أربعة مرافق مماثلة، تقع ثلاثة منها في جنوب قطاع غزة.

تعد هذه المنشآت جزءاً من نظام مساعدات جديد أثار انتقادات واسعة من منظمات إنسانية، إذ يهدف إلى تجاوز دور الأمم المتحدة، التي تتهمها إسرائيل بالعجز عن منع تحويل المساعدات لصالح مقاتلي حماس.

من جانبها، تؤكد الأمم المتحدة أن ذلك لم يشكل مشكلة كبيرة، وتصف النظام الذي يديره صندوق الإغاثة الإنسانية العالمي بأنه غير عملي وغير أخلاقي.

مع ذلك، لم يبدأ تشغيل سوى مركز “التوزيع الآمن 1” منذ يوم الجمعة، وفقاً لما ورد في المنشورات الرسمية لـمؤسسة غزة الإنسانية.

ويأتي ذلك بعد أسبوع أول اتّسم بالفوضى، حيث اندفع مدنيون يائسون إلى الموقع، كما تم إلقاء مقذوفات باتجاه الغزيين في منشأة أخرى تابعة لمؤسسة الهلال الأحمر الفلسطيني في موقعها الشمالي قرب النصيرات يوم الخميس.

في المقابل، لم يستجب المتحدث باسم المؤسسة للرسائل التي تسأل عن سبب إغلاق المرافق الأخرى لعدة أيام.

حثّت مؤسسة غزة الإنسانية المدنيين على اتباع مسار محدد عند التوجه إلى موقع “التوزيع الآمن 1″، وأرشدتهم إلى سلوك طريق ساحلي يُعرف باسم شارع الرشيد.

خريطة

تم نشر التعليمات عبر الصفحة الرسمية للمؤسسة على فيسبوك.

من جهته، علّق كريس نيوتن، المحلل البارز في “مجموعة الأزمات الدولية”، وهي مؤسسة بحثية تتخذ من بروكسل مقراً لها، بأن هذا المسار “لا يتسم بالأمان ولا بالكفاءة”.

وأوضح إلى أن توجيه المدنيين عبر ممر واحد فقط إلى الموقع يعد” تغييراً كبيراً” مقارنة بالنظام السابق الذي تديره الأمم المتحدة، والذي كان يعتمد على وجود 400 نقطة توزيع منتشرة في مختلف أنحاء قطاع غزة.

وفي حديثه عن النظام الجديد لتقديم المساعدات، قال: “يبدو أن هذا النظام بأكمله صُمم ليفشل”.

كيف تطورت أحداث يوم الأحد

بحسب وزارة الصحة في غزة، قُتل نحو 31 شخصاً يوم الأحد جراء إطلاق النار.

وفي صباح اليوم نفسه، أشرت مؤسسة غزة الإنسانية على صفحتها الرسمية على فيسبوك أن مركز “التوزيع الآمن 1” سيكون مفتوحاً اعتباراً من الساعة الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي، داعية المدنيين إلى التوجه إليه.

وبعد مرور ساعة فقط، تم نشر إعلان جديد على الصفحة يفيد بإغلاق الموقع. وبحلول ذلك الوقت، كان عدد كبير من سكان غزة قد تجمعوا عند دوار العلم في انتظار السماح لهم بالدخول إلى الموقع، حسبما ذكر الصحفي المقيم في غزة محمد غريب لبي بي سي.

وقد تم تداول عدد محدود من مقاطع الفيديو التي يُزعم ارتباطها بحادثة إطلاق النار.

ويُظهر أحد هذه المقاطع، الذي يُقال إنه تم التقاطه يوم الأحد على الطريق المؤدي إلى موقع توزيع المساعدات، أشخاصاً ممددين على الأرض، بينما يُسمع في الخلفية دوي انفجار يُحتمل أنه ناجم عن قصف دبابة أو مدفعية.

قدم موظفون دوليون في مستشفى ميداني تابع لمنظمة “يو كي ميد”، يقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من الموقع، تسجيلاً صوتياً وثّق انفجارين واضحين وإطلاق نار مستمر لأكثر من خمس دقائق.

أظهر مقطع مصور نُشر الساعة 6:08 صباحاً عشرات الأشخاص مستلقين على الرمال، مع سماع دوي إطلاق نار من أسلحة آلية. لم تتمكن “بي بي سي تحقيقات ” من تحديد الموقع الجغرافي الدقيق للفيديو.

فيما أظهر مقطع فيديو آخر راجعته “بي بي سي تحقيقات”، وقيل إنه يوثق آثار الحادث، عدداً من الجثث ملقاة على شاطئ غزة. ومع تقدم المشاهد، ظهرت عدة جثث مغطاة بأكياس بيضاء، ويبدو أن من بينها جثة تعود لشابة.

ولا يمكن تحديد الموقع الجغرافي للمقطع بشكل قاطع، إلا أن الأضواء الظاهرة في المقطع توحي بأن المقطع قد تم تصويره في منطقة تبعد حوالي كيلومتر واحد عن موقع “التوزيع الآمن 1”.

كشفت الصور التي زود بها الأطباء بي بي سي عن استخدام ذخائر من عيار 5.56 ملم و7.62 ملم، بعد استخراجها من جثث القتلى والمصابين في الحوادث.

في المقابل أشار بنديكت مانزين، محلل في شركة سيبيلين للاستشارات في مجال المخاطر، إلى أن مصدر الطلقات لا يزال غير واضح، موضحاً أن كلاً من القوات الإسرائيلية والجماعات المسلحة الفلسطينية “لديها القدرة على استخدام أسلحة تطلق ذخيرة من عياري 5.56 ملم و7.62 ملم”.

نفى جيش الدفاع الإسرائيلي إطلاق جنوده النارعلى مدنيين “بالقرب من الموقع أو داخله”، ونفى التقارير التي تفيد بذلك. وأفاد مصدر عسكري إسرائيلي لاحقاً بأن طلقات تحذيرية أُطلقت على بُعد كيلومتر واحد تقريباً من الموقع “لمنع المشتبه بهم من الاقتراب من الجنود”.

وصرحت مؤسسة غزة الإنسانية في بيان: “لم تقع إصابات أو وفيات أو حوادث خلال عملياتنا أمس. لم نر حتى الآن أي دليل على وقوع هجوم على منشأتنا أو بالقرب منها”.

ما هي تفاصيل الحوادث التي وقعت لاحقاً؟

قُتل ثلاثة أشخاص يوم الإثنين أثناء انتظارهم للحصول على الطعام قرب موقع “التوزيع الآمن 1″، بحسب ما أفادت به اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

صرح الجيش الإسرائيلي بأنه “تم إطلاق طلقات تحذيرية باتجاه عدد من المشتبه بهم الذين تقدموا نحو القوات على بُعد نحو كيلومتر واحد من الموقع”.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل ما لا يقل عن 27 شخصاً عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار بالقرب من موقع “التوزيع الآمن 1” صباح يوم الثلاثاء.

نُشر عدد محدود جداً من اللقطات التي يُزعم أنها تُظهر لحظة إطلاق النار. إلا أن مقطع فيديو تداوله الإنترنت أظهر أشخاصاً يركضون مع سماع دوي إطلاق النار.

وتمكنت “بي بي سي تحقيقات” من تحديد موقع هذه اللقطات على طريق قرب موقع التوزيع الآمن 1″، وتأكدت من أنها حديثة نُشرت يوم الثلاثاء، رغم عدم تمكنها من التأكد بشكل قاطع من ارتباطها بذات الحادثة.

صرح المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، محمود بصل لبي بي سي، أن الحادثة حدثت مرة أخرى على بُعد مئات الأمتار من دوار العلم. وأضاف أن الغالبية العظمى من القتلى والجرحى “تعرضوا لإصابات ناجمة عن نيران الدبابات والمروحيات والطائرات المسيرة الرباعية”.

أفاد ياسر أبو لبدة، نازح من رفح يبلغ من العمر 50 عاماً، لوكالة أسوشيتد برس بأن إطلاق النار بدأ قبل الساعة الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي. من جهتها، قالت رشا النحال، شاهدة أخرى، لوكالة أسوشيتد برس: “كان إطلاق النار يأتي من جميع الاتجاهات”.

وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان لها أن مستشفاها الميداني في رفح استقبل “تدفقاً جماعياً من الإصابات بلغ 184 مريضاً”.

“يشمل هذا 19 حالة أُعلنت وفاتهم فور وصولهم، وثمانية آخرين توفوا متأثرين بجراحهم بعد ذلك بوقت قصير. وكانت غالبية الحالات مصابة بطلقات نارية”.

قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إنه على بُعد حوالي نصف كيلومتر من موقع توزيع المساعدات “تقدم عدد من المشتبه بهم” نحو القوات. وأضاف أن الجنود أطلقوا طلقات تحذيرية، وعندما “لم يتراجع المشتبه بهم، وُجهت طلقات إضافية قرب بعض الأفراد منهم”. وأشار الجيش إلى أنه يجري التحقيق في تقارير عن وقوع إصابات.

رداً على حادثة يوم الثلاثاء، صرّحت مؤسسة الإغاثة الإنسانية العالمية: “على الرغم من أن توزيع المساعدات تم بأمان ودون أي حوادث في موقعنا اليوم، فإننا ندرك أن جيش الدفاع الإسرائيلي يجري تحقيقاً لمعرفة ما إذا كان عدد من المدنيين قد أصيبوا بعد تجاوزهم الممر الآمن المخصص لهم ودخولهم منطقة عسكرية مغلقة. وكانت هذه المنطقة تقع بعيداً جداً عن موقع التوزيع الآمن ومنطقة عملياتنا.”

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.