لهيب الحرب في قلب السودان ..!!؟؟

د. عثمان الوجيه
في قلب السودان، حيث تجتمع مدن الخرطوم الثلاث : الخرطوم، أم درمان، والخرطوم بحري، اشتعلت نيران حرب ضروس بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع المتمردة، الجيش السوداني، بعد أن استعاد السيطرة على أجزاء واسعة من الخرطوم، لم يتبق أمامه سوى الأحياء الجنوبية وأجزاء من الأحياء الغربية لأم درمان، في أم درمان، وحدات من الجيش السوداني تخوض معارك شرسة، محققة تقدماً ملحوظاً، في المقابل، مليشيا الدعم السريع المتمردة تكثف هجماتها الوحشية على المدنيين في جنوب الخرطوم، أم درمان، وولايات الجزيرة، شمال دارفور، مستخدمة القصف المدفعي والطائرات المسيّرة، مستهدفة الأسواق، الأحياء السكنية، وتجمعات المواطنين، هذه الهجمات الوحشية تسببت في سقوط العديد من القتلى والجرحى، وسط تنديد مستمر من المنظمات المحلية والدولية، الجيش السوداني حقق تقدماً كبيراً في وسط وغرب الخرطوم، واستعاد القصر الرئاسي الذي كان تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع المتمردة منذ بداية الحرب، كما استعاد مقار وزارات ومؤسسات حكومية، ومناطق واسعة مثل المقرن وجزيرة توتي، الجيش السوداني أعلن عن استمرار عمليات التمشيط العسكري في وسط العاصمة، ونشر مقاطع فيديو تظهر سيطرته على مجمع الواحة في السوق العربي، وأبراج البركة، وفندق أراك، والجامع الكبير في السوق نفسه، في أم درمان، الجيش والقوات المساندة له شنوا هجمات على مواقع مليشيا الدعم السريع المتمردة في جنوب غرب المدينة، وسيطروا على أحياء سكنية ومؤسسات، القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح أعلنت عن تحرير أحياء المهندسين، المنصورة، تقاطع البلابل، شارع عمر مختار، البستان، مليشيا الدعم السريع المتمردة ردت بتكثيف هجماتها على الأحياء السكنية في أم درمان، مما أسفر عن مقتل وجرح مدنيين، في جنوب الخرطوم، الوضع الأمني تدهور بسبب اعتداءات مليشيا الدعم السريع المتمردة على المواطنين، المدنيون يعيشون في خوف دائم، والبعض يغادر المنطقة، مليشيا الدعم السريع المتمردة هاجمت قرية حبيبة في ولاية الجزيرة، وقرى الحضيراب والفدقوبة، مما تسبب في نزوح وقتل ونهب، وفي شمال دارفور، سيطرت مليشيا الدعم السريع على مدينة المالحة، وارتكبت جرائم وحشية بحق المدنيين، لجان المقاومة في الفاشر أعلنت عن مقتل 45 مدنياً في هجوم المالحة، الجيش السوداني يشن غارات جوية على تجمعات مليشيا الدعم السريع المتمردة في محيط الفاشر، مما أسفر عن مقتل قادة وتدمير آليات، الأمم المتحدة أدانت نهب مواد إغاثة إنسانية من مستشفى بشائر في جنوب الخرطوم، وحذرت من تصاعد العنف ضد المدنيين في الخرطوم، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تلقت تقارير مقلقة حول تصاعد العنف ضد المدنيين في الخرطوم، هذه الحرب تركت ندوباً عميقة في قلب السودان، ندوباً من الخوف والفقدان، ندوباً من العنف والدمار، المدنيون، العالقون بين مطرقة الجيش وسندان مليشيا الدعم السريع المتمردة، يدفعون الثمن الأكبر .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي : أنا، كغيري من أبناء وطني السوداني، سواء كانوا في الداخل أو في المنفى الاختياري الذي فرضته علينا الظروف، غمرتني فرحة عارمة بالنجاح الباهر الذي حققه منتخبنا الوطني السوداني (صقور الجديان) لقد تصدر مجموعته، وأصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلم الوصول إلى كأس العالم 2026م في أمريكا وكندا، ولم تقتصر الفرحة على ذلك، بل زادتها تألقاً وصول فريق الهلال السوداني (هلال الملايين وسيد البلد) إلى ربع نهائي كأس أبطال أفريقيا، يا له من إنجاز عظيم، يتحقق في ظل ظروف قاسية لا يمكن تصورها، فبلادي تخوض حرباً ضروساً منذ 15 أبريل 2023م، حرباً بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع المتمردة، حرباً أزهقت آلاف الأرواح، وشردت الملايين، وقضت على كل ما هو جميل في بلادي، ورغم هذه الظروف المأساوية، استطاع أبطال منتخبنا الوطني وفريق الهلال أن يحققوا المستحيل، لقد تمرنوا ولعبوا خارج أرض الوطن، بعيداً عن جماهيرهم، ولكنهم حققوا نتائج مبهرة، نتائج لم يصل إليها منتخبنا منذ عام 1970م، ونتائج جعلت فريق الهلال يصل إلى مراحل متقدمة في البطولة الأفريقية، ولكن، يا أحبائي، لا يمكنني أن أغفل عن حقيقة أن المباراتين القادمتين ستكونان الأصعب، فالمنافسة ستكون أشد، والتحديات ستكون أكبر، ولكن، هل هذا مبرر لليأس والإحباط؟ هل نستسلم قبل أن نخوض المعركة؟ لا وألف لا! إن ما حققه أبطالنا حتى الآن هو دليل على قوتهم وعزيمتهم، لقد أثبتوا أنهم قادرون على تحقيق المستحيل، وأنهم لا يعرفون اليأس، فلنكن لهم سنداً وعوناً، ولنقف خلفهم بكل قوة، ولنشجعهم بكل حماس، فمعاً، سنحقق الحلم، وسنرفع راية السودان عالياً في المحافل الدولية
Together, we will achieve the dream and raise the Sudanese flag high in international forums
وعلى قول جدتي: “دقي يا مزيكا !!”.
خروج: “منشار ماسك في واشنطن: حين تحولت الديمقراطية إلى فوضى!!” بعد شهرين من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، غرقت واشنطن وعواصم الولايات في فوضى إدارية عارمة، كان السبب في ذلك الإعصار الذي أطلقه إيلون ماسك، الملياردير الجنوب أفريقي الأصل، الذي أنفق ما يقارب ثلاثمئة مليون دولار لدعم حملة ترامب الانتخابية، كافأ ترامب ماسك بإنشاء وزارة خاصة به تحت اسم “وزارة الكفاءة الإدارية”، مهمتها الإشراف المباشر على جميع الوزارات والمؤسسات والبرامج الفيدرالية، والكشف على ميزانياتها ومصروفاتها “لخفض الإنفاق الفيدرالي ووقف الهدر والاحتيال!”، أصبح ماسك فعليًا رئيسًا للحكومة وشريكًا في قمة السلطة التنفيذية بصلاحيات مطلقة، صدر المرسوم التنفيذي الأول من ترامب في اليوم الأول لعودته، وسط احتفال إعلامي في الصحف والمواقع اليمينية المحافظة، التي قدمت ماسك كمنقذ لأمريكا من “البيروقراطية الفاسدة”، كانت البيروقراطية هدفًا دائمًا للحزب الجمهوري منذ عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان في الثمانينات، حيث هاجموا البرامج والمبادرات التي نشأت بعد إقرار الحقوق المدنية والدستورية في الستينات والسبعينات، وخاصة سياسة “العمل الإيجابي” التي تهدف إلى إنصاف السود والملونين والنساء والسكان الأصليين والمهاجرين والفئات المهمشة، استهدف ريغان شبكات الأمان الاجتماعي بعد قصة “ملكة الولفير” الخيالية، التي أثارت خيال الأمريكيين البيض، وخاصة في الولايات الجنوبية التي لم تتخلص من صدمة خسارة الحرب الأهلية وتحرير العبيد، لكن نسخة ترامب من التحامل على الأمان الاجتماعي كانت أوسع وأعمق، بعد أن استغل التحولات الديموغرافية في ولايات مثل كاليفورنيا وكولورادو وواشنطن ونيفادا وأريزونا، التي أصبحت محسوبة على الحزب الديمقراطي، فوز الجمهوريين في انتخابات الرئاسة والكونغرس والمحكمة الدستورية العليا منح ترامب وماسك منصة آمنة لتدمير الحكومة الفيدرالية، التي يعتبرها المحافظون مصدرًا لعدم المساواة، كانت برامج التعددية والمساواة والإدماج أولى أهداف إدارة ترامب ووزارة ماسك، حيث صدرت مراسيم في اليوم الأول تقضي بفصل وإنهاء خدمات جميع الموظفين العموميين وإلغاء جميع الإدارات والمكاتب التي تعمل في هذه البرامج، وحظر برامج العدالة البيئية، والانسحاب من معاهدة باريس المناخية، ووقف التعيينات في كل الوزارات، وفصل جميع المعنيين بحماية حقوق المثليين والمتحولين جنسيًا، رحّب اليمين الديني المتزمت بمراسيم اليوم الأول، لكن التركيز انتقل في اليوم التالي إلى الأمور الحيوية التي تهم ملايين المواطنين، فجأة، وجدت أمريكا نفسها في بحر هائج من التجريب والتخريب، حيث أصبحت وزارات وإدارات كانت مثالًا للكفاءة مستباحة لمراهقين وشباب من خريجي هندسة الكمبيوتر والبرمجيات العاملين في شركات ماسك، قدّرت صحيفة “نيويورك تايمز” عدد البرامج التي ينوي ماسك تخفيضها أو إلغاءها بـ 2600، وشملت وزارات أساسية ووكالات حيوية، في وزارة الخارجية، بدأ ماسك بإلغاء برامج التعددية والمساواة والإدماج والخدمات المتعلقة بحقوق الإنسان والتواصل الثقافي والأبحاث العلمية، وتقليص عدد السلك الدبلوماسي والموظفين الإداريين، وصرف أغلبية الموظفين المحليين، أما وزارة الدفاع، الأكبر والأقدم في الحكومة الفيدرالية، فقد بدأ التخفيض فيها من الشريحة الأكثر هشاشة، أي المثليين والمستفيدين من برامج التعددية والمساواة، بعد فصل رئيس هيئة الأركان وقائدة العمليات البحرية ونائب قائد القوات الجوية، وتسريح الموظفين الجدد، في وزارة الزراعة، ألغت وزارة ماسك برامج التغذية التي يستفيد منها ملايين الطلاب والفقراء والمشردين، وأقفلت نصف المراكز الإقليمية والمحلية، وسرحت آلاف الموظفين، وقلصت موازنات وملاك المراكز البحثية، فيما تشن وزارة ماسك غزواتها “التطهيرية” على باقي الوزارات، يبدو أن وزارة التربية ستكون الهدف الأسهل، حيث تم تسريح نصف موظفيها، وتعمل الوزيرة على إلغاء الوزارة كليًا في المستقبل القريب، لم يسلم من فأس ماسك الوكالات الفيدرالية المستقلة، مثل مؤسسة الضمان الاجتماعي ومصلحة الضرائب والمعهد الوطني للصحة وإدارة الملاحة الجوية والفضاء ووكالة الطوارئ وإدارة المناخ والمحيطات ومكتب حماية المستهلك والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أعلن ترامب بعد ثلاثة أسابيع على ولايته الثانية تسريح مجلس إدارة مركز كينيدي للفنون الجميلة وعين نفسه رئيسًا للمركز، لأسباب كيدية تعود إلى رفض الأطياف الثقافية والفنية له، حوّل ترامب الأرقام إلى وجهة نظر، وادعى أنه سيوفر على الخزينة 2 ترليون دولار سنويًا، وجعل الحقائق مجرد آراء، واستبدل الاستقرار الذي طالما تباهت به أمريكا بعشوائية تقوم على إنهاك الناس بصدمات متتالية، هكذا، تحولت الديمقراطية الأمريكية إلى فوضى، وأصبح إيلون ماسك، بمنشاره الكهربائي، يهدد أول ديمقراطية دستورية في العالم.. #أوقفوا الحرب ولن أزيد،،
والسلام ختام.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة