مؤتمر دولي حول السودان في غياب طرفي الصراع، وارتفاع الانتهاكات ضد الأطفال ألف في المئة

مؤتمر دولي حول السودان في غياب طرفي الصراع، وارتفاع الانتهاكات ضد الأطفال ألف في المئة
صدر الصورة، EPAEFE/REX/Shutterstock
في الوقت الذي تدخل فيه الحرب في السودان عامها الثالث، تستضيف لندن، الثلاثاء، مؤتمراً دولياً حول الوضع في السودان، تتشارك في عقده بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، في غياب الأطراف المتحاربة في السودان.
ويُتوقع أن يشارك في المؤتمر وزراء من 14 دولة إضافية، من بينها السعودية والولايات المتحدة، وممثلين عن الأمم المتحدة.
وكانت الحكومة السودانية قد احتجت على عدم دعوتها للمشاركة، إذ أرسل وزير خارجيتها، علي يوسف، رسالة في وقت سابق من شهر أبريل/نيسان الجاري، إلى وزير خارجية المملكة المتحدة ديفيد لامي، احتج فيها على تنظيم بلاده مؤتمراً حول السودان “دون دعوة الحكومة السودانية”.
واتهم يوسف المملكة المتحدة بـ “وضع قوات الدعم السريع شبه العسكرية على قدم المساواة مع الدولة السودانية”؛ لكن وزارة الخارجية الألمانية قالت إن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع “غير مستعدين للجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
من جهته، أكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن المؤتمر سيحشد المجتمع الدولي للاتفاق على “مسار لإنهاء المعاناة” في السودان، بعد عامين من الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل/نيسان عام 2023.
تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة نهاية
وقال لامي: “يجب ألّا تتفشى حالة عدم الاستقرار التي تدفع إلى الهجرة من السودان والمنطقة الأوسع، فسودان آمن ومستقر هو أمر ضروري لأمننا الوطني”.
وكشف لامي عن تقديم 120 مليون جنيه إسترليني (158 مليون دولار) كمساعدات جديدة للسودان، متعهداً بـ “ألّا تدع المملكة المتحدة السودان طي النسيان”.
وأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أن بلادها ستقدم مساعدات للسودان بقيمة 125 مليون يورو، مضيفة أن هذه الأموال ستُخصص لمساعدة منظمات الإغاثة الدولية والمحلية على “توفير الغذاء والدواء الضروريين بشكل طارئ لمن هم بحاجة ماسة إليهما” في السودان والمنطقة.
وأضافت بيربوك أن “الموت حقيقة دائمة في أجزاء كبيرة من السودان”، واصفة النزاع هناك بأنه “أكبر كارثة إنسانية في عصرنا”.
“ما زالت الإبادة الجماعية مستمرة”
صدر الصورة، Reuters
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
ميدانياً، قُتل أكثر من 400 سوداني في هجمات شنتها مؤخراً قوات الدعم السريع في منطقة دارفور غربي السودان، بحسب ما نقلت الأمم المتحدة عن “مصادر موثوقة”.
وقالت الأمم المتحدة إنها تحققت من مقتل 148 شخصاً بين يومي الخميس والسبت الماضيين، محذرةً من أن العدد الفعلي للقتلى أعلى بكثير.
وأضافت الأمم المتحدة أن تسعة على الأقل من عمال الإغاثة الإنسانية كانوا من بين القتلى.
ونقلت وكالة فرانس برس، عن ناشطين، أن 56 مدنياً على الأقل قتلوا خلال يومين في مدينة أم كدادة بإقليم دارفور غربي السودان، في هجمات نُسبت إلى قوات الدعم السريع التي سيطرت مؤخراً على المدينة.
وقالت “تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر”، في بيان، الأحد، إن قوات الدعم السريع، وبعد سيطرتها على مدينة أم كدادة، “أقدمت على تصفية 56 من سكان المدينة على أساس عرقي”.
وشنت قوات الدعم السريع هجوماً برياً وجوياً خلال الأسبوع الماضي، استهدف مخيمات النازحين المحيطة بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر مدينة رئيسية خارج سيطرتها في المنطقة.
وتوفر مخيمات زمزم وأبو شوك، المحيطة بمدينة الفاشر، الإيواء لأكثر من 700 ألفاً، كثيرون منهم يواجهون ظروفاً أشبه بالمجاعة.
صدر الصورة، Reuters
وفي يوم الأحد الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مخيم زمزم، واتهمت الجيش السوداني باستخدامه كـ “ثكنة عسكرية”، و”استخدام المدنيين كدروع بشرية”.
ونفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن الهجمات ضد المدنيين، قائلة إن “مشاهد القتل في مخيم زمزم كانت مفبركة لتشويه سمعتها”.
وفر كذلك نحو 400 ألفاً من مخيم زمزم، بحسب ما قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، مضيفة أن ما بين 60 و 80 ألف أسرة نزحت من المخيم بسبب “تزايد انعدام الأمن”.
وأفادت منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الطبية أن كثيرين فرّوا لمسافة سبعين كيلومترا إلى بلدة طويلة، وهم يعانون من جفاف شديد، ويتحدثون عن أعمال عنف مروعة.
وقال الطيب إدريس بركة، وهو مسؤول سوداني في مجلس حكومة ولاية شمال دارفور بمدينة الفاشر، “وقع هجومٌ عنيفٌ على مخيم زمزم للنازحين، جريمةٌ شنيعةٌ بحق، وما زالت الإبادة الجماعية مستمرة”.
وأضاف لبي بي سي أن “ثلاثة أيامٍ من هجوم قوات الدعم السريع على المخيم، والناس يفرون منه بسبب القصف المدفعي العنيف. قُتل العديد من الأطباء على يد قوات الدعم السريع وعمال الإغاثة الدوليين الذين يعملون في المخيم منذ عام 2008”.
ارتفاع الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال بنسبة 1000%
صدر الصورة، WFP/Reuters
على صعيد متصل، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الاثنين، أن عدد الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في السودان، ارتفع بنسبة 1000 في المئة بعد عامين من الحرب الأهلية.
وقالت المديرة التنفيذية للوكالة الأممية، كاثرين راسل، في بيان، إن عامين من الحرب والنزوح “حطّما حياة ملايين الأطفال” في سائر أنحاء السودان.
وسلطت اليونيسف في بيانها الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، بما في ذلك تعرضهم للقتل والتشويه والاختطاف والتجنيد القسري والعنف الجنسي، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات “ازدادت بنسبة ألف في المئة خلال عامين”.
بدورها، حذرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، من أن المدنيين في السودان “عالقون في كابوس لا ينتهي من الموت والدمار”.
كما حذرت بعثة تقصي الحقائق الأممية من أن “الفصول الأكثر قتامة لهذا النزاع لم تتكشف بعد”.
وقد أدت الحرب إلى نزوح نحو 13 مليوناً، لجأ أكثر من ثلاثة ملايين منهم الى دول الجوار، بحسب ما كشفت الأمم المتحدة، الاثنين.
ونقلت وكالة فرانس برس عن المسؤول الإقليمي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، عبد الرؤوف غنون كوندي، أن النساء والأطفال يشكلون نحو 88 في المئة من المهجرين في السودان، وأن العديد من النسوة “أكدن تعرضهن للاغتصاب”.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 أبريل/نيسان 2023، على خلفية الصراع على السلطة، وتحوّلت البلاد إلى مناطق نفوذ متقاسمة تواجه أزمة انسانية تُعد من الأسوأ على مر الأعوام.
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف وتسببت في أزمة إنسانية تُعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين.
وأصبحت السيطرة في البلاد مقسّمة عملياً بينهما، إذ يسيطر الجيش على الخرطوم ومساحات واسعة في الشرق والشمال، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور غرباً، وأجزاء من الجنوب.
المصدر: صحيفة الراكوبة