مجديعبدالقيومكنب

 

مجدي عبد القيوم(كنب)

تطرقنا لموضوع تشكيل مركز سياسي داخل الوطن في كبسولة نشرت علي صفحات صحيفتي الراكوبة ومداميك الالكترونيتين وقد حظي الموضوع باهتمام كثير من المعلقين الذين ايدوا طرح الفكرة
بما أن طبيعة الحيز الذي تناولنا فيه الموضوع لا تسمح بالاستفاضة في تناول التفاصيل فاننا نعالج القضية في هذا المقال بشىء من التفصيل .
من بين الأسئلة التي طرحت هل المناخ الآن يسمح بمثل هذا الطرح بالنظر لظروف الحرب وما ينجم عنها من تحديات ومهددات أمنية حقيقية تنعكس بالتالي علي السياسات الأمنية التي تنتهجها الحكومة والتي ربما تثير مخاوف القوي السياسية سيما في ظل ما يتداول من تفلتات من بعض العناصر التي تنتمي لاجهزة رسمية
لعل هذا نفسه ادعي لقيام المركز السياسي فالاحزاب هي الأقدر عبر مؤسساتها المتخصصة في الدفاع عن الحقوق الدستورية للمواطن سيما في حال تفشي ظاهرة الانتهاكات ايا كانت وتستطيع ممارسة الضغوط عبر اتصالاتها بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان
في التقدير أن الارث النضالي وتجارب الحركة السياسية السودانية وخبراتها في التعاطي مع السياسات الأمنية لمختلف الأنظمة السياسية قادرة علي الإجابة علي هكذا سؤال لذا لا يشكل مثل هذا التحفظ عائقا علاوة علي أن طبيعة العمل السياسي في الأساس محفوفة بالمخاطر والصعاب وتاريخ الحركة السياسة السودانية يقول بأنها كانت دوما مستعدة وقادرة علي تقديم التضحيات و سداد كلفة الدفاع عن المواقف
علي الصعيد المتصل بالواقع الموضوعي المتعلق بالازمة الوطنية الخانقة وموقف القوي الدولية والإقليمية منها من خلال ما يرشح عن المؤسسات والمنابر والاروقة الدبلوماسية فيما يتعلق بالملف السوداني يبدو أن الأمور تمضي في اتجاه إشراك أكبر كتلة مدنية في معالجة الأزمة الوطنية الخانقة وقطعا من الاصوب أن يكون ثقل هذا الحراك المتوقع بالداخل
صحيح أن جل قيادات العمل السياسي المتواجدة خارج البلاد تمتلك المعرفة الكافية فيما يتعلق بتفاصيل المشكل السوداني ولها اسهماهاتها النظرية الموثقة في كثير من الوثائق التي عالجت تلك القضايا الشائكة التي تشكل جوهر الأزمة الوطنية في فترات مختلفة كمقررات السمراء للقضايا المصيرية والبديل الديمقراطي والسياسات البديلة وهي وثائق لا زالت تحتفظ براهنيتها ولكن الحرب افرزت واقعا مختلفا في جوانب كثيرة وهذا الواقع لا يمكن الإمساك به إلا من خلال المعايشة والالتصاق الحميم ولذا نري أنه من الضروري أن تنقل الأحزاب عملها إلي داخل البلاد
قيام المركز السياسي بالداخل ينهي حالة اختطاف القرار السياسي الذي ظلت تمارسه بعض قيادات الأحزاب باعتبار أنها الممثل الوحيد القوي المدنية كذلك ينهي استلاب الإرادة الوطنية التي ظلت مستمرة لأكثر من عامين فمع تقديرنا لدور الوسطاء الاقليميين والدوليين ومحاولاتهم الحثيثة لأجل أنهاء الأزمة السودانية وما نجم عنها من كارثة إنسانية إلا أن التعامل مع الواقع المحض ليس كما هو التعامل وفقا للتقارير ايا كانت صدقيتها فملامسة الواقع هي المحك سيما في ظل التشكيك في كثير مما يتم نشره في التقارير
قيام المركز السياسي داخل البلاد هو كذلك يمثل اختبارا حقيقيا للحكومة المدنية التي تم تشكيلها مؤخرا وهل فعلا هي قادرة علي المضىء قدما في اتجاه مدنية الدولة كمؤسسات وهيئات والأهم كسياسات أم كما يزعم البعض أنها محض ديكور يمكن العسكر من تمرير أجندة لا تلقي قبولا شعبيا
كذلك التحولات الكبيرة في المشهد السياسي الدولي وما يمور به تفاعلات وصراعات وما يلقيه من ظلال علي المشهد الداخلي يتطلب التعاطي مع واقع البلاد بما يستصحب اثر تلك التحولات والتي يبدو أنها قد كرست لنهاية النظام العالمي الذي افرزته نهاية الحرب العالمية الثانية وبدأ أن نظاما جديدا قد بدأ يتخلق في مشيمة التكوين
كذلك يبدو أن الأجيال الشابة التي اسهمت بقدح معلي في صناعة مشهد ثورة ديسمبر ترنو إلي قوالب تنظيمية مختلفة تتناسب مع الواقع الذي افرزه تأثير الميديا والتعاطي مع هذه الأجيال واحدة من أكبر التحديات التي تواجه القوي السياسية وهذا نفسه أهم المعطيات التي ينبغي النظر إليها فيما يتعلق ببناء المركز السياسي داخل الوطن فأغلب هذه الشريحة موجودة داخل البلاد وتطرح الكثير من الأسئلة حول القضايا الشائكة والتي تنتظر لها إجابات من القوي السياسية.

 

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.