اخبار السودان

لابد أن نعرف من العدو ومن الصديق من واقع التجربة وليس الإشاعات المضللة

محمد يوسف محمد

 

قرأت مقال للباحثة المصرية في شؤون السودان أماني الطويل عن ضرورة إيقاف التصعيد ضد الأمارات وضرورة تدخل طرف عربي ليكون وسيط بين السودان والأمارات ورشحت الكاتبة أماني الطويل الحكومة المصرية للقيام بهذا الدور.

 

بعيد عن المزايدة في موضوع الأمارات فما إتخذته الحكومة السودانية من قرارات وخطوات واضح ومعروف للجميع بكل أبعاده ولا يحتاج للمزايدة بالنقد أو التطبيل، بعيد عن هذا أريد أن أتساءل عن سبب غياب مصر بالكامل عن ماحدث ويحدث في السودان!! أليس هذا الغياب لبلد شقيق مجاور تربطه مع السودان علاقات تاريخيه قبل الميلاد وتربطه الجغرافية المشتركة والمصالح المصيرية ملفت للنظر؟

 

منذ وصول الرئيس السيسي لحكم مصر أعلن موقف واضح وهو الإنكفاء على الداخل والتفرغ لشؤون مصر وعدم التدخل في شؤون الآخرين وقد حققت مصر تقدماً كبيراً في الداخل فقد كان الجنيه المصري يعادل 50 قرش سوداني في بداية ولاية السيسي والآن الجنيه المصري يعادل 55 جنيه سوداني في السوق الموازي لحظة كتابة هذا المقال!! أي تضاعفت قيمة الجنيه المصري اكثر من عشرة مرات.

وظلت الحكومة المصرية بعيدة دائماً عن شؤون السودان ولم تتدخل في إتفاقية فصل الجنوب في عهد الإنقاذ وفي أيام الثورة ومابعدها من أحداث ظلت مصر بعيدة أيضاً فالوثيقة الدستورية وتنصيب حمدوك تم في أثيوبيا وكذلك إتفاق السلام تم في جوبا وظلت مصر بعيدة ومحايدة ولم تتدخل في إتفاق أو دعم طرف في أي حوار وتركت السودانيون يديرون شؤونهم وصراعاتهم بعيداً عنها وهذا البعد لم يكن مقاطعة فقد ظلت ابوابها مفتوحة للسودانيين وعندما لجأ إليها السودانيون كانت مصر بمثابة الأخ الحنون الذي إحتضن اللاجئين السودانيين وجفف الشعب المصري الشقيق دموع اللاجئين بحسن الإستقبال والضيافة، ولكن كان إبتعاد مصر عن شؤون السودان إستجابة لخيار الرأي العام السوداني الذي ظل يشيطن مصر دائماً!! فقد ظلت مصر طوال السنوات الماضية تتعرض لعملية شيطنة وفبركة قصص عنها في الوسائط وإتهامها بكل سوء وأي شخص ذكي ينظر بعين فاحصة يعلم أن هناك مخابرات دول معروفة معادية للشعبين كانت وراء هذه الشيطنة لمصر ومع الأسف ساندتهم بعض الجيهات الداخلية (قصيرة النظر) وعملاء المخابرات الأجنبية في شيطنة مصر تعامل الجانب المصري مع هذه الروح العدائية بالصبر والحكمة وإلتزم بموقف الحياد مع المحافظة على العلاقات الشعبية الودية كما هي وذلك حتى لا يعطي الفرصة للمخابرات المعادية للشعبين لنشر المزيد من التضليل وشيطنة مصر وتفسير أي تحرك مصري مهما كان حتى وإن كان تعامل تجاري بين البلدين أنه تآمر ضد السودان.

 

وقد تضرر السودان كثيراً من شيطنة مصر ووقوفها موقف الحياد وتركته مصر يواجه العواصف والمؤامرات بمفرده ودفع الثمن بإنفصال الجنوب ثم دفع الثمن مرة أخرى بهذه الحرب المدمرة والتي ربما تقود لمزيد من التشظي والتقسيم.

ومن أهم دروس هذه الحرب التي يجب أن نتعلمها ونحن نتجرع مرارة الحرب هو إعادة فهم العلاقات الخارجية بشكل مختلف تماماً ونعرف من الذي إستقبلناه في أرضنا وتركناه يتحرك دون قيود ثم كافأنا بحمل السلاح ضدنا ونميز بينه وبين من شيطناه وأحسن إستقبالنا!! ولابد أن نعرف من هي الدول الشقيقة صاحبة المصالح المشتركة معنا ومن هي الدول العدوة والطامعة في أرض السودان وخيراته حتى لا نقع ضحية فخ آخر يكلفنا ماتبقى من سوداننا الحبيب.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *