قيادي بـ”تقدم”: العام الثاني للحرب سيشهد سيناريوهات جديدة
حوار : احمد خليل
() تقييمك للوضع العام خاصة مع اتهام القوى المدنية بإثارة خطاب الكراهية والحرب، ومؤخراً، تم تقييد دعاوي جنائية تتعلق بإثارة الحرب ضد الدولة في مواجهة قيادات من (تقدم)..؟
إذا كان من أبسط حقوق التقاضي في الوصول للعدالة هو استقرار أدوات التقاضي واكتمال هياكلها واستقرار الدولة نفسها، فإن عدم توفر أساسيات هذه المعاني يصبح كلما طرح الآن حول العلاقات وخلافه في إطار العمل السياسي والصراع السياسي في إطار الحرب، ليس لديه معنى لأنه جزء من طبيعة الصراع المستمر، القضايا الآن أكبر بكثير من القضايا الصغيرة، فالأكبر الآن إيقاف الحرب واستمرار الدولة وإكمال مؤسساتها ، ما يحدث الآن لا أنظر اليه بعيداً عن الصراع السياسي المستمر و محاولة هيمنة الإسلاميين على هيكل الدولة المفقودة والغائبة ومحاولة لتصفية حسابات ليس إلا.
*في خضم الأزمة الحربية كيف توقفون الحرب وتأتون بالسلام..؟
الحالة التي يمر بها السودان الآن استثنائية جداً، وكذلك طبيعة الحرب الدائرة الآن استثنائية للغاية، وأعتقد اليوم الأول للحرب يختلف عن الشهر الأول، عن الشهر الثاني والشهر الثالث، الآن الحرب تذهب لسيناريوهات جديدة وأكثر تعقيداً، في إطار الأزمات الإنسانية الكبيرة والموت المجاني الذي يتم والسلب والنهب وتجريد غالبية السودانيين من ممتلكاتهم، وفي إطار كل هذا الحرب تتوسع إلى سيناريو الحرب الأهلية وبتعقيد أكبر واستنفار وعنصرية وجهل وجهوية وتخريب كل مايتم تجاوزه منذ عشرينات القرن الماضي والرجوع إلى المكونات الأولية للسودان من قبلية وجهوية وخلافه، الآن الحرب تذهب نحو سيناريو التقسييم، وبكل أسف الطرفان يرتبان للاحتفاظ برقع جغرافية وتطويرها إلى دولة، وهذا يتطلب دور كبير ومهم من القوى المدنية لأهميتها ومسؤوليتها في العملية السياسية وإيقاف الحرب وعلاقتها بالمجتمع الإقليمي والدولي يجب أن تلعب دور مهم في الضغط على طرفي النزاع لابعادهما عن سيناريو التقسيم وهو أمر خطير لأنه سيذهب بدوره إلى تقسييم القوى المدنية والسياسية.
*ما الذي يفترض أن يقوم به المجتمع المدني.. ؟
المجتمع المدني والقوى السياسية وكل فئات المجتمع تعمل مع بعض في كيفية الترتيب لإيقاف الحرب وتضغط الطرفين للقبول بالتفاوض وأهمية التفاوض يقسم إيقاف الحرب، وهذه العملية مفقودة في الخطاب السياسي، فمن المهم تقسييم إيقاف الحرب والعملية السياسية إلى قسمين الأول إيقاف الحرب وهذا يتطلب وجود الطرفين ويتطلب تدخل المجتمع المدني والقوى السياسية وتحالفاتها ويتطلب خلق أكبر في الصوت الواحد، وهذا يتم بمساعدة المجتمع الإقليمي والدولي حتى يتم إيقاف الحرب كمرحلة أولى وإيقاف العدائيات ويرتب نحو إيقاف الحرب بصورة نهائية، المرحلة الثانية تستكمل العودة إلى العملية السياسية، فالمرحلة الأولى تتطلب وجود الطرفين والمرحلة الثانية يجب أن يبتعد عنها الطرفين لأسباب تتعلق بوجوب الا يكون الطرفين جزءاً في العملية السياسية ولابد بعدها ان يحدث توافق واسع حول الانتقال ومهماته وترتيب المناخ للعودة إلى الناخب الوطني، قبل هذا وبعد العملية الأولى عودة السودانيين إلى أماكنهم للإشراف عليها وعودة الحياة وترتيبات مابعد إيقاف الحرب بشكل كامل من ناحية مدنية بصورة عامة.
سؤالك عن ماذا تفعل القوى المدنية حالياً، أعتقد القوى المدنية أن لها ثلاثة أجندة رئيسية هي خلق حالة مائدة واسعة تضم كل القوى الداعمة لإيقاف الحرب وعودة السودانيين إلى ديارهم وتتفق على العودة إلى الانتقال والعملية السياسية، ويجب أن تتجه المائدة لبناء صوت وطني واحد مهمته بعد إيقاف الحرب وترتيبات الانتقال وبالتالي كل يعمل حسب مايخصه.
*الآن الخطاب السياسي في مناطق سيطرة الطرفين صوت داعي لاستمرار الحرب.. هل يعزى ذلك إلى ضعف خطاب القوى المدنية..؟
لا أعتقد أن الصوت الغالب هو استمرار الحرب، ولكن السبب الرئيسي في عدم وجود دور واضح للقوى المدنية هو التأثير المباشر للحرب تهجير قطاعات واسع من الشعب السوداني وعلى رأسهم الطبقة الوسطى، الآن هنالك أكثر من “11” مليون نازح وأكثر من “4” ملايين لاجئ، الآن الخرطوم وعدد من مدن الحرب أقرب لمدن أشباح، ولذلك الصوت المدني الحقيقي الذي كان ينبض بالحياة ويستوعب العملية السياسية، والذي ساهم مساهمة كبيرة في إسقاط نظام الاستبداد وعودة الحياة الديمقراطية الآن هو بسبب الحرب مغيب ومهجر ولذلك أي صوت في الداخل يدعو لاستمرار الحرب هو صوت مخلوط باجندة اسلاميين للاستفادة من قيام الحرب وتشكيك القوى المدنية والعودة من جديد إلى السلطة لحماية مصالح خاصة ولكن أي مواطن سوداني موجود الآن بالداخل بسبب الفقر أو عدم القدرة على النزوح والهجرة هو يتمنى أن تتوقف الحرب اليوم قبل الغد وهذه معلومات دقيقة ومفصلة، ولذلك لا نستطيع أن نقول على أي حال من الأحوال أن الصوت الغالب هو صوت إستمرار الحرب، لكن الصوت الذي يؤجج الحرب الآن هو نفس الصوت الذي دعا إلى إسقاط المرحلة الإنتقالية عبر خطة من ثلاث مراحل، أولها إسقاط العملية الانتقالية بعد وصولها إلي تجريد النظام السابق من كل مواقعه و محاربة الفساد ومحاكمة المفسدين وتهيئة البلاد إلى تحول ديمقراطي حقيقي، وكان هذا الصوت يعمل حتى وصل إلى إنقلاب “25” أكتوبر الذي قوبل برفض الحركة الجماهيرية، وفشل حتى بعد عامين وبعد الإنقلاب عاد الإسلاميين إلى إستلام ركائز الدولة، وبسبب الخلافات بين طرفي المكون العسكري وموقف الدعم السريع ضد عودة الإسلاميين لكل مفاصل الدولة فكر الاسلاميون في التخلص من الدعم السريع وفي ذات الوقت وبضربة واحدة يتخلصوا من القوى المدنية والقوى السياسية الممثلة في القوى المفجرة للثورة في تحالف الحرية والتغيير، كانت هنالك سردية واضحة بمجرد أن قامت الحرب في “15” أبريل كانت هنالك سردية واحدة من الإسلاميين حول الحرب القضاء على الحرية والتغيير والدعم السريع وبضربة واحدة ويخلو المناخ لعودة الإسلاميين، وفشلت الحرب في القضاء على القوى المدنية، والآن إستمرار الحرب هو استمرار منهجية الإسلاميين في العودة إلى السلطة لكن الجهود الآن تمضي في “تقدم” ومع الجهود ومع القوى الرافضة للحرب والحريصة على عودة الانتقال، وفي وقت قريب ستتغير المعادلة وستكون معادلة جديدة في إيقاف الحرب، وبالتالي الدور الأساسي للقوى المدنية توحيد الصوت المدني و الضغط على الطرفين لأجل إيقاف الحرب وكمستوى آني الضغط من أجل وصول المساعدات الإنسانية وفتح الممرات الآمنة وتم نقاش هذا في إجتماع تقدم وسيرى نتائج في الفترة القادمة.
نقلاً عن (سودان تايمز)
المصدر: صحيفة الراكوبة