لماذا تزداد أمراض القلب بين الشباب؟
صدر الصورة، Getty Images
-
- Author, ماريجوزيه القزي
- Role, بي بي سي نيوز عربي
كنت أشاهد مباراة بين إشبيلية وخيتافي في الدوري الإسباني صيف عام 2007، حين سقط أنتونيو بويرتا، لاعب وسط إشبيلية البالغ من العمر 22 عاماً، فاقداً الوعي على أرض الملعب.
في اللحظات التالية، أسرع زملاؤه إلى تثبيت لسانه لمنع اختناقه. وبعد دقائق، تمكن الفريق الطبي من إنعاشه، فاستعاد وعيه وغادر الملعب ماشياً على قدميه.
لكن بويرتا تعرض داخل غرفة تبديل الملابس لسكتة قلبية أخرى، أو لسلسلة منها، وفق ما أعلنه الأطباء لاحقاً.
تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة نهاية
توفي اللاعب الشاب بعد ثلاثة أيام في المستشفى، إثر فشل في عدد من الأعضاء وتلف دماغي غير قابل للعكس، ناجم عن توقف قلبه المتكرر لفترات طويلة.
وكشف التشريح لاحقاً أن بويرتا كان يعاني من مرض قلبي وراثي غير قابل للعلاج يُعرف باسم خلل تنسج البطين الأيمن المحدث لاضطراب النظم.
وكانت الفحوص الطبية الدورية المفروضة على اللاعبين آنذاك، والتي خضع لها آخر مرة قبل ثلاثة أسابيع من وفاته، لم تكشف عن أي خلل في قلبه.
صدر الصورة، Getty Images
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
شهدت تلك الفترة وفاة أكثر من لاعب محترف على أرض الملعب خلال سنوات قليلة، بينهم المجري ميكلوش فيهير (24 عاماً)، الذي سقط أرضاً بعد تلقيه بطاقة صفراء عام 2004 أثناء مباراة لفريقه بنفيكا البرتغالي.
هذه الحوادث دفعت الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إلى استحداث اختبارات إلزامية للقلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي قبل المسابقات الكبرى.
بدأت فيفا بفرض هذه الاختبارات قبيل كأس العالم 2006، ثم توسّعت عام 2009 لتشمل بطولات الاتحاد وبمستوى أكثر دقة. وفي عام 2012 فرض يويفا إجراءات مماثلة قبيل انطلاق الدوري الأوروبي.
ومنذ ذلك الحين، تعرّض لاعبون آخرون لسكتات قلبية مشابهة على أرض الملعب، لكن الوعي المتزايد بطرق التدخل السريع ووجود فرق طبية متخصصة بالقلب أنقذ حياة كثيرين، من بينهم الدنماركي كريستيان إريكسن (2021) والإنجليزي فابريس موامبا (2012).
وخارج الملاعب، برزت في السنوات الأخيرة عشرات القصص لشبان توفوا فجأة في منتصف العشرينات أو أوائل الثلاثينات من العمر بسبب توقف مفاجئ في القلب، رغم عدم ممارستهم أي نشاط مجهد لحظة الوفاة.
ولفهم ما إذا كانت أمراض القلب في ازدياد بين فئة الشباب، وأسباب ذلك، طرحنا هذه الأسئلة على طبيبين مختصين، فجاءت بعض الإجابات مفاجئة.
الحالات في ارتفاع “مقلق”
صدر الصورة، Getty Images
يقول الطبيب المتخصص في جراحة القلب جيمس إيتشيسون من مستشفى “كينغز كولدج” لندن في دبي، إنه تفاجأ عندما اطّلع على بيانات تشير إلى زيادة تصل إلى 20 بالمئة في العديد من العوامل المعروفة بتأثيرها على أمراض القلب والأوعية الدموية.
أما البروفيسور سمير علم، رئيس الفريق الطبي وأستاذ أمراض القلب في الجامعة الأميركية في بيروت، فيؤكد أن السنوات العشر الماضية شهدت ارتفاعاً حاداً في معدلات الأزمات القلبية والسكتات الدماغية بين الشباب، واصفاً الزيادة في نسب الوفيات بأنها “مقلقة”.
ويشير علم إلى دراسة أمريكية أظهرت ارتفاعاً بنسبة 50 بالمئة في إصابات أمراض القلب لدى الفئة العمرية بين 30 و45 عاماً خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تُعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة عالمياً، إذ تسببت عام 2019 بوفاة نحو 17.9 مليون شخص، أي ما يعادل 32 بالمئة من مجموع الوفيات حول العالم، وكانت 85 بالمئة من هذه الوفيات ناجمة عن النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وتنطبق هذه الأرقام على الرجال والنساء على حدّ سواء حول العالم. إذ تُعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة بين النساء أيضاً، خلافاً للاعتقاد الشائع بأنها تصيب الرجال بالدرجة الأولى.
“الخلطة” القاتلة
صدر الصورة، Getty Images
بحسب الطبيبين، تعود أسباب هذا الارتفاع إلى تراكم مجموعة من العوامل السلبية المؤثرة على شرايين القلب، أبرزها التغيّر الكبير في أنماط الحياة، والجلوس لفترات طويلة أمام شاشات التلفاز والهواتف المحمولة، إضافة إلى الإقبال على الأطعمة السريعة الغنية بالدهون وغير الصحية.
ويقول إيتشيسون إن نمط حياة الشباب اليوم بات “أكثر كسلاً”، موضحاً أنهم “يمارسون نشاطاً بدنياً أقل، ولا يذهبون إلى أعمالهم سيراً على الأقدام، على سبيل المثال”. ويضيف أن التوصية العامة هي ممارسة 30 دقيقة على الأقل من التمارين الرياضية المجهدة ثلاث مرات أسبوعياً، موضحاً أن المقصود بالتمارين المجهدة هي تلك التي تؤدي إلى التعرّق، وتسارع ضربات القلب، والشعور بالإرهاق.
وفي ما يتعلق بالنظام الغذائي، يرى البروفيسور سمير علم أن “النظام الغذائي التقليدي في منطقة الشرق الأوسط كان تاريخياً نموذجياً للحفاظ على صحة جيدة، إلا أن كثيرين لا يلتزمون به الآن”.
كما يشير الطبيبان إلى أن ارتفاع معدلات البدانة، وضغط الدم المرتفع، وارتفاع نسب الدهون في الدم، والسكري، والتدخين من بين الأسباب الرئيسية وراء تزايد أمراض القلب بين الشباب.
ويحذر إيتشيسون من انتشار الاعتقاد بين الفئات الأصغر سناً بأن التدخين الإلكتروني والسجائر الإلكترونية أكثر أماناً من السجائر التقليدية، قائلاً: “قد يكون صحيحاً أنها لا تُشعل حريقاً في المنزل إذا غفوت أثناء استخدامها، لكن مستويات النيكوتين فيها قد تكون أحياناً أعلى من السجائر العادية، وهو ما يؤدي إلى تضييق شرايين القلب وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية”.
صدر الصورة، Getty Images
ويضيف إيتشيسون أن “العديد من السجائر الإلكترونية غير منظَّمة، وقد تتسبب، إضافة إلى أمراض القلب، بأمراض رئوية قاتلة مثل التهاب رئة الفشار أو ردود فعل تحسسية خطيرة”. ويقول: “رأيتُ شباباً في العشرينيات من عمرهم يحتاجون إلى زراعة رئة أو يفقدون حياتهم بسبب مضاعفات مرتبطة بالسجائر الإلكترونية”.
ويجدد الطبيب دعوته قائلاً: “لا تدخن. لا تستخدم السجائر الإلكترونية. لا تستخدم الشيشة.”
من جهته، يشير البروفيسور سمير علم إلى أن التعرض للتدخين السلبي يعد بدوره من العوامل الخطرة المرتبطة بالنوبات القلبية.
ويضيف علم إلى ذلك التأثير السلبي لفيروس كوفيد19، مؤكداً أن “تداعيات الفيروس على شرايين القلب ما زالت مستمرة”.
فقد أظهرت دراسات عدة أن الإصابة بفيروس كورونا، ولا سيما خلال عام 2020، ارتبطت بزيادة معدلات النوبات القلبية والسكتات الدماغية والوفاة المبكرة، حتى بعد مرور ثلاث سنوات على التعافي من العدوى.
هل نلوم التوتر المفرط؟
يعتقد كثيرون أن التوتر المزمن في الحياة اليومية الحديثة قد يكون عاملاً رئيسياً في الإصابة بأمراض القلب.
ويؤكد البروفيسور سمير علم أن تأثير التوتر “كبير وأساسي، وقد باتت لدينا دراسات علمية تثبت وجود علاقة عضوية بين التوتر ومسببات أمراض القلب”.
ويشرح قائلاً: “هناك تأثير مباشر للضغط النفسي، إذ يرسل الدماغ إشارات إلى الجسم يتجاوب معها بطريقة تؤدي في النهاية إلى تصلب الشرايين”.
ويضيف: “لا يقتصر أثر الضغط النفسي على التسبب بذبحة قلبية حادة، بل يساهم أيضاً في تكوين العوامل المؤدية للإصابة بالذبحة القلبية مستقبلاً”.
ويرى علم أن “جزءاً من المشكلة يكمن في أن التوتر سيظل موجوداً دائماً، لكن على كل شخص أن يجد الطريقة التي تناسبه لتعلّمها وممارستها، بهدف تجنّب الضغط النفسي أو على الأقل التخفيف من حدته قدر الإمكان”.
صدر الصورة، Getty Images
من جهته، يرى إيتشيسون أن التوتر “عامل مؤثر في أمراض القلب، لكنه بالتأكيد ليس العامل الرئيسي”، مشيراً إلى أن “50 بالمئة من العوامل تعود إلى الجينات التي نرثها عن والدينا، فيما تعود النسبة الأخرى إلى أسلوب حياتنا”.
ويوافق إيتشيسون على أن “التوتر يرتبط بعوامل تبدو مرتبطة بأمراض القلب”، لكنه يوضح أن ذلك “لا يعني وجود علاقة مباشرة وواضحة بين الأمرين”.
ويشرح قائلاً: “نعلم أن التوتر قد يتسبب بتضيّق مؤقت في الشرايين لدى المصابين بالذبحة الصدرية المستقرة المزمنة، لكنه لا يُسبب المرض نفسه. ومع ذلك، فإن التوتر المزمن الناتج عن العمل أو ضغوط الحياة اليومية قد يكون عاملاً مساهماً في أمراض القلب”.
ويستشهد بأحد الأبحاث التي خلصت إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بالقلق من فقدان وظائفهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة تقارب 20 بالمئة.
ويضيف: “نعلم أن غير المتزوجين أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب مقارنة بالمتزوّجين. لكن هذا لا يعني أن الزواج بحد ذاته سبب هذه الفوائد، بل قد يشير ببساطة إلى وجود شخص يعتني بك ويشاركك الحياة”. ويختم قائلاً: “لذلك لا أستطيع الجزم بأن التوتر المزمن الناتج عن عدم الزواج هو عامل رئيسي للإصابة بأمراض القلب”.
وفي السياق ذاته، يشير المركز الطبي لجامعة روتشستر الأميركية على موقعه الرسمي إلى أن الجسم يفرز هرمون الكورتيزول استجابةً للتوتر. وتوضح الدراسات أن ارتفاع مستويات الكورتيزول الناتج عن التوتر طويل الأمد يمكن أن يرفع معدلات الكوليسترول والدهون الثلاثية وسكر الدم وضغط الدم، وهي جميعاً عوامل خطر شائعة للإصابة بأمراض القلب.
ويضيف المركز أن التوتر المزمن قد يؤدي أيضاً إلى تغيّرات تُعزّز تراكم الترسبات الكلسية في الشرايين التاجية، ما قد يتسبب في انسدادها وحدوث ذبحة قلبية مميتة.
ضجيج المدن سبباً
صدر الصورة، Getty Images
ويذهب البروفيسور سمير علم إلى أبعد من ذلك في تفكيك “الخلطة” المُسبّبة لأمراض القلب في حياتنا الحديثة، مشيراً إلى أن الاحتباس الحراري والتلوث عاملان أساسيان ينبغي الانتباه لهما.
ويقول: “عندما نتحدّث عن التلوث، لا نقصد فقط الغبار والدخان أو تلوث الهواء، بل أيضاً التلوث السمعي الناتج عن ضجيج المدن والسهرات الصاخبة وما يسببه من اضطرابات في النوم”.
وقد أظهرت دراسات عدة أن الضوضاء الحضرية قد تزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بنوبة قلبية مبكرة لدى الشباب، حتى أولئك الذين لديهم عوامل خطر تقليدية منخفضة.
ويتابع علم: “هذه العوامل ليست بيدنا، بل تفرضها علينا أنماط الحياة والمجتمع”.
ويضيف: “في الماضي، عندما كان يتوفى شخص في الأربعين من عمره بسبب مرض في القلب، كان يُعزى الأمر غالباً إلى أسباب خلقية أو وراثية. أما اليوم فالوضع مختلف، إذ إن عدداً كبيراً من الإصابات بين الشباب ناجمة عن أمراض مكتسبة مثل تصلُّب الشرايين”.
ويؤكد أن “المشهد تغير كلياً، ولم يعد محصوراً بالرجل بعد الخمسين أو المرأة بعد الستين”، واصفاً ذلك بأنه “تحدٍّ كبير” يستدعي من الدول إيلاءه أولوية قصوى في سياساتها الصحية.
ولكن، لماذا يموت اللاعبون؟
يقول البروفيسور سمير علم إن ثلاثة عوامل قد تؤدي إلى النوبة القلبية المفاجئة لدى اللاعبين، وهي أسباب وراثية غير مكتشفة، أو عيوب خلقية غير ملحوظة، مثل وجود الشرايين في غير موضعها الصحيح، أو مشكلات في كهرباء القلب، أي اضطراب النظم القلبي.
ويضيف: “لكن المشهد تغيّر فعلاً، إذ باتت هناك العديد من الحالات الناتجة عن تصلب الشرايين، وعن نمط الحياة العام الذي نعيشه اليوم، من تلوث وسوء تغذية وتوتر واضطرابات في النوم”.
ويشدد علم على أن النوم المتواصل ولساعات كافية ليلاً يُعد من الأساسيات لصحة قلب جيدة، مشيراً إلى أن دراسات عديدة ربطت بين سوء نمط النوم وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.
ويتابع أن تأثير هذه العوامل مجتمعة تراكمي، ويُحدث أثراً كبيراً على شرايين القلب.
أما الدكتور إيتشيسون، فيؤكد أن هذه الأحداث المأساوية تبقى نادرة جداً، موضحاً أن “حالات السكتة القلبية بين لاعبي كرة القدم أو الرغبي أو كرة القدم الأميركية تحدث بمعدل يتراوح بين واحد من كل عشرة آلاف وواحد من كل ثلاثين ألفاً”.
ويضيف: “بالنسبة للرياضيين فوق سن الخامسة والثلاثين، فإن معظم هذه الحالات ترتبط بأمراض الشريان التاجي الناتجة عن التدخين وارتفاع ضغط الدم والسكري، إلى جانب الإجهاد البدني الكبير أثناء المباريات أو المسابقات، إضافة إلى أمراض قلبية سابقة ربما لم تكن معروفة”.
ويتابع قائلاً إن هذه المشاكل “تسود بشكل خاص بين العدائين والمشاركين في سباقات الماراثون، وهي في تزايد”.
صدر الصورة، Getty Images
أما بالنسبة للرياضيين الأصغر سناً، فيوضح الدكتور إيتشيسون أن الوضع يختلف، مشيراً إلى أن السبب الأكثر شيوعاً في هذه الفئة العمرية هو اعتلال عضلة القلب الضخامي، الذي يُلاحظ لدى واحد من كل مئتي شخص تقريباً.
ويتمثل هذا الاعتلال في أن تصبح عضلة القلب أكثر سماكة من المعتاد، وغير منتظمة في بعض المواضع بسبب عوامل وراثية، بحيث تعيق هذه السماكة المفرطة ضخ الدم من القلب أثناء التمارين الشاقة.
ومع ذلك، يبقى السبب الأكثر شيوعاً هو اضطراب نظم القلب، أي الخلل في إيقاع ضربات القلب الذي قد يؤدي إلى سكتة قلبية. ويمكن رصد هذه الاضطرابات في المراحل المتقدمة من الحالة، لكن من الصعب اكتشافها لدى جميع الأشخاص.
ويشير الطبيب إلى أن أدق وسيلة للكشف المبكر تتمثل في أخذ التاريخ المرضي للشخص وعائلته بعين الاعتبار، والبحث عن أي إصابات سابقة بأمراض قلبية لدى الأقارب، يلي ذلك إجراء الفحوصات الدقيقة عند الضرورة.
وفي ما يتعلّق بالرياضيين الهواة أو الأشخاص العاديين الذين يمارسون الرياضة، يؤكّد إيتشيسون أن التاريخ العائلي يظل المعلومة الأهم، ويوصي بمراجعة طبيب العائلة إذا كان هناك سجل مرضي للقلب بين الأقارب، من أجل إجراء الفحوص اللازمة.
ويشدد على أن هذه الحالات تبقى نادرة جداً لدى الرياضيين، مضيفاً أن معدل الإصابة بأمراض القلب الناتجة عن نمط الحياة الخامل وعدم ممارسة الرياضة أعلى بمئات المرات، إن لم يكن آلاف المرات، ما يستدعي إدراك الأهمية القصوى لممارسة النشاط البدني المنتظم.
كيف نحمي أنفسنا؟
صدر الصورة، Getty Images
يشدّد البروفيسور سمير علم على أن صحة الفرد ليست مسؤولية الطبيب وحده، بل مسؤولية مجتمعية مشتركة بين الفرد وطبيبه والهيئات الصحية الرسمية.
ويضيف أن أفضل نصيحة يمكن تقديمها هي الانتباه إلى السلوكيات أولاً للوقاية من الأمراض، مؤكداً أنه لا ينبغي انتظار بلوغ الخمسين للتوقف عن التدخين أو مراقبة نوعية الطعام الذي نتناوله.
ويتابع قائلاً: “على الأم أن تولي اهتماماً مبكراً بنوعية الحليب والغذاء الذي تقدّمه لأطفالها، فهذه العوامل تؤثر في تراكم مسبّبات أمراض القلب لاحقاً. الوقاية تبدأ من المهد إلى اللحد.”
ويرى علم أن إجراء الفحوص الطبية أمر مهم جداً، غير أنه يصطدم أحياناً بعقبات، أبرزها عدم توافر الإمكانات المادية. لذلك يقول: “الوقاية أولاً، والفحوصات ثانياً.”
وبحسبه، يُستحسن أن يبدأ الرجال فحوص القلب عند بلوغ الأربعين، وتُنصح النساء بالبدء عند الخامسة والأربعين.
ويلفت إلى أن أكثر الأمراض انتشاراً وخطورة عالمياً هي أمراض القلب والسرطان، ولها مسبّبات ومؤثّرات مشتركة. الالتزام بالإجراءات الوقائية لا يقي من أمراض القلب فحسب، بل يساهم أيضاً في تجنّب السرطان وربما أمراض أخرى.
ويضيف أن الحركة والرياضة لهما أثر إيجابي يتجاوز القلب إلى الحدّ من خطر الإصابة بالسرطان.
ويختتم علم قائلاً: “الأمور باتت واضحة، وما يظل غير محسوم هو مدى التزام الأفراد والمجتمعات بهذه الإرشادات. أمّا إهمال الصحة حتى وقوع المشكلة ثم قصدُ الطبيب لحلّها فليس منطقياً؛ كما يقول المثل: لا يصلح العطّار ما أفسده الدهر.”
المصدر: صحيفة الراكوبة