كيف تؤثر العقوبات الأمريكية على «عبد الباسط حمزة» في مسار الحرب السودانية؟
التحق عبد الباسط حمزة، مؤخراً، بقائمة رجالات نظام المخلوع عمر البشير، القابعين في القوائم الأمريكية السوداء، ما يقدم برهاناً جديداً على تورط نظام الإسلاميين في أنشطة مشبوهة ومقلقة ليس على مستوى السودان وحسب، وإنما حول العالم.
الخرطوم: التغيير
أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية، عبد الباسط حمزة، أحد أهم أذرع الحركة الإسلامية المحلولة، في قوائم عقوباتها، بصفته الممول الرئيس لأنشطة حركة حماس من السودان.
وقالت الوزارة إن صاحب النفوذ المالي القوي في حقبة النظام المباد، عبد الباسط حمزة، عمل على تبييض أموال حماس، وأدار عديد من استثماراتها، مسهماً في تمويل خزينتها بما يزيد عن 20 مليون دولار، علاوة على تسييره وصول أموال أخرى لصالح قادة الحركة في قطاع غزة.
وشملت العقوبات شركة الرواد العقارية التي يديرها حمزة ووضعتها في قوائم الإرهاب.
وتحول حمزة من موظف صغير قابع في هيئة المساحة العسكرية إلى إمبراطور مالي، بفضل صلاته الوثيقة بزعيم تنظيم القاعدة، الملياردير السعودي أسامة بن لادن، وبات لاحقاً وريثاً لقائد التنظيم الإرهابي الذي أجبره نظام البشير على مغادرة البلاد في العام 1998 من دون ثروته المالية الضخمة.
ووثق حمزة صلاته بالبشير من خلال عمليات مصاهرة، وأعمال تجارية واسعة تحوم حولها كثير من الشبهات، ما جعله أحد أهم المطلوبين للجنة إزالة التمكين عقب الإطاحة بنظام الإسلاميين في أبريل 2019.
وفي تأكيد على صلة قادة انقلاب أكتوبر 2021، بتنظيم الأخوان المسلمين، تمّ الإفراج عن حمزة عقب الإطاحة الانتقالية بقيادة المدنيين، ليضمن العودة إلى نشاطه الاقتصادي، لا سيما وأنَّ اللجنة التي قامت بحجز أمواله وأصوله، تم تجميد كافة أعمالها في أول فرمان تلاه قائد الجيش صبيحة يوم الانقلاب.
فك ارتباط
الصلة بين حمزة وحماس، حظيت بالاهتمام في السودان، ربما بأكثر مما هو عليه الحال في غزة التي تقبع تحت القصف والحصار منذ أسابيع.
وعلَّ السؤال الأهم والأبرز بشأن هذه الآصرة، الخاص بأثر هذه العقوبات على الداخل السوداني، وعلى مسار الحرب المدمرة التي يخوضها الجيش ضد قوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي.
ودخل طرفا النزاع في حرب مدمرة، أدت إلى مقتل ما يزيد عن 9 آلاف سوداني، ونزوح ما يقارب 7.5 مليون آخرين عن منازلهم، فيما تتهدد أخطار الحرب، والتفلتات الأمنية، والفجوات الغذائية، والأوبئة الخطيرة، جميع السودانيين حالياً.
وأبدى المحلل السياسي حسام إبراهيم، دهشته من تحول عراب التطبيع مع إسرائيل، الجنرال عبد الفتاح البرهان، إلى داعم لأنشطة الإسلاميين مع حماس وبقية الحركات الجهادية.
وقال لـ(التغيير) إن على البرهان تقديم نفسه للعالم بوجه واحد، راعي للتطبيع أو داعم لحل القضية الفلسطينية وفقاً لرؤى حماس وبقية التنظيمات المسلحة.
وبعيداً عن أين يتموضع البرهان، أكد إبراهيم أن العقوبات الأمريكية على حمزة، تعطي إشارات أمريكية واضحة لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بضرورة فك ارتباطه مع تنظيم الحركة الإسلامية المحلول.
وقال إبراهيم، لـ(التغيير) إن وضع حمزة ومن قبل زعيم التنظيم علي كرتي في قوائم العقوبات، يزيد من الضغوط الموضوعة على البرهان، ويضعه أمام خياريّ، مواصلة علاقته بالإسلاميين ما يعني مزيد من العقوبات والعزلة الدولية أو فك الشراكة معهم، وترجيح الحل السلمي على خيار الحسم العسكري الذي يتبناه رجالات البشير على أمل العودة للسلطة ولو على حساب خراب وتفكيك السودان.
ونادى إبراهيم قائد الجيش بالإذعان لصوت العقل، والعودة إلى طاولة التفاوض لوضع نهاية للحرب، وبدأ عملية إصلاح أمني وعسكري واسعة تضمن خروج الجيش من العملية السياسية، مضيفاً بأن الإصرار على الحسم العسكري يهدد بحرب أهلية شاملة، وتفكيك البلاد إلى عدة دويلات.
وفي الصدد، حثَّ إبراهيم، واشنطن بممارسة مزيد من الضغوط على إسرائيل، من خلال لعب كرت العقوبات على إسلاميي السودان، لمنعها من تزويد قوات الدعم السريع بالسلاح المتطور.
مراجعات لازمة
يرى القيادي الإسلامي الشاب، مجاهد كمال الدين، إن قادة الإسلاميين لم يستفيدوا من درس حقبة البشير، ويعملون على طلب السلطة بذات الوسائل القديمة التي باعدت بينهم وبين غمار الناس (حد تعبيره).
وقال كمال الدين لـ(التغيير)، إن الإسلاميين وعوضاً عن العكوف على مراجعة تجربة الثلاثة عقود، واستخلاص العبر منها، بما في ذلك وسائل الحصول على السلطة، وعلاقتهم بالدولة ومؤسساتها؛ تعمدوا الزج بأنفسهم في معترك السياسة باستخدام ذات الوسائل القديمة وعلى رأسها دعم العسكريين، وبان ذلك في تأييدهم لتحركات البرهان في 25 أكتوبر 2021، ودعم حربه ضد الدعم السريع بعد 15 أبريل 2023، زد على ذلك تورطهم المستمر في إثارة القلاقل بما فيها التهديد بالحرب، والتمسك بقياداتهم المتورطة في انتهاكات جنائية ومالية خطيرة.
ونوه إلى أن استمرار قادتهم في اختطاف التنظيم، يهدد بإنزواء مزيد من القادة والنشطاء الفاعلين، وصولاً لحدوث تصدعات وانشقاقات غير قابلة للتدارك في صفوف الحركة الإسلامية.
مزيد من العقوبات
من المرجح أن تواصل الإدارة الأمريكية تقليم أظافر قادة النظام المعزول، لكن من مصلحة الجميع حالياً ومستقبلاً أن يحدث ذلك بعد قطع البرهان صلاته البتة بالتنظيم المحلول، خشية أن تؤدي علاقة الطرفين لمعاقبة البرهان نفسه، ومن ثم تنداح لجميع السودانيين، أسوة بالبشير الذي وضع السودان برمته في إسار العزلة الدولية، ليس لشيء إلا لخدمة أجنداته الشخصية وأجندات جماعته التي استولت على السلطة بقوة السلاح.
المصدر: صحيفة التغيير