ماذا حلّ بمرافق وكالة الأونروا في القدس الشرقية المحتلة بعد تشريع إسرائيلي يحظر عملها؟

ماذا حلّ بمرافق وكالة الأونروا في القدس الشرقية المحتلة بعد تشريع إسرائيلي يحظر عملها؟
صدر الصورة، Getty Images
- Author, حسام العسال
- Role, بي بي سي عربي
“كارثة”، هكذا يصف الفلسطيني حسني شاهين إمكانية إغلاق إسرائيل مدارس ومؤسسات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، مما قد يؤثر على أكثر من 70 ألف مستفيد فلسطيني من خدماتها في القدس الشرقية المحتلة.
وقال مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية رولاند فريدريك لبي بي سي، إن الوكالة لا تزال “تقدم حتى هذه اللحظة خدماتها التعليمية والصحية في القدس الشرقية كالمعتاد”، بعد أكثر من 40 يوماً من سريان تشريع إسرائيلي يمنع الأونروا من العمل في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة.
في القدس الشرقية يستفيد 71.500 لاجئ فلسطيني من خدمات الأونروا الصحية والتعليمية والتدريبية.
وضمن حدود القدس الشرقية، توجد 6 مدارس، وثلاثة مراكز صحية، ومركز تدريب مهني، تديرهم الوكالة الأممية.
ويضم حي الشيخ جراح في القدس مركز إقليم عمليات الضفة الغربية الذي يعمل به قرابة 330 موظفاً.
ويرى شاهين (65 عاماً) أن الإغلاق سيشكل مشكلة كبيرة للناس، مشيراً أن عائلته تعتمد حالياً على خدمات المراكز الصحية للوكالة وأدويتها، كما أن أفراداً من أسرته تلقوا التعليم في مدارس الوكالة.
وتحدث شاهين لبي بي سي، عن اعتماد الكثير من المصابين بالأمراض المزمنة على أدوية الأونروا، وأكد على اعتراضهم على هذه الخطوة الإسرائيلية.
أهمل X مشاركة
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية
نهاية X مشاركة
في 24 يناير/كانون الثاني 2025، طالبت إسرائيل الأونروا بوقف عملياتها في القدس وإخلاء جميع منشآتها بحلول 30 يناير/كانون الثاني 2025.
وبناء على ذلك، أخلت الوكالة المركز في حي الشيخ جراح، وأغلقته إسرائيل.
صدر الصورة، Unrwa
في 18 فبراير/شباط دخلت قوات إسرائيلية، مركز تدريب للوكالة في قلنديا “بالقوة وأمروا بإغلاقه”، وبعد قرابة ثلاث ساعات من النقاش، غادرت القوات واستأنفت الوكالة التعليم في المركز الذي يضم 350 طالباً، وفق فريدريك.
وذكر المستشار الإعلامي لمحافظة القدس معروف الرفاعي لبي بي سي، أن إسرائيل أبلغت مركز قلنديا بضرورة الإخلاء، لكن حتى الآن لم يُجبر موظفو المعهد على إفراغ محتوياته، أو إيقاف التدريب.
وفي اليوم ذاته، حضر موظفون من الحكومة الإسرائيلية إلى مباني ثلاث مدارس في القدس الشرقية المحتلة وهددوا بإغلاقها.
وفي حال إغلاق المدارس، سيتأثر من هذا القرار 850 طالباً، مما يهدد مستقبلهم التعليمي، وفق فريدريك.
تأسست الأونروا عام 1949 وتنشط في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تقدم الخدمات للاجئين وخصوصا في مجالات التعليم والصحة والصرف الصحي.
حظر نشاط الوكالة
صدر الصورة، Getty Images
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
وأقر الكنيست الإسرائيلي، قانوناً يحظر نشاط الوكالة داخل إسرائيل، وقانونا آخر يمنع السلطات الإسرائيلية من إجراء اتصالات بالوكالة.
ويلغي القانون الأول اتفاقية تعود لعام 1967 سمحت لـ”أونروا”، بالعمل في إسرائيل.
وينصّ القانون على “ألّا تقوم أونروا بتشغيل أي مكتب تمثيليّ، ولن تقدم أيّ خدمة، ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في أراضي دولة إسرائيل”.
وقال فريدريك: “لم تتلقَ الأونروا أي إخطار رسمي من السلطات الإسرائيلية بشأن كيفية تنفيذ القانونين”.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر في وقت سابق إنّ “الأونروا تساوي حماس. لقد قدمت إسرائيل أدلة لا يمكن دحضها، والأونروا فيها الكثير من عناصر حماس”.
وتابع مينسر: “توظّف الأونروا أكثر من 1200 عضو من حماس، من بينهم إرهابيون نفذوا مذبحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول. هذه ليست مساعدة، هذا دعم مالي مباشر للإرهاب، ولذلك، اعتبارا من 30 يناير/كانون الثاني، وبما يتوافق مع القانون الإسرائيلي، لن يكون لإسرائيل أي اتصال مع الأونروا”.
وقال تقرير للوكالة العام الماضي إن “موظفي الوكالة تعرضوا للتهديدات والإكراه من قبل السلطات الإسرائيلية أثناء احتجازهم. كما تعرضوا لضغوط من أجل الإدلاء بأقوال كاذبة ضد الوكالة، بما في ذلك أنها على صلة بحماس وأن موظفي الأونروا شاركوا في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
وتعليقاً على التقرير قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن “الجيش يتصرف وفقاً للقانون الإسرائيلي والدولي لحماية حقوق الفلسطينيين المعتقلين”.
وقطعت دول عدة التمويل عن الأونروا التي أسست عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين في مختلف البلدان، بعدما اتهمت إسرائيل أكثر من عشرة من موظفيها في غزة البالغ عددهم 13 ألفا بالتورط بهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ولم تتمكن سلسلة من التحقيقات من العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية، مع إمكانية وجود موظفين “ربما كانوا متورطين” في الهجوم، وفق وكالة فرانس برس التي قالت إن الأونروا تكبدت خسائر فادحة وقُتل ما لا يقل عن 223 شخصاً من موظفيها وتضرر أو تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب”.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن رسالة من رئيس لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست يولي إدلشتاين إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حديثه عن “اكتشاف ثغرات كبيرة فيما يتعلق بتطبيق القوانين التي تضمنت بنداً يتعلق بتأخير بدء تنفيذ أحكام القانون، لغرض إعداد الدولة لتطبيق القوانين”.
عمل عن بُعد
وبعد منع جميع الموظفين الدوليين للأونروا في القدس من تجديد تأشيراتهم، “اضطر” الموظفون إلى المغادرة القسرية في 29 يناير/كانون الأول 2025، ليعمل الموظفون عن بعد منذ ذلك الحين، وفق فريدريك.
ويرى فريدريك أن هذا القرار، وكذلك فرض سياسة منع التواصل مع السلطات الإسرائيلية يؤثر على قدرة الأونروا على التواصل مع السلطات المختصة، ويعقد جهود الإغاثة والمساعدات في ظروف إنسانية غير مسبوقة.
“يشكل ذلك سابقة خطيرة لطرد موظفي الأمم المتحدة ومنعهم من أداء مهامهم الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، يقول فريدريك.
وتقدّم الأونروا الدعم للاجئين الفلسطينيين في دول عربية عدة منذ أكثر من 70 عاماً، وغالباً ما تعرضت لاتهامات من مسؤولين إسرائيليين بتقويض أمن إسرائيل.
الحوالات البنكية
وبشأن وقف إسرائيل للتحويلات الأمنية للوكالة عن طريق بنوكها، قال فريدريك إن “الوكالة لم تبلغ بأي إجراءات من السلطات الإسرائيلية بهذا الخصوص”.
لكنه أشار إلى “تجميد الحساب البنكي للوكالة في بنك هبوعليم الذي يضم 3 ملايين دولار في شهر آذار/مارس 2024”.
صدر الصورة، Reuters
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن بنوك إسرائيلية قولها إنها “لا ترضى بالصياغة الحالية للقانون، والتي بموجبها يُحظر على الهيئات العامة التواصل مع الأونروا، ويُعد تجميد حساب مصرفي خطوة دراماتيكية قد تُعرض البنك لدعاوى قضائية”.
وأضافت “لا ينص القانون صراحة على أن البنوك يجب أن تحظر الحسابات”.
وقال محافظ بنك إسرائيل أمير يارون إن “الأمر لا يزال قيد النقاش حالياً مع وزارتي العدل والخارجية، وننتظر إجابات وتفسيرات للقانون من الوزارتين”.
العام الماضي قرر بنك لئومي تجميد حساب الأونروا المصرفي، عقب إعلان وزارة الخارجية الأمريكية تجميد التحويلات المالية للوكالة.
التزام بالبقاء
وجدد المسؤول الأممي التزام الوكالة بالبقاء في الأراضي الفلسطينية وتقديم الخدمات رغم الضغوط الإسرائيلية.
وقال فريدريك إن أي محاولة لإغلاق وكالة الأونروا تتعارض مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تمنح الأونروا تفويضها، وليس لأي دولة منفردة الحق في تغييره.
ومددت الجمعية العامة للأمم المتحدة ولاية الوكالة حتى 30 حزيران/يونيو 2026.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الحظر الذي تريد إسرائيل فرضه على الأونروا، من شأنه أن ينتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة التأسيسي واتفاقية الأمم المتحدة المعتمدة في عام 1946 التي تتناول الامتيازات والحصانات الدبلوماسية الممنوحة لعمليات الأمم المتحدة.
وفي رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا غوتيريش إلى استمرار عمليات الأونروا وقال إن إسرائيل لا يمكنها استخدام القانون الوطني الذي يحظر الأونروا “كمبرر لعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي”.
أما منظمة العفو الدولية، قالت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن الأونروا “لعبت الأونروا دوراً لا غنى عنه في تقديم الغذاء والماء والمعونة الطبية والتعليم والمأوى لحوالي مليوني فلسطيني في غزة، الذين هُجّروا قسراً وتعرضوا لمجاعة مدبرة، ويواجهون خطر الإبادة الجماعية نتيجة لذلك، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر خلال الأشهر الـ12 الماضية” وفق تعبيرها.
وأضافت أن التشريع الإسرائيلي” يتعارض مع أمر محكمة العدل الدولية لإسرائيل بضمان وصول مساعدات إنسانية كافية، وتسهيل تقديم الخدمات الأساسية”.
ورأى الرفاعي، أن القرار الإسرائيلي “سياسي هدفه القضاء على مصطلح اللاجئين وقضية اللاجئين وحق العودة”.
وتواصل الأونروا البحث عن دعم مالي دولي لمواجهة أي تحديات تؤثر على قدرتها في تقديم المساعدات، وفق المسؤول الأممي الذي أوضح أن الوكالة لا تزال تقدم خدماتها بنجاح في غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.
ويتخوف المسؤول الأممي من تطبيق القانونين بشكل كامل وتأثير ذلك على الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وأوضح أن الأونروا هي العمود الفقري للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة، لتوفيرها الغذاء والمياه والصحة والتعليم لمئات الآلاف من اللاجئين.
ففي القطاع الذي دمرته الحرب التي استمرت 15 شهراً، توظف الوكالة 13 ألف شخص وتدير الاستجابة الإنسانية لمنظمات أخرى.
وتقول الوكالة الأممية إنها أدخلت 60 في المئة من المساعدات الغذائية التي وصلت إلى غزة منذ بدء الحرب.
ورأى فريدريك أن التطبيق الكامل قد يؤدي لمواجهة آلاف اللاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية كارثة إنسانية.
في كامل الضفة الغربية، توفر الأونروا التعليم إلى قرابة 47 ألف طالب في مدارسها، وتدريباً مهنياً لقرابة 1800 طالب، والرعاية الصحية عبر 43 مركزاً صحياً.
ويستفيد قرابة 40 ألف نازح من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس من المساعدات النقدية، والإيواء، والغذاء، والرعاية الصحية المقدمة من الوكالة.
“الأونروا هير أكبر مؤسسة إغاثية تعمل في الأراضي الفلسطينية، وبدون تدخل الوكالة ستزداد معدلات الفقر والتشرد، مما يهدد استقرار المجتمعات المتضررة”، يقول فريدريك.
المصدر: صحيفة الراكوبة