حسن عبدالرضي الفكي

 

حسن عبد الرضي الشيخ

لم يكن عداء الإسلاميين(الكيزان) للقوى المدنية مجرد خلاف سياسي طبيعي بين تيارات متباينة، بل هو كراهية متجذرة تعكس خوفهم من مواجهة ماضيهم المثقل بالعنف والفساد. فالقوى المدنية تذكّرهم بجرائم بيوت الأشباح، وبدماء شباب الثورة الذين واجهوا رصاصهم بصدور عارية، كما تذكّرهم بمطلب العدالة الذي يظل حاضرًا مهما حاولوا الهروب منه.

لقد حملت ثورة ديسمبر المجيدة تحديًا وجوديًا لمشروع الإسلاميين، فأسقطت هيمنتهم وكشفت زيف خطابهم. ومن هنا جاء عداؤهم لقوى الحرية والتغيير التي قادت التحول المدني، وعداؤهم للجنة تفكيك التمكين التي فتحت ملفات فسادهم. كما أنهم يحمّلون رموزًا بعينها مسؤولية هذا الوعي الشعبي الجديد؛ فيكرهون خالد عمر يوسف بسبب وضوح خطابه، ويعادون ياسر عرمان لموقفه الثابت ضد مشروعهم، أما الجمهوريون فهم مصدر رعب دائم لهم لأن نبوءة الأستاذ محمود محمد طه باقتلاعهم من جذورهم ما زالت تلاحقهم بعد اغتياله، الذي لم يكن سوى اغتيال لرجولتهم وكرامتهم.

ويمتد هذا العداء ليشمل رموزًا مثل الدكتور عبد الله حمدوك. فالإسلاميون لم يكرهوا حمدوك لأنه فاسد، بل على العكس، كرهوا نزاهته لأنها فضحت فسادهم، وقوة شخصيته الأخلاقية لأنها هزّت بنيانهم الهش، ووطنيته لأنها كشفت خياناتهم.
في الحقيقة، لم يرفضوا حمدوك لشخصه بقدر ما رفضوا الفكرة التي يمثلها: أن يُحكم السودان بالعقل لا بالسلاح، بالكفاءة لا بالأيديولوجيا، وبالمحبة لا بالانتقام.ورغم هذه الكراهية، يظل صوت السلام حيًا، إذ أثبتت التجربة أن قوة الفكرة المدنية أقوى من كل محاولات التشويه والتخويف.
وحمدوك، بما مثّله من رمز للهدوء والحكمة، سيبقى شاهدًا على أن السودان قادر على النهوض من بين الركام، وأن المستقبل ليس للإسلاميين الذين يعيشون في خوف دائم من مواجهة الحقيقة، بل لشعب يصر على بناء دولة عادلة تسع الجميع.

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.