اخبار السودان

لماذا يواجه ترامب صعوبة بوقف إطلاق النار في أوكرانيا؟

لماذا يواجه ترامب صعوبة بوقف إطلاق النار في أوكرانيا؟

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، ظن ترامب أن بإمكانه التوصل إلى تسوية للصراع في أوكرانيا في يوم واحد، لكن ذلك لم يتحقق
  • Author, جيمس لاندايل هنا شورنوس
  • Role, مراسل الئؤون الدبلوماسية بي بي سي نيوز

عندما التقى دونالد ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نيويورك في سبتمبر/ أيلول الماضي، أبدى المرشح الرئاسي الأمريكي آنذاك ثقته بقدرته على إنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة. وقال ترامب آنذاك: “إذا فزنا، أعتقد أننا سنُنهيها بسرعة كبيرة”.

لكن مفهوم السرعة الذي قصده الرئيس الأمريكي تفاوت بمرور الوقت. فقبل هذه التصريحات بأيام قليلة في مناظرة تلفزيونية، تعهد ترامب بإنهاء الحرب قائلاً: “سوف أسوي هذا الأمر حتى قبل أن أصبح رئيساً”. كان ذلك تشديداً على التزامه السابق الذي قطعه على نفسه في مايو/ أيار 2023 بوقف القتال خلال أول 24 ساعة من رئاسته للولايات المتحدة.

ومر الآن أكثر من شهرين على تولي ترامب منصبه، وربما دفع ذلك البيت الأبيض إلى أن يتبنى قناعة بأن محاولة إنهاء صراع مرير ومعقد مثل هذا قد تستغرق وقتاً طويلاً.

وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه نهاية الأسبوع الماضي، اعترف الرئيس ترامب بأنه عندما وعد بإنهاء الحرب خلال يوم واحد، كان ذلك “ينطوي على القليل من السخرية”.

وهناك أسباب كثيرة وراء الوتيرة البطيئة التي تسير عليها الأمور على صعيد مفاوضات وقف إطلاق النار في أوكرانيا مقارنةً بما توقعه فريق ترامب في وقتٍ سابق.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة

قصص مقترحة

قصص مقترحة نهاية

السبب الأول: أن إيمان الرئيس الأمريكي بقوة دبلوماسيته الشخصية والفردية قد يكون في غير محله. فطالما كانت لدى ترامب قناعة بإمكانية حل أي مشكلة دولية بمجرد جلوسه مع زعيم آخر وتوصله إلى اتفاق.

ودخل ترامب في محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير/ شباط الماضي لحوالي ساعة ونصف الساعة، والتي وصفها الرئيس الأمريكي بأنها كانت “مثمرة للغاية”. ثم تحدث الزعيمان مجدداً في 18 مارس/ آذار الحالي.

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة

يستحق الانتباه نهاية

لكن من الواضح أن هذه المحادثات عبر الهاتف فشلت في تأمين وقف إطلاق نار مؤقت فوري لمدة 30 يوماً، وفقاً لما كان يريده ترامب. وكان التنازل الجوهري الوحيد الذي انتزعه من بوتين هو وعد بإنهاء الهجمات الروسية على منشآت الطاقة الأوكرانية، وهو التزام اتهمت أوكرانيا الرئيس الروسي بنقضه بعد ساعات من المحادثات.

السبب الثاني: قد يتمثل في خطط لدى الرئيس الروسي الذي أكد أنه لا ينوي التسرع. وبالفعل، كانت التصريحات الأولى لبوتين حول المفاوضات الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي، أي بعد شهر كامل من المحادثات مع ترامب.

وأبدى بوتين معارضته القاطعة لاستراتيجية الولايات المتحدة ذات المرحلتين، والمتمثلة في السعي إلى وقف إطلاق نار مؤقت قبل الحديث عن تسوية طويلة الأجل. وبدلاً من ذلك، قال إن أي محادثات يجب أن تتناول ما يراه “الأسباب الجذرية للحرب”، أي مخاوفه من أن توسع حلف شمال الأطلسي “ناتو” ووجود أوكرانيا كدولة ذات سيادة يُشكلان تهديدًا لأمن روسيا. كما طرح تساؤلات وشروطاً تفصيلية لابد من الإجابة عليها وتلبيتها قبل التوصل إلى أي اتفاق.

السبب الثالث: ربما أخطأت الاستراتيجية الأمريكية عندما ركزت على أوكرانيا. فقد توصل البيت الأبيض إلى قناعة بأن الرئيس زيلينسكي هو العقبة أمام السلام. كما يعترف دبلوماسيون من الغرب بأن الحكومة الأوكرانية لم تدرك بالسرعة الكافية مدى تغير العالم مع وصول ترامب.

لكن الضغوط الأمريكية على كييف، والتي أدت إلى المواجهة المشينة في المكتب البيضاوي بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني ــ عندما هاجم ترامب ونائبه جيه دي فانس الزعيم الأوكراني ــ استهلكت وقتاً وجهداً ورأس مال سياسي.

كما أدى ذلك إلى الإضرار بالعلاقات عبر الأطلسي، مخلفاً توتر في العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة، وهي مشكلة دبلوماسية أخرى استغرقت وقتاً لتسويتها. في غضون ذلك، جلس فلاديمير بوتين مستمتعاً بالعرض، منتظراً الفرصة المناسبة.

السبب الرابع”: القدر الكبير من التعقيد الذي ينطوي عليه هذا الصراع قد يجعل كل الحلول صعبة المنال. كان العرض الأوكراني في البداية يتمثل في وقف مؤقت لإطلاق النار جواً وبحراً. وهي الفكرة التي يرجح أنها كانت مباشرة بما فيه الكفاية لمراقبة تقدمها.

لكن في محادثات الأسبوع الماضي في جدة، أصرت الولايات المتحدة على أن يشمل أي وقف فوري لإطلاق النار خط الجبهة الشرقية الذي يمتد لأكثر من 1200 كيلومتراً. وكان هذا الشرط ينطوي على قدر كبير من التعقيد في الإجراءات اللوجستية اللازمة للتحقق من أي وقف لإطلاق النار، وهو ما رفضه بوتين.

معدات

صدر الصورة، Genya Savilov/AFP

التعليق على الصورة، معدات من محطة طاقة أوكرانية دمرتها روسيا تُعرض في وسط العاصمة الأوكرانية كييف

لكن حتى موافقته على الاقتراح الأكثر تواضعاً بإنهاء الهجمات على البنية التحتية للطاقة لا تخلو من بعض المشاكل. فتفاصيل هذا الاقتراح ستشغل حيزاً كبيراً من المفاوضات الفنية المتوقع إجراؤها في السعودية الاثنين المقبل. ومن المقرر أن يعد خبراء عسكريون وخبراء في مجال الطاقة قوائم مفصلة بمحطات الطاقة المُحتملة النووية وغيرها التي يمكن حمايتها.

ومن المقرر أن يحاول الطرفان الاتفاق على أنظمة الأسلحة التي لا ينبغي استخدامها. لكن الاتفاق على التفريق بين الطاقة والبنية التحتية المدنية الأخرى قد يستغرق بعض الوقت. ولابد أن نأخذ في الاعتبار أن أوكرانيا وروسيا ليس بينهما قناة اتصال مباشر؛ إذ يتم التواصل على أساس منفصل وثنائي مع الولايات المتحدة التي تعد بتبادل الزيارات بين الجانبين. وبالطبع يستغرق ذلك المزيد من الوقت في العملية الدبلوماسية.

السبب الخامس: أدى تركيز الولايات المتحدة على الفوائد الاقتصادية لوقف إطلاق النار إلى صرف الانتباه عن أولوية إنهاء القتال. وأمضى ترامب وقتاً في محاولة التوصل إلى اتفاق إطاري يتيح للشركات الأمريكية الوصول إلى المعادن الأوكرانية الأساسية. واعتبر البعض هذا استثمار أمريكي في مستقبل أوكرانيا في حين اعتبره آخرون ابتزازاً لموارد البلاد الطبيعية.

وأكد الرئيس زيلينسكي في البداية أنه لا يمكنه الموافقة على أي صفقة إلا إذا وعدت الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بضمانات أمنية لردع أي عدوان روسي مستقبلي. ورفض البيت الأبيض ذلك، قائلاً إن وجود شركات التعدين والعمال الأمريكيين سيكون رادعاً بما فيه الكفاية لتجنيب أوكرانيا المزيد من الهجمات الروسية. في النهاية، أقر زيلينسكي بالهزيمة وقال إنه سيوافق على صفقة المعادن النادرة دون ضمانات أمنية. لكن على الرغم من ذلك، لم توقع الولايات المتحدة على الاتفاقية بعد، آملةً في الحصول على شروط تصب في صالحها بشكل أفضل، ربما من خلال وضع الوصول إلى محطات الطاقة النووية الأوكرانية أو حتى ملكيتها بين شروط هذه الصفقة.

وقد يكون إنهاء الحروب معقداً ومستهلكاً للكثير من الوقت. وما كانت الأمور لتصل إلى هذه المرحلة لولا ضغط ترامب، لكن التقدم لم يكن سريعاً أو سهلاً كما كان يعتقد. ففي ديسمبر 2018، أثناء حملته الرئاسية، أشار فولوديمير زيلينسكي إلى أن المفاوضات مع فلاديمير بوتين ستكون مباشرة للغاية. وقال للصحفي الأوكراني دميترو غوردون: “عليكم التحدث بطريقة بسيطة للغاية. ماذا تريدون، ما هي شروطكم؟” وسأقول لهم: “هذه هي نقاطنا”. سنلتقي في مكان ما بيننا”.

ووفقاً لما توصلنا إليه من أدلة في الشهرين الماضيين، قد يكون الأمر أصعب من ذلك.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *