كارتيلات إخوانية وشعب في محنة! السودانية , اخبار السودان
كارتيلات إخوانية وشعب في محنة!
بثينة تروس
كتب أحد الإخوان المسلمون بخصوص تسليم القائد العام لقوات درع السودان سابقاً أبو عاقلة محمد أحمد كيكل، والذي انضم لفريق الدعم السريع في الحرب الحالية، ثم عاد للجيش مجدداً وسلم نفسه في سهل البطانة (مثل كيكل كمثل أبي سفيان بن حرب، عزيز في الجاهلية وعزيز في الإسلام)! كما رشحت أخبار عن تفاوض استمر شهور بين استخبارات الجيش وكيكل ليسلم نفسه.. بل ظهرت اتهامات له بدور يلعبه في إغتيال بعض قادة الدعم السريع أو فتح ثغرات عسكرية لمتحركاتهم في منطقة الفاو حتى يتمكن الجيش والمليشيات التي تتبع له من هزيمتهم..
الشاهد في كل حادثة تستجد في هذه الحرب اللعينة تؤكد أنه لا ضحية غير الشعب الممحون، الذي تمت معاقبته لأنه حلم بالمدنية ودولة القانون والعدالة، وهي غايات تسلب هؤلاء اللصوص جميع مكتسباتهم، تعرضهم للمحاسبات، وتحرمهم من غايتهم في العودة للسلطة، فهو مسلسل متواصل من التآمر والسقوط في هاوية الاسترزاق بين تلك الفصائل المتقاتلة، وبنفس الشخصيات، من ضباط مليشيات إخوانية طامعة في أن تنال ما نالته قوات الدعم السريع من خصوصية سابقة، كما اشتهى كيكل أن يكون حاكماً على الجزيرة!! متملصاً من دعاوى دولة 56 وتهميشها وحماية الديموقراطية! وطلب كيكل هو من نسيج تربية لا تستحي من طلب السلطة وقتل الأنفس البريئة (لأتفه الأسباب) وهي اَمنة من العقوبة عن جرائم الحروب والفساد، بل حتى جرائم العبث بالشريعة الإسلامية التي أطلقوا عليها (شريعة مدغمسة)، هم طلقاء بلا حسيب أو رقيب، كما أكد كيكل بتصريحاته أنه (أكملت مهمتي بنجاح رغم ألم شعبي الذي لم يفارق مخيلتي يوماً)! على التحقيق لكل منهم باع طويل في الخيانة والغدر المركوز في ساس دولتهم برواية (إذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً)، فالشعوب آخر همهم.
فحين فرح الإخوانيون وطربوا لرجعة كيكل للبيت القديم ووصفوها بالشجاعة، صرحت القيادة العامة للقوات المسلحة (أنه انحاز لجانب الحق والوطن.. كما نجدد عفو السيد رئيس مجلس السيادة لأي متمرد ينحاز لجانب الوطن) ذلك العفو الذي يبدو أنه رهين فقط بالانتماء لمليشيات الإخوان المسلمين، ومحرم على المدنيين، الذين تم دمغهم بالخيانة الوطنية فقط لمناداتهم بوقف الحرب.
وفي حرب الكرامة المزعومة هذه والتي تلتهم نيرانها الأخضر واليابس، وتزهق أرواح شباب الوطن، لم نسمع بمطالب القصاص من أبو عاقلة كيكل وجنوده، لهتك العروض والاغتصابات، والدم المسفوح، وترويع المساكين وإخراجهم من بيوتهم، وهم يهيمون على وجوههم ما بين مذهول، ومريض وجريح ومفقود! والناجي منهم نازح ولاجئ. بل لاتزال الجزيرة ومواطنوها رهينة الجنجويد، تلك الجزيرة التي أذاقها (المتمرد) كيكل الأمرين من الهوان والمذلة، بعد تركها الجيش مسرحاً للانتهاكات الإنسانية وهرب.
وللأسف سوف ينال الشرفاء فيها في مقبل الأيام مزيد من التنكيل والتقتيل بسنة (الوجوه الغريبة) وشبهة الخيانة! وكذلك سوف تجتهد مليشيات الجيش في ترويع المواطنين في مناطقها (المحررة) بنفس الدعاوي، إذ الشعب بين ناري الخضوع، أو تقديم أبنائهم أكباش فداء لعودة الحركة الإسلامية.
وما حدث في قرية تمبول التي كانت وادعة قبل تلك الحرب، نموذج لخيبات الحرب التي لا تقع إلا على كاهل المواطنين، إعلام مضلل من الطرفين المتقاتلين، لا يهمه حال الناس، فقد شهدنا فرح أهالي تمبول بدخول الجيش الاستعراضي، الذي لم يلبث أن انسحب وتركهم للمليشيات المجرمة التي روعتهم بتهمة الفرح بدخول الجيش! لقد عزت الأفراح على المواطنين، إذ هم في محنة حقيقة لم يجابهوا مثيلاً لها من قبل فهم في بداية الحرب حين تمت مداهمة قراهم تصالحوا مع الدعم السريع طلباً للأمان والسلامة، حين لم يجدوا الجيش، وهم اليوم يفرحون عقب كل انتصار للجيش طلباً للأمان والسلامة كذلك، وهذا ما يؤكد أنهم لا يطلبون غير وقف الحرب.
إن معركة الكارتيلات هذه لا مصلحة للشعب فيها، فشرها المستطير يزداد يوماً بعد يوم، ويزداد معه حجم الخسائر، وإزهاق الأرواح، وستظل نيرانها موقدة تزداد ضراوتها مع ازدياد جهالات قصار أحلام الحركة الإسلامية بجميع ميليشياتها، ومطامع الدعم السريع وميلشياته، ووقوع المكون المدني في توهان الصراعات المدنية.. إن الجميع يفتحون البلاد على مصراعيها للتدخلات الخارجية، ولن يجدي حينها التباكي، حيث ستصبح الدولة رهينة لإملاء القرارات الأجنبية ولشراء ذمم الساسة والحكام، ويظل المواطن في محنته.
المصدر: صحيفة التغيير