كلام في البداهات: القابلية للاستحمار!
رشا عوض
الذي يملك قرار الحرب والقدرة العملية على اشعالها هو من يسيطر سيطرة فعلية على قوة مسلحة تأتمر بامره، جيش او مليشيا، الذين يرددون أن قحت أشعلت الحرب ما هو منطقهم في ذلك؟
أين هي جيوش قحت او مليشياتها التي تجعلها عمليا قادرة على إشعال حرب؟ أما الادعاء الاجوف بأن الدعم السريع هو الذراع العسكري لقحت كما تردد كتائب الظل الإعلامية فهو كذبة تنطوي على خفة عقل كل من يصدقها! ما الذي يجعل الدعم السريع الذي تمرد على الكيزان الذين صنعوه وفتحوا له خزائن الدولة ومكنوه من ذهبها وتفرعن على الجيش الذي سلحه ودربه ، واهان البرهان رفيق دربه في المجازر والانقلابات على حكومة قحت ، ما الذي يجعله يأتمر بأمر قحت ويقدم لها فروض الولاء والطاعة ويتحول إلى خادم مطيع لاجندتها السياسية لدرجة ان يخوض هذا القتال الضاري والشرس باهظ الكلفة لا لشيء سوى سواد عيون السيدة قحت!
وما الذي يجعل قحت تراهن على سلاح خارج سيطرتها وصاحب هذا السلاح له اطماعه الخاصة في السلطة وهذه بداهة يعلمها اي عنقالي!
مفهوم جدا اجتهاد الكيزان في ترويج هذه الكذبة السمجة لمآرب سياسية، فهم يرغبون في استئصال خصومهم المدنيين من الساحة السياسية مستقبلا ومن اجل شرعنة هذا الاستئصال يزعمون ان القحاتة جزء لا يتجزأ من التمرد وهم الوجه الاخر للدعم السريع، وطبعا وصف ” قحاتي” يلصق اتوماتيكيا باي معارض للكيزان مهما بلغ اختلافه مع قحت بل حتى لو كان من معارضيها الصريحين! فالغوغائية اهم سلاح للفاشست والسرديات التبسيطية المتشنجة هي منهجهم، وفي هذه الحرب خلاصة السردية هي: هناك جيش وطني يحارب مليشيا متمردة خائنة ، معسكر الوطنية هو تأييد الجيش دون قيد او شرط، ومعسكر الخيانة هو الدعم السريع وقحت التي تؤيده، وهذا المعسكر لا ينحصر في الذين يؤيدون الدعم السريع او يقاتلون في صفوفه ، بل هو معسكر كبير يتمدد ليشمل كل من قال لا للحرب وكل من نظر إلى الأمر بتعقيداته المعلومة وكشف خباياه. ومن عجائب هذه السردية ان قحت خائنة لأنها لم تشجب وتستنكر انتهاكات الدعم السريع ولكن الخيانة لا تطال من صنعوا الدعم السريع وشاركوه كل جرائمه وانتهاكاته بل ودافعوا عنها وسجنوا من ادانها!!
كل هذا التدليس الكيزاني مفهوم لان ديدن هؤلاء هو استحمار الشعب السوداني !!
ولكن غير المفهوم هو حالة القابلية للاستحمار التي أراها في كثيرين كنت احسن الظن بهم !
كيف يغالط عاقل في شجرة نسب هذه الحرب بل وينسبها بلا تردد لقحت وأحيانا للاحزاب وصراعاتها ويقفز بمنتهى البهلوانية إلى خلاصة ان سبب كل هذا الخراب والمحنة هو قحت وتحديدا قحت المركزي ( يعني الارادلة والموازة مجرور فيهم النور) ومع سبق الاصرار والترصد يتستر على المسؤول المباشر عن إشعال الحرب ممثلا في كيزان الجيش والبرهان وحميدتي! هذا هو مثلث الحرب!
عندما نقول الكيزان هم من اشعلوا الحرب فهذه ليست تهمة جزافية كسولة ، بل هي معلومات صلبة ووقائع على الأرض!
الكيزان لديهم خلايا داخل الجيش السوداني نفذوا عبرها انقلابهم العسكري في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ ، بعد هذا الانقلاب بأقل من ٢٤ ساعة شرعوا في عملية الاحلال والابدال في الجيش على اساس الولاء لهم (قوائم الفصل كانت جاهزة)،وجعلوا الدخول للكلية الحربية لا يمر الا عبر قنوات التنظيم واي مناصب قيادية حساسة في الجيش من نصيب ضباط التنظيم ، سيطر الاسلامويون على مفاصل الجيش بشكل شبه كامل، بالاضافة للجيوش الجرارة الأخرى التي صنعوها على اعينهم من دفاع شعبي وابو طيرة وكتائب ظل وجنجويد ثم دعم سريع، واكبر تحول حدث في تاريخ الحركة الاسلامية كان تحول المركز الأمني العسكري من ذراع باطش في يد قيادة التنظيم السياسية إلى مركز سياسي مهيمن على التنظيم تماما ومسيطر على الدولة السودانية التي تعاملت معها الحركة الاسلامية كغنيمة حرب ، فتخاصم الكيزان وتعاركوا حول اقتسام هذه الغنيمة فيما بينهم وفي كل معركة كانت الغلبة لصالح المسنودين من التنظيم الأمني العسكري، فانقسموا إلى مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي، والمؤتمر الوطني تيارات والشعبي تيارات وهذا حديث يطول ، المهم هو ان النواة الصلبة للكيزان الان هي ” المركز الأمني العسكري ” ممثلا في تنظيمهم داخل الجيش وهيئة العمليات في جهاز الامن وابو طيرة والدفاع الشعبي وكتائب الظل ، هذا المركز الأمني العسكري مسكون بفكرة ان احتكاره للسلطة السياسية في السودان في حكم البداهة او القانون الطبيعي ! واي مساس بهذا الحق الحصري من ثورة شعبية او غيرها هو خطيئة يجب غسلها بالدم!
هذا هو منطق الحرب القذرة الدائرة حاليا ، المركز الأمني العسكري الكيزاني يريد كسر شوكة الدعم السريع لاستعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وهو الاستبداد الكيزاني الخالص، وتحويل قوى الحرية والتغيير وكل صاحب موقف صلب ضد الاستبداد الكيزاني إلى توأم سيامي للدعم السريع مفهوم في سياق الرغبة في ان تستأصل هذه الحرب كل خصوم الكيزان السياسيين .
والدعم السريع يريد كسر شوكة الكيزان حتى يخلو له وجه السلطة، طبعا يخلو له هو كدعم سريع وليس لقحت كما يردد المغيبون!
فاختلاف الكيزان مع الدعم السريع ليس بسبب انه مليشيا لانهم يحاربونه الان بمليشياتهم الاسلاموية المختبئة داخل الجيش ، فكتيبة البراء بن مالك مليشيا! وجنجويد موسى هلال الذين هم مع الكيزان زي السمن على العسل وهم على تنسيق تام معهم قبل وأثناء هذه الحرب هم مليشيا كذلك!! السبب هو ان الدعم السريع نازعهم في السلطة .
المصدر: صحيفة التغيير