كيف تقود حرب المسيرات إلى تفاقم الصراع الدولي حول الموارد؟

تاج السر عثمان
١. اشرنا سابقا الي أن الحرب دخلت طورا جديدا في الصراع الدولي حول الموارد، بالهجوم بالمسيرات على بورتسودان وكسلا وكوستي وعطبرة وتندلتي. ونيالا … الخ، مع المزيد من المعاناة للمواطنين، جراء النقص في الوقود وانقطاع الكهرباء ومياه الشرب، وتزايد صفوف الخبز والوقود، استهدفت الهجمات في بورتسودان قاعدة “فلامينغو” البحرية في شمال بورتسودان، وكذلك مقر الكلية الجوية للتدريب وسط المدينة، كما ركزت الهجمات في بورتسودان،على استهداف قاعدة “عثمان دقنة” الجوية، بالإضافة إلى المطار والميناء ومستودعات الوقود والغاز الحيوية التي تمد المدينة وولايات أخرى في البلاد بالاحتياجات. ولم ترد أي معلومات رسمية تفيد بوجود قتلى أو إصابات بين المدنيين، بالإضافة إلى مستودعات الوقود في مدينة كوستي الواقعة في الجنوب. ومما زاد من خطورة الوضع مطالبة الصين يوم الخميس رعاياها بمغادرة السودان “على الفور”، مشيرة على موقع سفارتها الإلكتروني إلى أن هذه الدعوة موجهة للأفراد الصينيين وليس إلى المؤسسات، مما يشير لاحتمال تدخل وتصعيد دولي كبير قادم وتطورات جديدة في الحرب، جراء تفاقم الصراع الدولي حول الموارد، اضافة للتصعيد بقطع حكومة الأمر الواقع علاقتها بالإمارات . استهداف محطات الوقود أدي نقص في الوقود وتشهد بورتسودان ازدحامًا في محطات البنزين، وزيادة في أسعار المنتجات المتنوعة، وظهور وسطاء في مجال الوقود. كما أن عددًا من السفن قد تراجع عودتها إلى المياه الإقليمية بعيدًا عن السودان، وبعضها يحمل مواد غذائية ونفطية. فضلا عن كما أشار الكثيرون أن الهجمات المتكررة قد تؤدي إلى توقف العمل في مطار بورتسودان والميناء، حيث لن تخاطر أي سفينة أو طائرة بالقدوم في ظل التصعيد المستمر والضربات، مما سيؤدي إلى شلل في الحياة العامة، خاصةً حركة الصادرات والواردات في الموانئ، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود.
٢. ومما يشير إلى تفاقم الصراع الدولي حول الموارد وتجارة السلاح وبيع الأسلحة لأطراف الصراع، أفادت منظمة العفو الدولية الخميس بأن الإمارات زودت قوات الدعم السريع بأسلحة صينية تستخدمها في الحرب التي تخوضها منذ عامين ضد الجيش السوداني، في انتهاك لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة. وأورد التقرير أن أسلحة متطورة تشمل قنابل موجهة ومدافع ميدانية أعادت الإمارات تصديرها من الصين “صودرَت في الخرطوم، إضافة إلى استخدامها في دارفور (غرب)، في انتهاك فاضح لحظر الأسلحة.
كما أثرت الهجمات على بورتسودان التي كانت ملاذا آمنا للنازحين بالمسيرات على وصول المساعدات الإنسانية حسب الأمين العام للأمم المتحدة.
مما يتطلب الوقف الفوري للحرب ودرء الكارثة المحدقة بالسودان،والتصدي لخطر تقسيم البلاد مع تزايد التطرف العرقي والاثني والديني والتدخل الخارجي بهدف نهب موارد البلاد.
٣. لايمكن تناول الحرب اللعينة الجارية في السودان بمعزل عن تفاقم الصراع بين المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب على الموارد في السودان، وصراع المحاور الذي يتمثل في : أمريكا وحلفائها ، روسيا، الصين، والإمارات، مصر وتركيا وايران التي بدأت تسليح الجيش … الخ، اضافة لدخول دول الجوار التي تنهب ايضا موارد السودان مثل : تشاد التي تتهمها حكومة البرهان بمساندة الدعم السريع مع الإمارات، اضافة لدخول بعض دول الجوار في حلبة الصراع مثل : إريتريا التي تساند بعض الحشود المسلحة في الشرق (للمزيد من التفاصيل : راجع مجلة أثر، الخميس ١١ أغسطس ٢٠٢٤م)، كما تأثرت دولة جنوب السودان بالحرب التي يعتمد اقتصادها على ٩٠ ٪ من تصدير النفط فقد عطلت الحرب تصديره عبر السودان، وأدي تدفق النفط الي تدهور اقتصاد الجنوب وتدهور العملة … الخ،كما تأثرت مصر بالحرب مما أدي لتوقف صناعاتها التي تعتمد على المواد الخام من السودان وخسرت المليارات من الدولارات … الخ.
كما فشلت المؤتمرات مثل مؤتمر جنيف وحتى مؤتمر لندن الأخير في التوصل لوقف إطلاق النار، فقد اغلقت حكومة الأمر الواقع الإسلاموية الباب أمام محاولات وقف إطلاق النار.
٤. جاءت الحرب في ظروف اشتد فيها الصراع الدولي على الموارد، الأزمة العامة للرأسمالية التي تفاقمت بعد فشل الإصلاحات لمواجهة أزمة الرأسمالية في العام 2008 /2009م، التي لم تكن جذرية، و بعد الحرب الروسية الاوكرانية التي أدت لزعزعة النظام المالي الرأسمالي العالمي، وحرب غزة التي تستهدف إبادة وتشريد الشعب الفلسطيني، ونهب موارد المنطقة وتفكيكها لدويلات لا حول لها ولاقوة على اساس عرقي وديني ، وتزايد قوة الصين اقتصاديا، حيث ارتفعت مساهمتها في الاقتصاد العالمي بنسبة 12% ، بينما انخفضت مساهمة أمريكا في الاقتصاد العالمي بنسبة 20%، اضافة لسياسات ترامب الأخيرة التي زادت الأوضاع تعقيدا بالتوجه اليميني الفاشي الأكثر تطرفا.
٥. بالتالي فإن التصعيد الأخير في حرب السودان هو حلقة في سلسلة حروب المنطقة والعالم بهدف نهب الموارد الثروات في ظل اشتداد وتفاقم حدة الصراع بين أقطاب الرأسمالية في العالم وتوابعها الاقليمية. مما يتطلب أوسع نهوض جماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة