لماذا تدمج الشركات بين قسمي الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات؟
صدر الصورة، Getty Images
حتى إن لم يسبق لك العمل في شركة كبيرة، فمن المرجح أن تكون لديك فكرة عمّا يقوم به قسم الموارد البشرية وقسم تكنولوجيا المعلومات.
تتعامل الموارد البشرية مع الأشخاص، بينما تتعامل تكنولوجيا المعلومات مع التقنية.
قد يبدو هذا تقسيماً إدارياً بديهياً، لكن بعض الشركات بدأت تدمج مسؤولية هذين القسمين تحت قيادة واحدة.
ويرتبط جزء كبير من ذلك بإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة نهاية
وتقول تريسي فرانكلين، المديرة التنفيذية لشؤون الأفراد والتكنولوجيا الرقمية في شركة (موديرنا) للتكنولوجيا الحيوية، ويعمل بها أكثر من 5 آلاف موظف: “أنا مسؤولة عن إدارة الموارد البشرية وإدارة تكنولوجيا المعلومات بالكامل”.
وتضيف “يشمل ذلك ما يمكن أن نعتبره البنية الأساسية لتقنية المعلومات في الشركة، إضافة إلى التكنولوجيا الرقمية اللازمة لتطوير الأدوية وتصنيعها وتسويقها”.
وتوضح “تقليدياً، كانت أقسام الموارد البشرية تقول: ‘سنضع خطة للقوى العاملة، أي سنحدد عدد الأشخاص اللازمين لإنجاز المهام’. ثم يتلقى فريق تكنولوجيا المعلومات الطلبات الخاصة بالأنظمة التي نحتاجها”.
أما هي فترى دورها أقرب إلى تصميم الكيفية التي يُنجز بها العمل.
وتقول “الأمر يتعلق بكيفية تدفق العمل عبر المنظمة، وما ينبغي إنجازه بالتقنية سواء كانت أجهزة أو برمجيات أو ذكاءً اصطناعياً وكيف يمكن أن تكمل المهارات البشرية”.
صدر الصورة، MODerna
لدى “موديرنا” شراكة مع شركة “أوبن إيه آي”، مطورة “تشات جي بي تي”، ودرّبت جميع موظفيها على استخدامه.
وتقول فرانكلين: “نقول للموظفين هذه هي الأدوات التي ستعيد صياغة طريقة إنجاز العمل. نعلّمهم كيف يتعلمون، وكيف يصبحون متمكنين من الذكاء الاصطناعي، ويعيدون تصميم تدفق عملهم بأنفسهم”.
قبل أن تتولى منصبها الحالي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كانت فرانكلين تدير قسم الموارد البشرية في الشركة. وتلقت بعض التدريب في تكنولوجيا المعلومات استعداداً لدورها الجديد، ولديها مديران لقسم تكنولوجيا المعلومات يرفعان تقاريرهما إليها.
وتقول “لا أعتقد أن الشخص المنوط بهذا الدور يجب أن يكون خبيراً في أحد المجالين على حساب الآخر، لكن عليه أن يحدد الاتجاه، ويضع الرؤية، ويوزع رأس المال، ويزيل العقبات، ويضع الثقافة المؤسسية، ويعزز تفاعل الموظفين”.
وعلى الرغم من تغير الهيكل القيادي، يواصل موظفو الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات أداء مهامهم التي يتقنونها. وتوضح “لم أحوّل موظف الموارد البشرية إلى مختص بتكنولوجيا المعلومات أو العكس”.
صدر الصورة، Covisian
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
تقدم شركة “كوفيزيان” برمجيات وخدمات دعم العملاء. ويعمل غالبية موظفيها البالغ عددهم 27 ألفاً في مراكز اتصال، يردون على مكالمات عملاء الشركة.
دمجت الشركة فريقي تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية في أبريل/نيسان 2023 تحت قيادة فابيو ساتولو، مدير شؤون الأفراد والتكنولوجيا، الذي كان يشغل سابقاً منصب المدير التقني.
ويقول ساتولو “نتحدث عن تطوير الأشخاص من جهة، وتطوير تكنولوجيا المعلومات من جهة أخرى”.
إذا جمعنا هذين العنصرين معاً، فسنتمكن من تكوين رؤية مشتركة لكيفية تأثير التكنولوجيا على الناس، وكيف يمكنهم التكيف والتطور للاستفادة من التكنولوجيا الجديدة. ومن الأمثلة على ذلك مراكز الاتصال، إذ سيزداد استخدام الذكاء الاصطناعي. يقول ساتولو إن الموظفين سيظلون يردون على المكالمات ويحلون مشكلة العميل، لكنهم سيفوضون عملية حلها إلى الذكاء الاصطناعي.
ويضيف “نطوّر الذكاء الاصطناعي على أساس أن موظفاً بشرياً سيستخدمه. لكن علينا أيضاً تطوير الموظف البشري لضمان وعيه بكيفية استخدام هذه التكنولوجيا”.
في السابق، كان من الممكن أن ينشأ خلاف بين قسمي الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات بشأن ما تريده الأولى وما ترى الثانية أنه ممكن التنفيذ.
أما الآن، فهناك صاحب قرار واحد. ويقول ساتولو “فعالية وسرعة تطوير الأمور أصبحت أعلى بكثير”.
وفي حال وجود عوائق تقنية، فإن ساتولو يستطيع غالباً، تكييف عملية الموارد البشرية كحل بديل.
وكان من أحد النجاحات، أداة داخلية لإعلانات الوظائف، تتيح لموظفي مراكز الاتصال فرصة الانتقال إلى وظائف أخرى في الشركة. وضاعفت الأداة الجديدة، التي طورتها إدارة الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات المشتركة، الردود على إعلانات الوظائف.
ويقول ساتولو “جعل الناس يتحدثون نفس اللغة كان الجزء الأصعب، لأن موظفي تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية مختلفون تماماً”.
ويضيف أن موظفي الموارد البشرية بارعون في الاستماع، بينما لا يجيد موظفو تكنولوجيا المعلومات دائماً التحدث. “أتذكر اجتماعات كثيرة كنت أنا من يطرح الأسئلة لأنهم لم يكونوا يتحدثون إلى بعضهم”.
ولمساعدة الفريقين على العمل معاً، اختار أشخاصاً غير مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بأي من التخصصين لقيادة فرق متعددة التخصصات. ويقول “الأمر أشبه بقاضٍ يجعلهم يتفاوضون للتوصل إلى الحل المناسب”.
ويبدي ديفيد دي سوزا، مدير شؤون المهنة في “المعهد المهني لتنمية الأفراد” (CIPD)، وهو الهيئة المهنية للموارد البشرية وتنمية الأفراد، بعض التحفظ على هذا التوجه.
ويقول “المهارات في المجالين تكمل بعضها بعضاً ولا يوجد بينها الكثير من التداخل. فالقضايا المعقدة المتعلقة بالأشخاص تتطلب فهماً لعوامل تنظيمية وظرفية، تختلف عن الخبرة المتخصصة المطلوبة في تكنولوجيا المعلومات”.
ويضيف “التعاون الأكبر بين الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات أمر منطقي، لأنه يستفيد من نقاط القوة في كل تخصص، لكن دمج القسمين قد يؤدي إلى فقدان أو إضعاف الخبرة المتخصصة التي تحتاجها المؤسسات للنجاح”.
صدر الصورة، Bunq
بيانكا زوارت هي رئيسة قسم الاستراتيجية في البنك الإلكتروني (Bunqبنك)، حيث يجلس فريق تقنية المعلومات وفريق الموارد البشرية ضمن نفس الفريق الأكبر.
وترى أنه من المنطقي جمعهما لأن كليهما يبني أنظمة تدعم بقية أنشطة الشركة.
وكحال شركات كثيرة، تحاول “بنك” معرفة أفضل السبل لعمل الذكاء الاصطناعي والبشر معاً.
وتراهن الشركة على أن الطريقة الجيدة لتحقيق ذلك هي جعل فريقي تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية أقرب إلى بعضهما. وتقول “بهذا المعنى، هو اندماج طبيعي”.
ولا يوجد شخص واحد في الشركة مسؤول عن تحديد ما إذا كان ينبغي إنجاز مهمة ما بواسطة إنسان أو ذكاء اصطناعي.
وتهدف الشركة إلى جعل موظفيها، البالغ عددهم أكثر من 700 شخص، مكتفين ذاتياً، بحيث يبنون بأنفسهم عمليات التشغيل الآلي والعمليات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التي يحتاجون إليها.
وتتوقع “بنك” التشغيل الآلي، أو أتمتة 90 في المئة من عملياتها بحلول نهاية عام 2025، لكنها لم تقم بتسريح موظفين وتواصل التوظيف.
وتقول زوارت “في أي شركة، يحتاج الناس إلى أن يدركوا أنهم سيعملون بطريقة مختلفة تماماً في المستقبل. فالذكاء الاصطناعي سيتولى المهام المتكررة ليتفرغوا لحل المشكلات الأكثر تعقيداً”.
المصدر: صحيفة الراكوبة