مآلات الحرب

التقي البشير الماحي

اتفق الناس أو اختلفوا كان لقاء اللواء برمة ناصر أكثر صراحة ووضوحاً فالجنرال جمع بين خصلتين إحداهما اكتسبها من كونه ينتمي لمجموعة حرفتها الرعي لا يجيدون زخرف الحديث والثانية من كونه ضابطاً سابقاً بالقوات المسلحة لذلك لم يجد مذيع قناة الجزيرة صعوبة في تلقي ردوده الواضحة وهذا الوضوح ظهر جلياً في موقفه المعلن يوم أن يمّم وجهه تجاه تنظيمهم الجديد “تأسيس” وهو تنظيم لم يظهر فجأة في الساحة فالمتابع الجيد قد يتذكر الاجتماع الشهير الذي جرى لمجموعة من أبناء دارفور في العاصمة لومي عاصمة دولة توغو في يوليو من العام 2023 والذي كان معظم حضوره من قيادات وأبناء دارفور الداعمين للاتفاق الإطاري مثل نصر الدين عبد الباري ومحمد حسن التعايشي وقد قاطعته قوى دارفورية أخرى خاصة أن ذلك الملتقى عُقد بعد أحداث الجنينة وقد عده البعض محاولة يائسة لتلميع صورة الدعم السريع وهو كان من اللبنات الأولى لتحالف “تأسيس”.

لقاء الأمس أجاب على الكثير من الأسئلة خصوصاً فيما يتعلق بموقف حزب الأمة من الحرب فحديث برمة ناصر كان واضحاً فيما يتعلق بحواضن اجتماعية تُعد من مناطق ثقل حزب الأمة وقد عدّدها، فقد نال الحزب مجموع 36 دائرة من مجموع 38 دائرة في دارفور و24 دائرة من مجموع 28 دائرة في كردفان لذلك كان لا بد للحزب أن يقف مع قواعده وهو يرى أن البندقية لا بد أن تُواجه بالبندقية وهو موقف غير مستغرب لخلفيته العسكرية التي ترى أن الإسلاميين استخدموا البندقية في الانقلابين.

دعوة اللواء برمة ناصر سبقها عليه المستشار آنذاك يوسف عزت في مقال مطوَّل كان حانقاً فيه على موقف بعض القوى المدنية التقدمية وهو يرى أنه لا فرق بين ما يدعو له من تحالف وما حدث مع قرنق في السابق فيما يعرف بالتجمع الوطني الديمقراطي الذي اختار في يوم ما البندقية كوسيلة للتغيير وقد شاركت معظم الأحزاب بأعداد من القوات وأظن أن التجربة السابقة كانت كفيلة بأن تُرفض الآن لما حدث بعد ذلك للتحالف ولعدم وضوح رؤية الدعم السريع ومساره الفكري بخلاف ما كانت تتمتع به الحركة الشعبية في ذلك الوقت من أفكار ورؤى.

أعتقد أن ما دفع بعض القوى المدنية للتحالف مع الدعم السريع بعد ذلك أفرزه تعنت الجيش مصحوباً بتضييق الخناق عليها مع حملة شرسة صوّرت القوى المدنية كحليف للدعم السريع وسعت لتخريب العلاقة بينه وبين المكون العسكري ولم يرغب الجيش حتى في استمالتهم.

السيد اللواء برمة ناصر له إلمام جيد بقبائل غرب السودان وذلك بالانتماء والتي عمل الترابي يوماً على وراثتها من حزب الأمة.

واقع الحرب وما يحدث بعدها قد يمكّن حزب الأمة من العودة إلى مناطق نفوذه التقليدية وقد نسف كرتي وأعوانه ما عمل عليه الدكتور حسن عبد الله الترابي في سنين وقد اختار يوماً الانحياز لهم في مفاصلتهم الشهيرة.

الحرب تعيد تعريف الأشياء وأنصار الإمام المهدي برزوا للوجود كأنصار بعد أن ناصروه في حروبه التي خاضها ضد الإنجليز.

مناطق غرب السودان يحكمها واقع الحال والذي إذا تحدث قال إن الدولة السودانية تركتهم كما كانوا ولم تقم بواجباتها تجاههم بل اساءت استخدامهم في حروبها التي لم تتوقف.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.