اخبار السودان

للأطباء خاصة : فهم خاطئ لقوله : {وأن تصوموا خير لكم} !!

محمد الصادق

 

قلت لأحد اقربائي ، مريض بالقلب ، وهو في العقد السابع ، وقد اجري عملية (قسطرة) للتو :

انت طبعا لا صيام لك هذا العام ؛ فقال: بل الطبيب قال لي يمكنك الصيام ، ولكن اعمل فحص ، وبعدما صام وعمل فحص ، قال له افحص مرة اخري !!! .

مشكلة الطبيب المسلم أنه يضع في ذهنه قوله تعالي :

{وأن تصوموا خير لكم}

ويظن أن الله يريد من المريض والمسافر أن يصوما !!! .

كيف .. كيف ؟؟!!

وقد رخص لهما بالفطر ؟؟!!

بل في آيات الصيام في القرآن تكررت العبارة مرتين :

{فمن كان منكم مريضا أو علي سفر}؛

{ومن كان مريضا أو علي سفر}

{فعدة من أيام اخر}

وفي الحديث :

(إنَّ اللهَ يُحِبُّ أنْ تُؤتى رُخَصُه

كما يُحِبُّ أنْ تُؤتى عزائمُه)

فليتذكر الطبيب أن المطلوب منه

فتوي طبية وليس دينية في المرة الأولي ظهرت فحوصات المريض جيدة

ولكن الطبيب لم يطمئن فطلب إعادة الفحوصات هل يريد أن تسوء حالة المريض حتي يشير له بالفطر ؟؟!! .

هو عندما تسوء الحالة ..  فالمريض يقطع الصيام دون العودة حتي إلي الطبيب فلو كان الطبيب غير مسلم

لاخبره منذ البداية بأن الصوم يضره فعلي الأقل معروف أن الصوم يؤدي إلي ازدياد لزوجة الدم ويعمل عكس عمل أدوية السيولة التي يتعاطاها المريض .

فالصيام إذن يشكل عامل خطورة في حدوث الجلطات.

▪▪▪▪▪

للأسف فإن بعض رجال الدين

كأنما نصّبوا أنفسهم حراسا لشعيرة الصيام فهم يريدون أن يصوم أكبر قدر من الناس !! .

هم يظنّون أنه كلما كَثُر الصائمون كلما أعجب الله ذلك ويجهلون أن الله لا ينتفع ولا يتأثر بأعداد الصائمين قلّوا أم كثروا ولا صلّوا أم لم يصلّوا آمنوا أم كفروا :

(يا عِبادِي ، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي،

يا عِبادِي ، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ،

كانُوا على أَتْقى قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ مِنكُمْ؛

ما زادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا ،

يا عِبادِي ، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كانُوا على أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ ؛  ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا..)

وفي القرآن :

{وَمَن جَـٰهَدَ فَإِنَّمَا یُجَـٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ}

في سورة الناس ذكرت الربوبية قبل الألوهية فالله خلق الناس وهو يدبّر ارزاقهم فحينما يمرض البعض

يكونون سببا لإطعام المساكين.

ومن مظاهر سوء الفقه في رمضان

الإصرار علي اقفال المطاعم والكافيهات مع وجود نسبة كبيرة من المفطرين من مرضي القلب والكُلي والسكري .. الخ .

بالإضافة الي كبار السن والأطفال والنساء الحوامل والمرضعات .. الخ .

وهذا أدي إلي خلل كبير في حياة الناس وجعل رمضان شهرا للركلسة والتبطل والنوم بالنهار والسهر بالليل .. وسنفرد لذلك مقالا منفصلا .. بإذن الله.

▪▪▪▪▪

ما هي إذن خيرية الصيام ؟؟

الصيام خير في أي حالة ؟؟»

الفقه الموروث عن آيات الصيام فقه معطوب ولا يخضع للسياق القرآني وإنما يفرضون معاني لا تنسجم مع ألفاظ القرآن فتارة يقولون أن الافتداء منسوخ

وأنه كان في البداية:

كل من أراد أن يفتدي الصيام فإنه يفطر ويدفع الفدية وتارة يقولون أن الافتداء (علي الذين لا يطيقونه) !! .

مع أن القرآن قال : (علي الذين يطيقونه)

▪▪▪▪▪

لابد ان نفهم ان زكاة الفطر والفدية شيء واحد وليستا اثنتين

فحديث: (فرض رسول الله زكاة الفطر صاع …) قال الشافعي : فرض بمعني “قدّر مقدارها” .

وجاء في لسان العرب :

“وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ :

(هَذِهِ فَرِيضةُ الصدقةِ الَّتِي فَرَضَها رسولُ اللَّهِ…)…

الفرْضُ هَاهُنَا بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ أَي قَدّرَ صدَقةَ كلِّ شَيْءٍ وبَيَّنَها…”

 

وهذا يعني ان الرسول بيّن مقدار الفدية التي ذكرها القرآن فالرسول “فَرَضَ” مقدار الفدية وقال انها “صاع” من الطعام وتأمل في “التسمية”:

(زكاة الفطر) :

ف “الفطر” هنا ليس “عيد الفطر”

وليس “وقت الفطر” انما لأن الفدية تبيح الفطر في رمضان لذا سميت “زكاة الفطر” فالمفطر “يفدي” فطره بالتصدق.

فالفدية (زكاة الفطر) إذن ليست للمرضي والعاجزين عن الصيام،

وإنما لكل المقتدرين المستطيعين

فقوله تعالي : (وعلي الذين يطيقونه فديةً): اي الذين يستطيعون افتداء الصيام بالتصدق .

وبعد دفع الفدية خاطبهم : (فمن تطوع خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم) يعني من تطوع بالصيام بعد دفع الفدية فهو خير له .

وهذا ما ذكره بعض المفسرين في تفسير قوله : (وان تصوموا خير لكم) فقالوا : “هو الجمع بين الفدية والصيام”.

ولذلك من المعروف ان الصائم يظل صيامه معلقا حتي يدفع الفدية “زكاة الفطر” .

إذن فالرسول لم يشرّع زكاة من عنده

ولكن فقط (بيّن) مقدار الفدية التي ذكرها القران .

وهذا ما شرحه الشافعي حينما قال ان كلمة (فَرَضَ) تعني (قدّر) يعني حدد مقدارها بأنه صاع .

اذن فزكاة الفطر هي الفدية ومقدارها صاع  والذين يقولون أن الرسول يتكلم عن شيء آخر غير الفدية يقعون في مشكلة وسؤال كبير:

ما مقدار (طعام مسكين) الذي تحدث عنه القرآن ؟؟ !! .

هم يظنّون أن الله ترك لهم تقديره !! .

فالبعض يقدره بساندوتش طعمية أو فول ولذلك بعض المرجعيات الدينية

تجعل للفدية قيمة وللزكاة قيمة مختلفة وتهوّن كثيرا من قيمة الفدية

فهل ساندويتش الطعمية يطعم المسكين في يومه كله ؟؟!! .

وهذا المسكين أليس وراءه اسرة وعيال ؟؟!! .

▪▪▪▪▪

الذي يتأمل جيدا في آيات الصيام

يدرك ان الافتداء باقِ لم يُنسخ.

ولذلك قبل سبعين عاما أفتي أحد شيوخ الأزهر بجواز فطر من يضايقه الصوم قائلا :

“من هنا رخص الله الإفطار لمن يؤذيهم الصوم ولو قليلاً من الأذي، فمن يشق عليه الصوم أو يضايقه، فإن له أن يفطر ويطعم كل يوم مسكيناً،

فمن لم يجد فلا جناح عليه أن يفطر ولا يطعم”.

[صحيفة المصري اليوم]

فليتق الله الذين يفسرون أن الخيرية مقصود بها المريض والمسافر .

أذكر أن احدي جاراتنا اصرت علي الصيام مع أنها كانت تعاني من مرض السكر فتسبب ذلك في وفاتها والغريب أن البعض قالوا أنه حسن الخاتمة لأنها ماتت وهي صائمة !! .

وقد سبق أن تحدثنا عن موضوع :

(أوهام حسن الخاتمة والتعسيل) .

□■□■□■

نذكّر بالدعاء علي الظالمين

فهو دعاء لا شك مستجاب

الذين أخرجوا الناس من ديارهم

بغير حق وسفكوا دماءهم

وانتهكو أعراضهم

وأخذوا حقوقهم

وساموهم سوء العذاب

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *