صباح محمد الحسن

طيف أول:

الحقيقة وحدها هي التي تخرج من معارك الجدل سليمة، تحمل كل المعاني في جوفها!!

وفي بيان توضيحي لوزارة الخارجية، تعقيبًا على ما ورد في وسائل الإعلام عن طلب اللجوء الذي تقدم به السفراء في دبلن قالت الخارجية: (تناقلت بعض وسائل الإعلام معلومات عارية عن الصحة بشأن قيام عدد من الدبلوماسيين في سفارة السودان في دبلن بطلبات لجوء في إيرلندا.

وأضافت أنها تؤكد بأن السفير عادل يوسف بانقا والسفير عمر أورك الدين، اللذين وردت أسماؤهما في الخبر المكذوب الذي تداولته عدد من وسائل الإعلام، قد أكملا فترة عملهما في وزارة الخارجية بعد بلوغهما سن المعاش في (2023 و2022)، كما أن السيد المستشار محمد موسى البشير، القائم بالأعمال بالإنابة السابق، أكمل فترة عمله بالسفارة ويتهيأ للعودة إلى عمله ضمن الطاقم الدبلوماسي لوزارة الخارجية والتعاون الدولي في السودان)!!

ولم تصدُق الخارجية في بيانها، فرئيس الوزراء يبدو أنه لم يتمكن حتى الآن من النظر بدقة في كشوفات السفراء .

فالسفير عادل بانقا، حسب مصادر دبلوماسية رفيعة ، تقدم فعليا بطلب اللجوء ، فهو من مواليد 12 أكتوبر 1958، تقاعد في 12 أكتوبر 2023، وطلب اللجوء في بلفاست. وعمر أورك الدين، من مواليد 1 يناير 1962، طلب اللجوء في دبلن (بعدما فصلته لجنة التمكين في فبراير 2020)، ولم يتقاعد بعد، على عكس ما ادعت الخارجية في بيانها أمس، لأن تاريخ تقاعده يكون في (1 يناير 2027)، وهو تاريخ بلوغه سن المعاش (65 عامًا).

ولكن كذبت الخارجية. وكذبتها، تعني تزويرًا واضحًا في الأوراق الرسمية، وهل قصدت أن تُمكّن الشعب السوداني معلومات مغلوطة عندما قالت إن السفير أورك تقاعد في 2022!!

هذا بجانب كذبة السفارة بدبلن، والتي يبدو أن الخارجية عندما استفسرتها عن طلبات اللجوء، حاولت رفع الحرج فنفت الأمر جملة وتفصيلًا.

وعمر أورك الدين، صاحب البيان الذي تم تداوله بالأمس والذي تحدث فيه بالنيابة عن آخرين، كان نائبًا للسفير في الفترة من (مايو 2016 حتى فبراير 2020) ، عندما فصلته لجنة تفكيك التمكين. وهو أيضًا طلب اللجوء، حسب ما اوردته المصادر

حتى أنه لم يوضح في بيانه أمس كيف يقيم الآن في دبلن منذ خمس سنوات وبأي صفة!!

وقالت الخارجية إن المستشار محمد موسى البشير انتهت فترة عمله بالسفارة كقائم بالأعمال، ولا يزال في دبلن لترتيب عودته!! فما الذي تقصده الخارجية بـ”الترتيب”

فالذي تنتهي فترته لا يبقى لسنوات، بل يعود فورًا إلي مقر الحكومة ببورتسودان.

والغريب أن القائم بالأعمال، لم ينفِ خبر طلبه اللجوء بنفسه، وجعل رئيس الجالية ينوب عنه.

وقالت السفارة أمس في البيان إنها (تود التشديد على التزام أعضاء البعثة كافة بمهامهم الرسمية وتمثيل السودان بما تمليه عليهم القواعد والأعراف الدبلوماسية).

وهذا تخوف واضح يؤكد عدم الثقة في كوادرها، فالذي يمثل البلاد تمثيلًا دبلوماسيًا صادقًا لا يُشدد عليه ولا يُذكّر بالأعراف الدبلوماسية. ولكن السفارة والخارجية تعلمان علم اليقين أن الدبلوماسيين تقدموا بطلب اللجوء حقيقة !! لكنها تحاول تغطية الأمر وإنكاره.

ومنذ أن غادر السفير بانقا، لم يتم إرسال أي سفير إلى هناك، وظلت السفارة تعمل بالقائم بالأعمال لذلك، فإن قول الخارجية إن السفارة تعمل بكامل طاقمها، فهذه كذبة أخرى.

ويبدو أن السفراء رأوا من الأفضل لهم ولأسرهم تقديم طلب اللجوء من أجل الحصول على حياة أفضل من بورتسودان، سيما أن حكومة إدريس أصبحت تفضل من يعمل “بلاش”، حيث بات التنازل عن المرتب للدولة سنة صالحة للتداول، بالرغم من أن مال الدولة يذهب إلى مجموعة معينة من الوزراء والمسؤولين ، بقيادة جابر وجبريل الأمر الذي يجعل التخلي عن الراتب يبدو وكأنه “بدعة غبية” .

وبعيدًا عن سفراء دبلن، هل تستطيع الخارجية أن توضح ما يحدث في سفارات أخرى من تمرد دبلوماسي؟ فهل عاد السفراء الذين تم إنهاء بعثاتهم في روما، وفي مدريد، وفي باريس، وفي الدوحة، وفي بيلاروسيا؟ هل عادوا إلى بورتسودان أم جميعهم طلبوا اللجوء؟!

والبقاء في السفارات في عهد السلطة الانقلابية تحدده علاقة السفير بصنّاع القرار، حيث تم تقليص فترات العمل في سفارات من (4 إلى 3 سنوات) لكل الفئات، مثل سفارات مدريد والجزائر وروما، لم يكملوا ثلاث أعوام، عكس السفراء في إندونيسيا والعراق والأردن وأوروبا شرقها ووسطها وغربها!! تم التمديد لهم لخمس سنوات، الأمر الذي يؤكد الفوضى التي تسود السلك الدبلوماسي، كمرآة حقيقية تعكس فوضى الدولة!!

طيف أخير:

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: (النازحون العائدون في السودان يواجهون ظروفًا صعبة تتمثل في أنظمة صحية وتعليمية منهارة).

واقع يكذب دعاة العودة ويفضح الحكومة.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.