د. أحمد التيجاني سيد احمد

 

 

لم يكن ظهور كامل إدريس في واجهة المشهد السياسي صدفة، بل كان تعيينًا مباشرًا من الشيطان الحاكم عبد الفتاح البرهان، وتقديمًا مدروسًا من بقايا الحركة الإسلامية عبر وكيلهم المسرحي القديم عمسيب.

 

إن إدخال هذا الرجل المنبوذ سابقًا من الساحة الدولية بسبب قضايا فساد وسرقة مستندات إلى ساحة السودان باسم “المدنية”، ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة الانحدار، حيث يعاد تدوير كل شيء، حتى الخداع، لكن هذه المرة في عبوة دبلوماسية ناعمة.

 

ولأنني استخدمت في تعليقي على هذه المهزلة تعبير “حصان البياحة”، فمن الضروري توضيح مغزاه. هذا التعبير لا يُحيل إلى مقال آخر، بل إلى مسرحية كتبها يوسف عايدابي خلال حقبة نميري، استخدم فيها “حصان البياحة” كرمز للسلطة الكاذبة، التي تبدو متألقة في العرض، بينما هي خواء في الفعل والجوهر.

 

تمامًا مثل ذلك الحصان المزخرف الذي لا يحارب ولا يحرث، بل يُستخدم للعرض، جاء كامل إدريس اليوم : سيرة مفبركة، مصطلحات براقة، وربطة عنق “مدنية” تُخفي باطنًا ملوثًا بالتزوير والانتهازية.

 

هذا الرجل الذي لعب بتواريخ ميلاده ليحصل على مناصب أممية، لم يكتب سيرة وطنية، بل كتيّب علاقات عامة لخداع العواصم الغربية، بينما نسي أن يشير في كتابه إلى دارفور. لم يأت ليبني، بل ليعرض. لم يُطلب ليخدم السودان، بل ليُجمّل صورة سلطة غارقة في الدم.

 

لقد أعيد تقديمه للمشهد بوساطة عمسيب، رجل المهمات القذرة في معمل “الإنقاذ”، ليس لأنه يملك مشروعًا، بل لأنه لا يملك موقفًا. رجل صامت، يبتسم، يسافر، ويجلس في الصفوف الأمامية عندما تُوزّع المناصب.

 

وهكذا، مرة أخرى، يُعاد إنتاج الفشل بوجوه من ورق لامع.

 

نحن لا نسقط، ولا ننهض، بل نبدّل الأقنعة، ونطلي الواجهة بلون الحياد الباهت، كأن شيئًا لم يكن.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.