🖋 عزام عبد الله إبراهيم

واحدة من أكبر معضلات المشكلة السودانية هي التعريف او التشخيص السليم الذي يؤدي الي طرح الأسئلة الصحيحة ومنها يمكن إيجاد الإجابات السليمة التي تقود الي إستخدام الأدوات السياسية الفعالة.

الناظر للتشظي السياسي يجد موقفين من الدولة:

الموقف الأول هو القبول بالدولة الحالية و مؤسساتها الموجده فعليا مع تباين في كيفية إصلاحها او ترميمها للوصول الي حل.

الموقف الثاني هو الإعتراف بفشل الدولة بصورتها الحالية مع تباين في كيفية إعادة بنائها او حتي تقسيمها كل علي حسب مصالحه.

ينقسم أصحاب الموقف الأول وهم داعمين الجيش بكل اختلافاتهم و المؤمنين بالوسائل المدنية للتغير من المعارضين او أنصار ثورة ديسمبر.
قد يقول قائل ان هذا التصنيف فيه إجحاف في حق القوي الثورية لانه يضعهم في سلة واحدة مع أعدائهم الإسلاميين. ولكن الحقيقة تقول أن الوسائل المدنية تفترض وجود مؤسسات دولة او مؤسسات مرجعية لتنفيذ المطالب، لأن العمل المدني لايستوي في ظل غياب الدولة او علي ادني تقدير المؤسسات.
وعليه فإن هذا الموقف يتبني فرضية وجود دولة او مؤسسات يتم الضغط عليها لتنفيذ المطالب لأن العمل المدني أصله مطلبي لا تنفيذي.

إنطلاقا من هذة الفكرة فإن الإختلاف بين أنصار الثورة و الإسلاميين في من يسيطر علي هذة المؤسسات وكيف يمكن إعادة ترتيبها لمصلحتهم السياسية. وعليه كما ذكرنا في المقال السابق سيستمر الصراع السياسي الصفري الي ماشاء الله. وذلك لغياب الرؤية السياسية لإحتواء الآخر المختلف بطريقة مقبوله للآخر علي اقل تقدير. وأيضا في ظل الشطط في المواقف و الخطابات الإقصائية.
من ناحية أخري تختلف أدوات الإسلاميين لأنهم يستخدمون الدولة التي فككوها لصالحهم و حمل السلاح و العمل المدني علي حسب الوضع وهو مايجعلهم من أخطر الفاعلين السياسيين في السودان. أضف الي ذلك غياب الوعي بتقبل الآخر والقدرة علي التقية السياسية إذا ما اقتضت الحاجة.

الكتلة الثانية هي كتلة إعادة بناء الدولة وفي مقدمتها تحالف تأسيس وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور.

تحالف تأسيس قدم ميثاق تجاوز كل الإطروحات السياسية السابقة وقدم رؤية متقدمة للدولة يمكن البناء عليها ولكنه يفتقر للرؤية الواضحة لكيفية التعامل مع المخالفين في حالة الإنتصار. نعم هناك إشارات متضاربة من أنصار هذا المعسكر و لكن ما نفتقده هو الرؤية المكتوبة و الملزمة له قبل الآخرين في ماذا سيفعل إذا تمكن من الدولة. هل سيكرس الدولة لمصلحة أنصاره او مصالحه و مصالح النافذين فيه، أم سيبني دولة لكل السودانيين؟
من الناحية الأخري تتمترس حركة تحرير السودان في مواقف غير موضوعية وهي أقرب ما يكون من الجذريين مع إختلاف الأدوات.

مما سبق، لابد من الإجابة علي السؤال المحوري أولا:
هل هناك دولة ومؤسسات يمكن الإعتماد عليها لبناء توافق سياسي للتحول المدني الديمقراطي الذي يشمل أكبر قطاع من السودانيين؟

♦️ إذا كانت الإجابة بنعم، هنا يمكن الحديث عن العمل المدني الجماهيري و الدبلوماسي لإنهاء الحرب وإعادة ترميم مؤسسات الدولة.

♦️ إذا كانت الإجابة بلا، فهنا سيكون النقاش حول يمكننا إعادة بناء الدولة التي تتيح أكبر قدر ممكن من الحرية و العدالة و المساواة وتفرض السلام و الإسقرار برؤية واضحة وشاملة.

مما سبق، يتضح أن التخبط و القفز علي الأساسيات هو سيد المرحلة، لأننا ننطلق من منطلقات مختلفة وعلية فإن الجدل الدائر الآن نتيجة طبيعة لأن المرتكزات مختلفة ولا إتفاق حول الأساسيات.

سنواصل بإذن الله تعالى لتفكيك المشهد السوداني و السيناريوهات المتوقعة في المقالات القادمة.

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.