اخبار السودان

لا بديل للسُودانيين غير الحوار وليس لدينا ترف الانعزال

لا بديل للسُودانيين غير الحوار وليس لدينا ترف الانعزال

نضال عبد الوهاب

بعد مُضي عشرون شهراً على حرب الخامس عشر من أبريل، وبعد كُل الدمار والقتل والتشريد الذي خلفته ولاتزال، وفي ظل كُل المُتغيرات الإقليمية والدولية، مربوطاً بواقع السُودانيين والبلاد الحالي، فإنه من الواضح جلياً أنه لم يعد هنالك الكثير من الوقت لتضييعه في تبني “مواقف” لا تخدم قضية وقف الحرب الأساسية، ولا تعمل لمصالح جميّع السُودانيين بمختلف تنوعهم وأقاليمهم ومناطقهم.

ليس هنالك مجال للمزايدات على بعضنا البعض، وليس هنالك فائدة من التلاوم ورمي الآخر بالتقصير أو الذنب، وليس هنالك ثمرة للانكفاء وانتظار المجهول أو رفع الأصبع بأن افعلوا هذا وذاك وإلا لن نجلس معكم أو نتقدم اتجاهكم؟؟

بالمُختصر ومن الآخر لا فائدة من الانعزال في هذا التوقيت والتخندُقات، لا يوجد حلول لقضايا السُودان وعلى رأسها قضية وأزمة الحرب الحالية باختيار الامتناع عن الجلوس للحوار ثم التحاور والتفاوض، وليس من المقبول ترك 50 مليون سُوداني وآخرون لايزالون في الأرحام ولم يأتوا بعد من المُستقبل ضحايا “لقلة أفق” أو عناد أو توهُمّات أو تبني مواقف لا تتوافق ومصالح كُل هؤلاء وتعمل لإنقاذهم من أتون “الجحيّم” الحالي وإطفاء “نيران” هذه الحرب المُستعرة!.

الرفض المُستمر والتخندُقات، ومسألة خلاص “انتو تعالوا علينا” هذه لم تعد تُناسب كارثية وخطورة المرحلة، ولن تفيد السُودانيين وتتفق مع مصالحهم.

كما كذلك ولا لغة “الاستسلام”، بأن “خلاص البلد انتهت”، و”حتتقسّم” و”تتفتت”، و أحسن “كل ناس ومجموعات إثنية تفرز عيشتها” ودا “واقعنا”، هذه لغة موغلة في الضعف والأنانية، وفيها استهوان كبير بملايين الضحايا الذين قاوموا واستشهدوا لأجل هذا الوطن ولترابه وأرضه ووحدته ولأجل التغيير للأفضل فيه!

هذه البلاد تخصنا جميعاً على كُل تنوعنا واختلافاتنا، والمُحافظة عليها وعلى إنسانها وشعبها واجب كُل سوداني وسُودانية، ويأتي في مقدمة المسؤولين عنها كُل الفاعلين والقوى السياسِية ومن يتصدون لمهام القيادة فيها والعاملين للتغيير للأفضل لها حاضراً ومُستقبلاً.

عدم “الحوار” وقبوله مبدأ في تقديري وفي هذا الظرف خيانة لأمانة المسؤولية هذه، وتعدي على مصالح السُودانيين، كما وأن عدم تقديم التنازلات لأجل هذا هو تضحية بكل البلاد وشعبها لأجل إما انتصار لذات أو لأقلية أو لأجندة لا تخص عامة السُودانيين وحقهم في بلادهم ووطنهم.

لم يضحي السُودانيون بأرواحهم ويقاوموا الاستعمار ومن بعد كُل الحكومات المُستبدة والدكتاتورية والهشة لأجل حصد “السراب” وتجزئة الوطن والقبول بتفتيته وخرابه والاستسلام وعدم المقاومة والنجاح في تخطي المُستحيل نفسه لأجلها.

لم يعد لدينا كسُودانيين ترف هذا الانعزال والانكفاء والتباعُد، وعدم قبولنا ببعضنا على خلافاتنا وحتى علاتنا لأجل الوطن والمُحافظة عليه وتغييره للأفضل عن طريق الحوار الجاد وبلا شروط وتعالي والجلوس والتفاوض في كافة القضايا الخلافية ومعالجتها من جذورها وفق أولويات تُوقف أصوات البنادق ونيران الحرب أولاً وتُعيد الاستقرار والطُمأنينة للسُودانيين وتُعيدهم لبلادهم وبيوتهم وقراهم ومدنهم ومناطقهم، وتسد جوعهم وتعيد لهم الأمل في الحياة كأساس، بغير هذا لن يكون هنالك مُعالجة للواقع الحالي وحل جميّع أزماته وتفويت الفرصة على أعداء الوطن والشعب بالداخل والخارج، والمجد للوطن السُودان وشعبه.

16 ديسمبر 2024

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *