اخبار السودان

كلية الخرطوم الجامعية (1951م 1956م)

أ. د. أحمد إبراهيم أبوشوك

أحمد إبراهيم أبوشوك

(1) شكَّلت كلية الخرطوم الجامعية المرحلة الثانية لتطور كلية غردون التذكارية ، التي أُنشئت تخليدًا لذكرى الجنرال تشارلس غردون ، حكمدار عام السُّودان (1884م 1885م) ، الذي قُتل في 26 يناير 1885م ، أثناء حصار أنصار الإمام المهدي لمدينة الخرطوم. واعتبر السير رتشارد تمبل (1826م 1902م) قتله “مُصِيبةً كُبرى” ؛ لأن فيه تحدِّيًا لكبرياء الإمبراطورية البريطانية ؛ ولذلك أوصى بضرورة استرجاع المدينة المحررة (الخرطوم) ، ووصف عمليَّة الاسترجاع بأنها “عمل مرغوب فيه بشدة … ولذلك يصعب رسم خطٍ فاصلٍ بين المنفعة العاجلة والضرورة”. تؤكد هذه الدعوة لاسترجاع الخرطوم أنَّ حكومة صاحبة الجلالة كانت لا تحكمها معايير أخلاقيَّة في سبيل تحقيق أهدافها الاستراتيجية ، كما أنَّها توضِّح أنَّ حكومة السير وليام غلادستون (1880م 1885م) في لندن كانت تخشى من أصداء انتصارات الثورة المهديَّة في أرجاء الإمبراطوريَّة الواسعة ؛ لأنها كانت تعتقد أنَّ صدى الانتصارات سيجيش الشعوب الشرقية ضد سيادتها الاستعماريَّة. ولذلك من أوائل الأعمال التي قام بها اللورد كتشنر ، أول حاكمٍ عامٍ للسودان الإنجليزي المصري (1899م) ، بعد القضاء على الدولة المهدية (1885م 1898م) ، أنّه نادى بإنشاء كلية تعليمية باسم غردون ، تخليدًا لسيرة الجنرال واحتفاءً بانتصار الإمبراطورية العسكري على “دولة الدراويش”. تبرع البريطانيون في إنجلترا ، وأستراليا ، وكندا ، ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا ، ومصر ، والهند بسخاء لإنشاء الكلية ، التي وضع اللورد كُرومر (Lord Cromer)، المندوب السامي البريطاني في القاهرة ، حجر أساسها في 5 يناير 1899م ، وافتتحها اللورد كتشنر في 8 نوفمبر 1902م ، واكتملت مبانيها عام 1903م . وعُين السير جيمس كري (James Currie) أول عميدٍ لكلية غردون التذكارية ، إلى جانب وظيفته مديرًا لمصلحة المعارف (1900م 1914م) ، وكانت سياسته التعليمية ترمي إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1. خلق طبقة من الحرفيين المهرة.
2. نشر قدر من التعليم بين سواد الناس، يكفي لتمكين المستفيدين منه من إدراك عمل الجهاز الحكومي ، ولا سيما فيما يختص بعدالة القضاء وحياديته.
3. تكوين كادر إداري صغير ، قادر على ملء الوظائف الحكومية ذات الطابع الإداري والتقني.

(2) في ضوء هذه الأهداف التعليمية ، نُقلت مدرسة الخرطوم الأوليَّة ومعهد تدريب نظَّار المدارس والقضاة الشرعيين والمدرسة الصناعية بأم درمان إلى مباني كلية غردون التذكارية ، ثم أُسست ورشة صناعية لتعليم النجارة والمساحة ومبادئ الهندسة الميكانيكية داخل مباني الكلية ، وحصلت الكلية أيضًا على مختبر لأبحاث المناطق المدارية ، تبرَّع به السير هنري ويلكم (Henry Wellcome). وفي عام 1905م أنشأت الكلية قسمًا للتعليم الثانوي ؛ لاستيعاب خريجي المدارس الابتدائية (الوسطى بعد عام 1933م). وتفرع القسم الجديد إلى شعبة المساحين التي كانت مدة الدراسة فيها عامين ، وشعبة مساعدي المهندسين والملاحظين التي كانت مدة الدراسة فيها أربعة أعوام ، وخُصص جناح في مباني الكلية لتدريس طلبة مدرسة الخرطوم العسكرية. وفي العام 1906م أُسس قسم لتدريب معلمي المرحلة الابتدائية لمدة أربع سنوات.

(3) وبعد وفاة اللورد كتشنر ، الذي غرقت سفينته في 5 يونيو 1916م غربي جزر أوركني (Orkney) الإسكتلندية ، دعت الحكومة الاستعمارية إلى تأسيس مدرسة طبية باسمه. وكان أول المساهمين في إنشاء مدرسة كتشنر الطبية أحمد هاشم البغدادي ، الذي أوقف بعض عقاراته في أم درمان والخرطوم لدفع المصاريف الدراسية للطلبة المتميزينالمحتاجين ، وذلك إلى جانب التبرعات الداخلية والخارجية الأخرى ، والدعم المالي الذي قدمته حكومة السُّودان لإنشاء المدرسة الطبية. وفي 29 فبراير 1924م اُفتتحت مدرسة كتشنر الطيبة ، مسترشدةً بمناهج الكليات الطبية في المملكة المتحدة. كما أُنشئت في العام نفسه ستةُ أقسام ثانوية مهنية ، شملت قسم القضاء الشرعي ، وقسم الهندسة ، وقسم العرفاء ، وقسم الكتبة ، وقسم المحاسبين ، وقسم العلوم. وكانت الدراسة في خمسة أقسام منها لمدة أربع سنوات ، بينما بلغت مدة الدراسة في قسم القضاء الشرعي خمس سنوات. وبناءً على توصيات لجنة دو لاوار (De La Warr) ، حُوِّل القسم الثانوي إلى مدرستي وادي سيدنا وحنتوب الثانويتين ، وخُصصت كلية غردون التذكارية لمجموعة من المدارس الثانوية العليا (Postsecondary Higher Schools)، التي شملت مدرسة الحقوق (1936)، ومدرسة الزراعة (1938م) ، ومدرسة العلوم البيطرية (1938م) ، ومدرسة العلوم (1939م) ، ومدرسة الهندسة (1939م) ، ومدرسة الآداب (1940م) ومدرسة الإدارة (1940م). ثم وُضعت جميع هذه المدارس تحت إدارة واحدة عام 1945م ، وعُين دكتور ج. د. توتهيل (J. D. Tothill)، أول مديرٍ لها، ويعاونه السيد س. و. م. كوكس (C.W.M. Cox)، العميد الأسبق لكلية غردون التذكارية (1937م 1940م).

(4) وفي عام 1951م صدر قانون كلية الخرطوم الجامعية ، الذي ضمَّ مدرسة كتشنر الطيبة إلى الكلية الجامعية ، وفي تلك الفترة كان مدير كلية الخرطوم الجامعية ل. س. ويلشر (1947م 1956م) ، وبموجب ذلك حدثت توأمة بين كلية الخرطوم الجامعية وجامعة لندن ، إذ أضحت جامعة لندن تصدر شهادات الخريجين المتفوقين من كلية الخرطوم الجامعية وبقية الخريجين يحصلون على شهادات دبلوم محلية تصدرها كلية الخرطوم الجامعية. وبعد أن نال السودان استقلاله عام 1956م ، تمَّ تغيير اسم كلية الخرطوم الجامعية إلى جامعة الخرطوم ، وبذلك أصبحت أول جامعة مستقلة تمنح شهاداتها الخاصة دون ارتباط بجامعة لندن ، وعُين مايكل غرانت (Michael Grant) أول مدير لها ، وظل في منصبه إلى أن سَوْدَنَ الوظيفة الأستاذ نصر الحاج علي عام 1958م ، بوصفه أول مدير سوداني لجامعة الخرطوم.

(5) قائمة مديري جامعة الخرطوم (1956م 2024م)
رقم الاسم الفترة الزمنية
1. بروفيسور مايكل غرانت (Michael Grant) مارس 1956م يونيو 1958م
2. الأستاذ نصر الحاج علي يوليو 1958م أبريل 1962م
3. بروفيسور النذير دفع الله أبريل 1962م يونيو 1968م
4. بروفيسور عمر محمد عثمان يوليو 1968م أغسطس 1971م
5. بروفيسور مصطفى حسن إسحاق أغسطس 1971م يوليو 1974م
6. بروفيسور عبد الله الطيب المجذوب يوليو 1974م نوفمبر 1975م
7. بروفيسور عبد الله أحمد عبد الله نوفمبر 1975م فبراير 1977م
8. بروفيسور علي محمد فضل فبراير 1977م فبراير 1981م
9. بروفيسور عمر محمد بليل فبراير 1981م أبريل 1985م
10. بروفيسور يوسف فضل حسن أبريل 1985م أبريل 1990م
11. بروفيسور مدثر الدرديري التنقاري أبريل 1990م يناير 1992م
12. بروفيسور مأمون محمد علي حميدة يناير 1992م يناير 1994م
13. بروفيسور هاشم محمد الهادي يناير 1994م مارس 1998م
14. بروفيسور الزبير بشير طه مارس 1998م يناير 2000م
15. بروفيسور عبد الملك محمد عبدالرحمن يناير 2000م أبريل 2004م
16. بروفيسور إبراهيم أحمد غندور أبريل 2004م سبتمبر 2004م
17. بروفيسور محمد أحمد علي الشيخ سبتمبر 2004م أبريل 2009م
18. بروفيسور مصطفى إدريس البشير أبريل 2009م يناير 2011م
19. بروفيسور الصديق أحمد المصطفى حياتي يناير 2011م فبراير 2015م
20. بروفيسور أحمد محمد سليمان محمد فبراير 2015م أكتوبر 2019م
21. بروفيسور فدوى عبد الرحمن علي طه أكتوبر 2019م أبريل 2022م
22. بروفيسور عماد الدين الأمين الطاهر عرديب أبريل 2022م الآن

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *