رشا عوض
رشا عوض


رشا عوض

بقدر ما إن إدانة الدعم السريع على كل جرائمه في حق الأبرياء واجبة بلا أدنى لجلجة، فإن هناك جانباً آخر من مأساة المدنيين يجب أن لا نغفله، وهو أن معسكر الجيش والكيزان لا يبذل أدنى مجهود في حماية المدنيين واتخاذ الخطوات المتاحة والممكنة لتجنيبهم كثيرا من الكوارث، بل بالعكس معسكر الجيش والكيزان يخطط مع سبق الإصرار والترصد لتوسيع دائرة الانتهاكات بهدف التكسب السياسي منها محليا ودوليا!!

لقد صنع نظام “الكيزان” الجنجويد خصيصا ليكونوا يدهم اليمنى في الإجرام والانتهاكات بمشاركة وغطاء الجيش!! فهم أدرى الناس بما يفعله الجنجويد في المواطنين ومع ذلك لم يجتهدوا في إخراج المدنيين من الفاشر رغم أن ذلك كان متاحا، وكان يمكن مطالبة الأمم المتحدة بالمساعدة على إجلاء المدنيين إلى خارج المدينة، ولكنهم أصروا على حبسهم داخل المدينة كدروع بشرية، واتخذوا من معسكرات النازحين ثكنات عسكرية ومخازن سلاح للتكسب من قتل المدنيين أثناء الحصار ثم التكسب من الانتهاكات بعد سقوط المدينة الذي كان في حكم المؤكد!

من الناحية الأخلاقية، فإن الإدانة يجب أن تسع الجميع، تسع “الجنجويد” الذين قتلوا وسلبوا ونهبوا وأشاعوا الرعب والفوضى أينما ذهبوا، ويجب أن تسع الإدانة كذلك من جزوا الرؤوس، وبقروا البطون وأحرقوا الكنابي، وارتكبوا المجازر العرقية في الجزيرة وجنوب الحزام، واعتقلوا وعذبوا بتهمة التعاون في كل المناطق التي كان يسيطر عليها الد. عم السريع، وقصفوا الأسواق والمستشفيات بالطيران، والأخطر أنهم أثبتوا بما لا يدع مجالا للشك أن ليس لديهم أدنى موقف أخلاقي مبدئي من الانتهاكات؛ لأنهم لم يحاسبوا مرتكبيها في صفوفهم، بل كرموا ومجدوا المسؤولين عن الانتهاكات البشعة عندما غيروا موقفهم من الصراع السياسي العسكري، وانضموا إلى معسكر الجيش وأكبر نموذج لذلك كيكل، ثم بقال ووارد جدا لو عاد ابولولو ذات نفسه إلى حضن الوطن أن ينال الرتب والنياشين!

هذه حرب قذرة وتافهة وجميع أطرافها لا يحترمون حياة المواطنين، حياة الإنسان في نظرهم مجرد ورقة في لعبة قمار سياسي أرعن، كل لاعب فيه شره ومتعطش للكسب السياسي، وفي سبيله مستعد للمغامرة بحياة الآلاف وحتى الملايين لو اقتضى الأمر!

طوبى لكل من حذر من هذه الحرب وقاوم اندلاعها من البداية، وطوبى لمن اعتزل فتنتها بعد اندلاعها، واصطف في صف السلام!

هذه الحرب هي محض صراع سلطة، دعاة السلام والديمقراطية يطالبون بأن ينتقل الصراع السياسي من ساحة الحرب والانتهاكات والقتل المتوحش للمدنيين إلى ساحة العمل السلمي بالأدوات السياسية، وهذا يتطلب الانخراط في مشروع سلام عبر المفاوضات لوقف إطلاق النار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح وممتلكات، والذي يعرقل هذه المفاوضات ليس الترفع الأخلاقي لمعسكر الجيش عن الجلوس مع الدعم السريع لأنه ارتكب جرائم وانتهاكات في حق المواطنين، هذا كذب مفضوح تمارسه أبواق النفاق والارتزاق الإعلامي، فكلا الطرفين لا يقيم وزنا ولا قيمة لحياة المواطنين، السبب الحقيقي لعرقلة المفاوضات هو الأطماع السياسية للحركة الاسلامية اسما الإجرامية فعلا التي ترغب في استمرار الحرب حتى تعيد الكيزان إلى سلطة استبداد مطلق!

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.