كامل إدريس.. شرخ جديد في جسد تحالف بورتسودان
عثمان فضل الله
بخطوة مفاجئة ودون تشاور واضح مع الحلفاء، أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء، في لحظة سياسية بالغة التعقيد. القرار فجّر اعتراضات علنية داخل المعسكر السياسي والعسكري الذي يستند إليه المجلس السيادي، وأعاد إلى الواجهة أزمة الثقة المتفاقمة في تحالف بورتسودان.
رفض مسلح
حركة العدل والمساواة، التي تُعد من أبرز المكونات المسلحة المتحالفة مع السلطة، سارعت إلى إعلان رفضها القاطع. إدريس لقمة، وصف التعيين بأنه محاولة التفاف لا بد من مقاومتها، متسائلًا: “ماذا قدّم كامل إدريس؟” أما زكريا عثمان بنقو، رئيس مكتب الحركة في إسرائيل، فذهب أبعد من ذلك ونعته بـ”المتسلق”، مؤكدًا أنه لا يملك أي رصيد نضالي، ولا يليق به تولي منصب تنفيذي في مرحلة وصفها بـ”الوفاء لدماء حرب الكرامة”.
تحفّظ مدني
التحفظ لم يقتصر على الحركات المسلحة، بل معظم من استطلعناهم من قيادات ورموز التيار المدني الداعم لتحالف الكرامة ألمحوا إلى اعتراضهم على التعيين، مشيرين إلى أن الخطوة تمت دون مشاورة الحلفاء. هذا التوجس يعكس خللًا في آليات صنع القرار، ويؤكد استمرار النمط الأحادي داخل المجلس السيادي، مما يهدد بتفكيك التحالف من داخله.
غضب إسلامي
التيارات الإسلامية، التي تمثل أحد أعمدة الدعم السياسي والعسكري للبرهان، التزمت الصمت، لكن إشاراتها غير الرسمية تعبّر عن امتعاض واضح، إذ أن كامل إدريس لا يُنظر إليه كشخصية مأمونة من هذه التيارات، بل كامتداد لدوائر أممية وغربية، مما يجعله موضع شك في ظل تصاعد النفوذ الإسلامي داخل تحالف بورتسودان.
عوامل الفشل
كامل إدريس يدخل المنصب وهو محاط بعزلة شبه كاملة، تفتقر للغطاء السياسي والنضالي، وتضعه في مواجهة مباشرة مع مكونات أساسية داخل السلطة. افتقاده لأي قاعدة جماهيرية أو تنظيمية يتركه عاريًا من أدوات التأثير، فيما تُلقي صورته كـ”طامح قديم بلا مشروع” بظلال سلبية على حضوره العام. ومع استمرار الحرب وتعقّد المشهد الأمني، تبدو قدرته على إحداث فرق حقيقي محدودة للغاية.
هامش النجاح
ورغم كل ذلك، يملك إدريس بعض العوامل التي قد تمنحه هامش مناورة. أبرزها تمسّك البرهان به شخصيًا، ما يعني توفّر دعم المؤسسة العسكرية على الأقل في المدى القصير. كما أن مقبوليته النسبية في الأوساط الأممية والدولية قد تمنحه فرصة لبناء جسور خارجية يحتاجها تحالف بورتسودان بشدة. غير أن هذه العوامل، في غياب توافق داخلي، تظل غير كافية لتأمين نجاح حقيقي ومستدام.
واضح أن تعيين كامل إدريس أعاد طرح السؤال القديم الجديد: هل لا يزال تحالف بورتسودان قادرًا على إنتاج مشروع وطني؟ أم أنه يكتفي بإعادة تدوير الصراعات داخل بيته الداخلي؟ الإجابة تلوح من الرفض الصريح والمبطّن الذي قوبل به التعيين، وتدل على أن الأزمة داخل التحالف أكبر من مجرد اسم رئيس وزراء، بل تتعلق بطبيعة السلطة نفسها، ومن يملك القرار فيها.
أفق جديد
المصدر: صحيفة الراكوبة