اخبار السودان

كيف تتحوّل الكارثة إلى فرصة السودانية , اخبار السودان

خالد فضل

في تغريدة د. عبدالله حمدوك  رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم )عقب لقائه قائد قوات الدعم السريع حميدتي بأديس أبابا الإسبوع المنصرم ؛ أشار إلى الأمل في تحويل الكارثة الوطنية الحالية إلى فرصة إسوة بالشعوب الحية .

استوقفتني هذه العبارة التي تجعل باب الأمل مواربا  رغم ترسانات القبح والإغلاق الراهنة , وتجارب الشعوب الحية مبذولة للتأمل وأخذ العبر والمعاني ومعرفة الخطوات الواجب اتباعها للحصول على نتائج جيدة , فالشعبين الألماني في أوربا  والياباني  في آسيا  عقب كارثة الحرب العالمية الثانية  التي خرجا منها مدمرين تمكنا من تحويل تلك النقمة إلى نعمة بادية في حالهما الآن , وفي رواندا حدثت المعجزة الإفريقية حيث انتقل الشعب الحي هناك من خانة كارثة الإبادة والتطهير العرقي والحرب الطاحنة إلى مضربا للمثل ومعملا مفتوحا بتجربة غنية لمن يريد التعلم ؛ ولعل السيد حميدتي قد حالفه الصواب وهو ينوه عقب زيارته مؤخرا لمتحف ضحايا الإبادة في كيجالي الى ذات القيمة التي دعا لها د. حمدوك ؛ أي أخذ العبرة من الكارثة وتحويلها إلى فرصة .

إنّ أول الخطوات وأهمها في تقديري هو وقف إطلاق النار غير المشروط , وقد تضمّن إعلان أديس الموقع بين رئيس (تقدم) وقائد الدعم السريع قبول الأخير بهذه الخطوة تمهيدا لإقرار السلام , بينما جاء رد قائد الجيش الفريق البرهان على الدعوة المماثلة التي قدمتها (تقدم) برفض أي لقاء مع قائد الدعم السريع , ورفض وقف الحرب , فيما أعتبر لقاء حمدوك/حميدتي بأنه اتفاق بين شريكين !! ولعل هذا الموقف المتشدد من قائد الجيش يعتبر من العوائق التي تهدر الفرص على الشعب السوداني كي يحول كارثته إلى منفعة كما فعلت الشعوب الحية ! وعوضا عن اغتنام أي بادرة للسلام ووقف الكارثة يمضي قائد الجيش نحو تعميق الجراح وتحويل الشعب السوداني كله إلى مليشيات مسلحة بزعم الدفاع عن النفس ضد الدعم السريع , وتجييش القبائل والمناطق لتتحول كارثة الحرب بين جيشين حكوميين  ( أحدهما ابن من رحم الآخر) إلى حروب قبلية تبدأ ولكن لا أحد بدري متى ستقف , ولن يستطع قائد الجيش من لجمها .

علينا مواجهة الحقائق عارية كما هي , حتى نتمكن من تجاوز الكارثة وتحويلها الى فرصة , ففي تجارب الشعوب التي نهضت عقب الحروب المدمرة تمّ لجم الطرف المتعنت بالقوة والضغط الهائل من الخارج , فقد تم تدمير البنية العسكرية لجيش النازي هتلر وتخليص الألمان من ربقته , صحب ذلك دمار هائل وضحايا بلا حصر , كما تم دك هيروشيما وناجازاكي في اليابان لتنتهي اسطورة الجيش الذي لا يغلب , ومن ثم انفتح المجال أمام الشعب الياباني ليضمد  جراحه وينطلق بقوة صوب فرصة النماء والتعمير حتى صارت يابان اليوم بكل هذا الإزدهار وفي رواندا كانت الرافعة الدولية والضغط هو السلاح الذي أفضى لوقف المجازر والبدء في عمليات المصارحة والمصالحة جتى بلغت رواندا مرحلة التعافي الحالية وبات كثير من السودانيين/ات يلجأون اليها طلبا للنجاة من فظائع  حرب البرهان/ حميدتي المدمرة  , ولعل الأخير يسجل نقاطا لصالحه رغم كل شئ , فهو يبدي الرغبة في وقف الحرب والبرهان يصر عليها , يدعو لبناء سودان جديد يسع الجميع وقائد الجيش يمارس عمليا تضييق السودان وجعله ولايات متنافرة وقبائل متناحرة ,  لهذا فإن فرصة تحويل الكارثة الى نقيضها تحتاج إلى تجريع الطرف المتعنت الدواء المر مثل الأطفال بسد الأنف وفتح الفم , فبعض الناس لا يتعلمون بالإعتبار واستخلاص الدروس حتى من تجاربهم هم أنفسهم .

إن وصف الأوضاع في السودان بالكارثية يعتبر وصفا ناعما وغير دقيق,  في الحقيقة الناس تتمنى العودة لمرحلة الكارثة بعد أن فارقتها بفراسخ توغلا في السوء , وعلى المجتمع الدولي والاقليمي والوسطاء أن يعملوا بجد وبسرعة على انقاذ الشعب السوداني , ومن بعد مساعدته في تحويل كارثته الى فرصة للحياة الجديدة , بدون دعم الخارج وضغطه لا ارى في تقديري بصيص أمل في وقف هذه  الحرب العبثية الخاسرة كما وصفها من يومها الأول قائداها .

 

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *