اخبار السودان

كل الأيام يوم عالمي للأب: لماذا أنا نسوية؟

إشراقة مصطفى حامد

د. إشراقة مصطفى حامد

هذا الرجل الوسيم أبي عليه رحمة نور
أبي الذي وضع بصمته شموسا للوعي في حياتي منذ تلك الليلة التي قال لي فيها: (المعرفة ما بخافوا منها؛ المعرفة بخافوا عليها،) كان ذلك حين ضبطني فجرا اقرأ كتاب ( المرأة والجنس) لنوال السعداوي وكان عمري حينها سبعة عشر عاما. بهذه الكلمات مهد أبي لي الطريق… طريق النضال لأجل حقوق المرأة ما يعني حقوق الانسان. منذ ذلك الوقت صارت المعرفة لوعتي التي لا يكف عطشي نحوها وللابد.
المعرفة؟ كيف تسنى لأبي ان يغرس قيمة العلم والمعارف في عمري اليافع حينها؟ هل اشقاني بنيرانها ام اسعدني؟ محظوظة ان يكون لي أبا في جمال وعيه ونهمه للقراءة والاطلاع. أبي الذي كان ضد الختان ولكن سلطة الجدات كانت اكبر.
ماحدث في ذلك الفجر اسس ايضا لقيمة الحوار الذي بدأ مع أبي والذي اعتبره سابق لزمانه وعيا وروحا عصامية. دعم خياراتي السياسية وكان حزينا حين حرق الامن كتبي بعد انقلاب الانقاذ في الاسبوع الإول من يوليو 1989 حرقوها في وسط غرفتنا واحتفظوا ببحث تخرجي الذي تزامن مع الانقلاب. ( دور الصحافة الحزبية في معالجة قضية الجنوب: الميدان والراية نموذجا).
تلك التجارب وتفاصيلها اسست لوعي مغايير لازمني في رحلتي كنسوية في نسقها وهذا النسق هو الفضاء الإنساني الذي اسس لدينمايكية العلاقة بين المرأة والرجل ورسخ لوعي بان النسوية حركة وعي لأجل حياة تكون فيها العدالة الإجتماعية حق مكفول للنساء والرجال.

حواراتي حول النسوية المتطرفة ورفضي لكل ماهو متطرف سببه هذا الرجل العظيم ومثله كثر فكيف اؤسس لنسوية تقوم على اقصاء الرجل بسبب نوعه؟!
نسوية لاني ضد تدوير عمليات القهر
نسوية لاني لن اكف ان ادافع عن الحقوق… حقوق كل المقهورين والمقهورات.
نسوية لأن صوت النساء لاجل حقوقهن يهدر من حنجرتي.
نسوية لاني ارى هذا الكون وحدة واحدة لكل كائنته الحق في الحياة الكريمة.
نسوية لأن حماية البيئة هم نسوي ما يعني إنساني.
نسوية لاني ضد منظومة القهر الرأسمالي وبورصات الإفقار.

بذرة ذلك الفجر أكدت لي أن أبي يمتلك وعيا عظيما بقيمتي كامرأة تسير في طريق المعارف الذي مهده وسندني فيه بان كتب على صدر الكتب التي كان يشتريها بشغف ويقرأها بذات الشغف : مكتبة إبنتي آشراقة وكانت اعظم ثروة منحها لي…. بذرة النسوية الأولى في فضاء المعرفة الذي لا حدود له. منذها وأنا مولعة باقتناء الكتب… يتعاظم إحساسي بالآمان وإلفة المكان.

و…… يتبع

فيينا 2 اغسطس 2020

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *