اخبار السودان

‏لستم خاسرين .. الهلال يكتب ملحمة كفاح في أفريقيا

هلال وظلال

‏عبد المنعم هلال

 

‏‏ـ في ليلة مصيرية من منافسات دوري أبطال أفريقيا ودع الهلال البطولة القارية بعد خسارته أمام النادي الأهلي القاهري بنتيجة10 في مباراة الإياب التي أُقيمت على ملعب (شيخا بيديا) في نواكشوط الموريتانية ليتأهل الأهلي إلى نصف النهائي بمجموع المباراتين (20) . جاءت هذه النتيجة في إطار تحديات استثنائية واجهها الهلال سواء على المستوى الرياضي أو السياسي مما يجعل خروجه محطة تستحق التكريم على الجهود المبذولة.

‏ـ واجه الهلال ظروفاً استثنائية فنسبة لظروف الحرب اضطر الهلال إلى لعب مبارياته خارج السودان حيث استضاف ملعب نواكشوط المباراة بدلاً من ملعبه بأم درمان ورغم ذلك حاول الفريق الاستفادة من (عامل الأرض) في موريتانيا خاصة مع وجود عشب اصطناعي اعتاد عليه لاعبو الهلال خلال أداء مبارياتهم بالدوري الموريتاني.

‏ سجل الأهلي الهدف الوحيد في المباراة ليحسم التأهل إلى نصف النهائي وكان الأهلي قد فاز في مباراة الذهاب بالقاهرة بنفس النتيجة (10) مما جعل مهمة الهلال صعبة حيث كان يحتاج إلى الفوز بفارق هدفين على الأقل أو التعادل الإيجابي مع أهداف خارج الديار .

‏ بعد أن سجل الأهلي هدفه حتى لو تعادل الهلال وسجل هدف الفوز وانتهت المباراة بنتيجة 21 لصالح الهلال كان الأهلي سيتأهل بفضل قاعدة الأهداف خارج الديار التي ما زالت معتمدة في البطولات الأفريقية .

‏ـ واجه الهلال تحديات جسيمة في هذه المواجهة للفوارق الكبيرة بين الفريقين بداية من الفارق المالي والتسويقي تبلغ القيمة التسويقية للأهلي 33.9 مليون يورو مقابل 1.58 مليون يورو للهلال وهو ما يعكس تفوقاً مادياً كبيراً للأهلي .

‏ الضغط على المدرب فلوران فقد ارتبط مستقبل المدرب الكونغولي فلوران إيبينجي بنتيجة المباراة حيث أشارت تقارير إلى أن خروج الفريق قد ينهي مسيرته مع النادي بعد ثلاث سنوات من النتائج المتقلبة .

‏ التاريخ المواجهات يصب في صالح الأهلي ففي 13 لقاء سابق بين الفريقين في البطولة حقق الهلال 3 انتصارات فقط مقابل 6 انتصارات للأهلي مما يظهر تفوقاً تاريخياً للأخير .

‏ـ رغم الخروج يستحق الهلال الثناء على ما قدمه والصمود في ظل الأزمات فقد لعب الفريق تحت ضغوط كثيرة بما في ذلك النزوح القسري إلى موريتانيا مما أثر على استقراره.

‏ قدم الهلال أداءً مشرفاً في المباراتين خاصة في الإياب حيث حاول فرض هجوم مستمر لكنه اصطدم بصلابة دفاع الأهلي وخبرته القارية.

‏ عطفاً على لعبه بعيداً عن جمهوره تلقى الهلال دعماً معنوياً من رئيس نادي نواذيبو الموريتاني الذي أبدى تأييده للهلال مما يعكس التضامن الإفريقي في ظل الظروف الصعبة.

‏ـ قدم الهلال درساً في وطنياً قيماً وترك اسم السودان على كل لسان وخروجه ليس نهاية الطريق بل درس في الإصرار والتحدي فالفريق رغم محدودية إمكانياته وظروف البلاد واجه أحد أعتى الأندية الإفريقية (الأهلي الحاصل على 12 لقباً قارياً وترك بصمة تذكر في تاريخ المنافسة.

‏ـ نثر الهلال تضحياته فوق العشب فرغم خسارة الهلال للتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا إلا أن رحلة الفريق في البطولة ستظل ملهمة في ذاكرة الكرة الإفريقية ليس فقط لصمود لاعبيه بل لكونها نموذجاً لـرجال حولوا المستحيل إلى واقع فالقصة هنا ليست مجرد مباراة خسرها الهلال بل انتصار لإرادة المؤسسة الرياضية للهلال التي رفضت الاستسلام للانهيار الذي عم جميع المرافق والمؤسسات بالبلاد.

‏ـ الإدارة خلف الكواليس صنعت معجزة فإذا كان الخروج حتمياً أمام تفوق الأهلي المصري مادياً وتاريخياً ومعنوياً ونفسياً فإن مجلس إدارة الهلال استحق لقب (اللاعب الخفي) في هذه المعركة ففي ظل حرب تهدد وجود الدولة نفسها نجحت الإدارة في توفير معسكرات تدريبية متكاملة في موريتانيا وتونس رغم شح الموارد.

‏ تأمين رحلات مريحة لنقل اللاعبين من دولة إلى دولة.

‏ تخصيص مكافآت مالية تحفيزية للاعبين رغم تعثر الدعم المالي من الرعاة بسبب الأوضاع.

‏لم تكن هذه القرارات سهلة خاصة مع انهيار العملة السودانية لكن الإدارة آثرت استثمار الأزمة لصناعة الأمل.

‏ـ الهلال لم يخسر في نواكشوط بل ربح معركة أكبر وجدد الأمل بأن الكرة السودانية قادرة على العودة بقوة رغم الدمار.

‏ الهلال قدم نموذجاً لـرياضة لا تنفصل عن واقع الناس حيث تتحول الملاعب إلى منصات للتضامن.

‏ـ الشكر موصول للاعبين والجهاز الفني والجمهور الذي وقف خلف الفريق في أصعب الظروف متمنين عودة أقوى للهلال في النسخ المقبلة.

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *