مؤتمر “تقدم”.. كواليس لم تُنشر
عقدت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” مؤتمرها التأسيسي بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا في الفترة من 26 إلى 30 مايو الماضي، بحضو أكثر من 600 مشارك، وفقًا لتقديرات اللجنة التحضيرية للمؤتمر.
انعقد المؤتمر بفندق “سكاي لايت” بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا، وقد كان أغلب المشاركين قادمين من خارج السودان بينما كانت هناك قلة جاءت من كردفان ودارفور عبر جنوب السودان، بينما تعذر وصول المشاركين من مناطق سيطرة الجيش، بسبب عرقلة سفرهم في بورتسودان والقضارف وسنار.
وحسب متابعات “دارفور24” فإن السلطات في مدن بورتسودان والقضارف وسنار عرقلت سفر عشرات الأشخاص ممن تم اختيارهم من قواعدهم الشعبية للمشاركة في المؤتمر.
وبينما رفضت السلطات الأمنية في مدينة القضارف شرقي السودان، منح تصاريح سفر لبعض ممن كانوا يعتزمون العبور برًا إلى إثيوبيا، اعتقلت السلطات الأمنية في مدينة سنار آخرين وصادرت جوازاتهم قبل أن تطلق سراحهم لاحقًا.
ويمثل المشاركون في المؤتمر التأسيسي لتنسيقية “تقدم” قوى سياسية ممثلة في تحالف قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية والحزب الجمهوري، إضافة إلى المجتمع المدني وتجمع المهنيين السودانيين ولجان مقاومة، فضلًا عن ممثلين لفئات مهنية مثل “مزارعين ورعاة وإدارات أهلية وطرق صوفية وآخرين.
الشعبية والشعبي
وكان لافتًا مشاركة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو، بوفد رفيع يقوده الأمين العام عمار أمون، إضافة إلى مشاركة المؤتمر الشعبي بقيادة علي الحاج، بوفد قاده نائب الأمين العام الدكتور محمد بدرالدين، فضلًا عن مشاركة الحزب الاتحادي الأصل بوفد مثله إبراهيم الميرغني.
ووجدت مشاركة هذه التنظيمات خصوصًا الحركة الشعبية تجاوبًا لافتًا من المشاركين في المؤتمر، ظهر ذلك من خلال التصفيق الداوي والوقوف من قبل حضور جلستي الافتتاح والختام أثناء ذكر أو تقديم ممثلي هذه التنظيمات.
وأعلن عمار أمون، في كلمته خلال الجلسة الختامية إلتزام الحركة الشعبية بما وقعته مع تنسيقية “تقدم” في “اعلان نيروبي”، بينما أعلن محمد بدرالدين استمرار القطيعة مع حزب المؤتمر الوطني المتهم بالوقوف وراء استمرار الحرب.
ربكة الافتتاح
شهد يوم الافتتاح الذي تأجل من يوم 26 مايو إلى اليوم التالي تشديد الإجراءات الأمنية على الحضور، حيث تم منع المشاركين من الدخول بهواتفهم بمن فيهم بعض الصحفيين، مع استثناء آخرين ممن تمت دعوتهم بواسطة “تقدم”.
وفي اليوم التالي تدارك المسؤول عن الترتيبات الأمنية خالد شاويش، خطأ منع الصحفيين من الدخول بهواتفهم، وطلب تسجيل أسمائهم في ورقة لدى بوابة الدخول، ليتمكنوا بعدها من الدخول بهواتفهم.
جلس في منصة الجلسة الافتتاحية كل من الدكتور عبدالله حمدوك وفضل الله برمة ناصر ومحمد حسن التعايشي والهادي ادريس وأسماء محمود محمد طه، بينما تحدث ثلاثة فقط من الجالسين هم “حمدوك، الهادي، أسماء”.
أجندة العسكر ومطالب التحول الديمقراطي
وبحسب متابعات “دارفور24″ فإن أذرع طرفي الحرب لم تكن بعيدة عن باحة فندق ”سكاي لايت” فبحسب مصدر مطلع فإن المؤتمر ضم مشاركين من أنصار الجيش السوداني وآخرين لقوات الدعم السريع، بيد أن الأغلبية هم أنصار التحول المدني الديمقراطي كما طالبت بذلك شعارات الثورة السودانية، وفق المصدر.
وكانت الهتافات بشعارات الثورة السودانية داوية في أرجأ الفندق الذي يستضيف الفعالية، وبدأ واضحًا أن أنصارها هم أصحاب الصوت العالي، مما أثار حفيظة أنصار “الدعم السريع” المتواجدين ضمن المشاركين.
كانت هتافات “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” تشق عنان السماء ويتردد صداها في ردهات “سكاي لايت” مصحوبة بزغاريد تحاكي تلك التي كانت تؤذن ببدء مواكب الرفض لنظام الرئيس السابق عمر البشير.
لقد كانت هذه الهتافات أكثر حضورًا في اليوم الختامي حيث انتقلت إلى داخل قاعة الجلسة الختامية ودوت بطريقة استفزت أحد الحضور الذي جاء يمثل قوات الدعم السريع حقيقة لا الجسم الذي انتحله ذورًا، فنهض من كرسيه وهو يهتف “جاهزية سرعة حسم” ولما بدأ هتافه نشاذًا في تلك اللحظات تدخل البعض لثنيه عما يفعل، لكنه رفض وأصرّ على الهتاف، فجاء أحدهم من الخلف وعاجله بضربة عنيفة على وجهه ثم تدخل آخر قبل أن يأتي الأمن الاثيوبي ويقتادهم إلى الخارج.
الشاهد أن كثيرًا من أنصار حزب الأمة القومي باتوا موزعين الولاء ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فخلال أيام انعقاد مؤتمر “تقدم” شهد الحزب خلافات عميقة كادت أن تؤدي إلى انقسامه بين أديس أبابا وبورتسودان.
وجاء كثير من أنصار حزب الأمة القومي من دارفور وكردفان للمشاركة في مؤتمر “تقدم” بأجندة قوات الدعم السريع أكثر من رفعهم لأجندة التحول المدني الديمقراطي.
وفي الأثناء كانت هنالك مجموعة أخرى بحزب الأمة القومي مناوئة لمؤتمر “تقدم” كادت أن تشق الحزب حينما عقدت مؤتمرًا صحفيًا في مدينة بورتسودان بالتزامن مع الجلسة الختامية للمؤتمر التأسيسي لتنسيقية تقدم، كالت فيه الهجوم والاتهامات لـ”تقدم”.
ويمثل تيار حزب الأمة القومي في تنسيقية “تقدم” كل من رئيسه المكلف فضل الله برمة ناصر، وأمينه العام الواثق البرير، وقيادات أخرى بارزة مثل صديق الصادق المهدي الذي تم اختيارها أمينًا عامًا لتنسيقية تقدم.
فيما يتواجد في المجموعة الأخرى المناوئة لتنسيقية “تقدم” كل من مريم الصادق المهدي وعبدالرحمن الصادق ورباح الصادق، والفريق صديق إسماعيل، بينما كان لافتًا حضور رئيس المكتب السياسي للحزب محمد المهدي حسن، مشاركًا في مؤتمر “تقدم” وهو الذي كان حاضرًا كل الاجتماعات التي عقدتها مجموعة بورتسودان في العاصمة المصرية القاهرة.
دارفور24
المصدر: صحيفة الراكوبة