تصاعدت خلال الأيام الماضية على منصات التواصل الاجتماعي موجة جدل واسعة حول أنباء مقتل مرتزقة كولومبيين كانوا يقاتلون في صفوف قوات الدعم السريع في المعارك الأخيرة بمدينة الفاشر غربي السودان، وقد شغلت القضية المدونين والنشطاء على منصة “فيسبوك”، حيث ارتبطت بتقارير تشير إلى مطالبة حكومة كولومبيا عبر سفارتها في القاهرة بتسليم رفات القتلى.

كمبالا: التغيير 

انقسم الرأي في مواقع التواصل الاجتماعي حول قضية المرتزقة الكولومبيين بين مصدق ومكذب وساخر إذ ان الموضوع لم تتم إثارته عبر بيان رسمي من القوات المسلحة السودانية ، بل انتشر في السوشيال ميديا عبر فيديوهات.

الجهات المؤيدة للجيش  تداولت عددا من القصص حول المرتزقة الكولومبيين لم يتسن للتغيير التحقق من صحتها   مثلا قال صهيب عيسى إن مرتزقة كولومبيين وأجانب أطلقوا النار من أمام المسجد الكبير بمدينة الفاشر باتجاه القوات السودانية والمواطنين، وأضاف أن ما يجري هو حرب منظمة ومخططة يديرها أجانب، مشددًا على أن “لا خيار أمام السودانيين سوى هزيمة الدعم السريع أو إخضاعه عبر التفاوض”.

من جانبه نفى الدعم السريع ببيان الخبر المتداول حول الهجوم على طائرة اماراتية تقل مرتزقة كولومبيين وسخر المدونون الموالون للدعم السريع من الخبر الذي شكك فيه المدون هشام عباس مستندا الى عدم صدور بيان من الجيش حول الحادثة إذ كتب على حسابه بموقع فيسبوك ” لا يعقل ابداً ان جيش يوجه اصابع الاتهام نحو الامارات بمشاركتها في الحرب ويجد فرصة مواتية لتأكيد اتهاماته من خلال عملية عسكرية ناجحة كهذه ولا يستغلها بل لا يتحدث عنها ما يؤكد ان العملية لا وجود لها من الاساس الا في خيال من الفوها ونشروها ، و‏الاغرب من ذلك تحريف حديث الرئيس الكولمبي الذي طالب بالتحقيق حول هذه الادعاءات ، قامت نفس اللجان بتحريف حديثه والادعاء انه اعتراف منه . لو كانت الواقعة صحيحة وهناك اي عملية كما ادعوا كان الواجب ان تستغل الدولة والجيش تدخل الرئيس الكولمبي بنفسه وتصعيد الموقف لتحويله الى رأي عام عالمي ! ‏لكن بتتبع كيف وصل الخبر الى كولمبيا نجد ان الخبر تم نشره عبر موقع اسباني بتقرير اعد من القاهرة وعبر افراد سودانيين ومصريين وهذه قصة اخرى سنكشف تفاصيلها ايضاً ”

وأوضح أحمد شموخ أن بعض القادة الذين تحدثوا عن الهامش كانوا يقصدون حسب وصفه جنوبًا كوكبيا مهمشًا بالكامل، واتهم الدعم السريع بجلب مناضلين أمميين من كولومبيا بعد أن استعان سابقًا بالجنجويد ومرتزقة من أفريقيا وآسيا بغرض غزو السودان والسيطرة على مدينة الفاشر، كما يظهر في فيديو متداول.
وانتقد شموخ من وصفهم بأنهم يرفضون الاعتراف بأن السودان يواجه عدوانًا خارجيًا يهدف إلى تقسيمه واحتلاله وتفكيك مؤسساته، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يعود إما للغضب من النظام السابق أو للإحباط بعد انتكاسة الثورات.

وكتب محمد خليفة قائلًا: “كما أسلفنا القول بالأمس، هلاك مجموعة من المرتزقة الكولومبيين الذين يقاتلون في مدينة الفاشر، وأشرنا إلى أن جنود الجيش عثروا على بعض هواتفهم، وها هو أحد المرتزقة قد ترك هاتفه مفتوحًا دون نمط، وقد بدأ ما في داخله بالخروج للعلن كمقطع الفيديو المنتشر حاليًا”.

أما عبد الرؤوف طه فانتقد تعاطي الحكومة مع القضية، وكتب قائلًا: “تعاطي الحكومة مع قضية المرتزقة الكولومبيين الذين قتلوا في الفاشر وكشفت تقارير إعلامية كيف تم إرسالهم إلى السودان كان باهتًا للغاية”.
وأضاف في تدوينته أن قضية مثل هذه كان يجب أن يعقد لها مؤتمر صحفي يضم وزارة الخارجية والإعلام والمتحدث باسم الجيش، لفضح المخطط الكبير ضد السودان، وبأدلة ومستندات مبذولة في الإعلام، وحتى الآن لم يصدر تصريح رسمي من أي جهة، ولم تتناول منصات الإعلام الرسمية التابعة للدولة الخبر الذي يستحق أن تبرز له مساحات واسعة.

بينما قال راشد أمين إن المرتزقة الكولومبيين مع قوات الدعم السريع، وأضح أنهم قد أتوا بالمرتزقة المحترفين، وسوف نرى أكثر بدل مبتدئي الارتزاق الأفارقة والمرتزقة الدواعش في الموجة الثانية لحرب 15 أبريل لتقسيم البلاد، “ونقول أيضًا كولومبيا تمثل الثورة”.

أما أحمد البطحاني فاستعاد ما نشره العام الماضي مرفقًا بصور لحسابات بنكية، قائلًا: “حسابات المرتزقة الكولومبيين البنكية، هنكر المرتزقة في بنغازي، نموذج استمارة استجلابهم عن طريق الشركة الإماراتية، نقطة تسليم في أحد وديان تشاد، شروط التقديم في الشركة، جثث المرتزقة في صحراء دارفور، أي شيء مكتوب فوق الدليل حقها في الصور المنشورة”.

وكان قد انتشر على منصات التواصل الاجتماعي تقرير تناول تجنيد المرتزقة الكولومبيين للقتال في السودان، مدعومًا بمستندات ووثائق لشركات تعمل في استجلاب المرتزقة، وبحسب التقرير المتداول فإن أبرز ما كشفه هو تزايد عدد القتلى وسط قوات الدعم السريع في دارفور على يد الجيش السوداني.

وكتب المدون هاشم عباس قائلًا: “يعني أنت تحصلت على أدلة بمشاركة مرتزقة كولومبيين في الحرب، والأدلة هذه المفترض أنها كنز تقدر تستغله في عمل سياسي على أعلى مستوى، وبدلًا من عمل سياسي ودبلوماسي تسلم المقاطع للجان الإلكترونية وذباب إلكتروني لاستخدام المقاطع فقط في سب وشتم القوى المدنية، تمامًا كما كانت تُستخدم قضية الانتهاكات سابقًا”.

وكتب خالد حسن قائلًا: “تخيل بس لو المرتزقة الكولومبيين ظهروا مع قوات مساندة للجيش السوداني، كان رد المجتمع الدولي حيكون كيف؟ والآن كأن لا شيء لم يكن بعد ظهور الكولومبيين مع مرتزقة قوات الدعم السريع”، على حد تعبيره.

أما أبو فارس فكتب قائلًا: “مبدئيًا، القوات المسلحة انتصرت مرتين: انتصرت في موضوع الحصول على معلومات ومستندات والتوصل إلى المرتزقة الكولومبيين، وجانب آخر يؤكد صحة المعلومات هو ما نقلته أجهزة الإعلام السودانية ووزارة الخارجية. هذه الضربات اعتبارية ومعنوية وهي كبيرة جدًا”.

على صعيد اخر سخر مدونون مؤيدون للتيار المدني الديمقراطي من الحملة الإعلامية التي يشنها المؤيدون للجيش بسبب موضوع المرتزقة الكولومبيين في حين ان الجيش نفسه استقدم مرتزقة من التغراي والارتريين والاوكرانيين والروس والايرانيين لمساندته في الحرب كما ان الجيش نفسه قاتل في اليمن برفقة الدعم السريع في اطار “عاصفة الحزم” وبالتالي لا معنى للاحتجاج على المرتزقة الكولومبيين.

وكتب الصحفي المؤيد للجيش ضياء الدين بلال منشورا على صفحته بموقع فيس بوك انتقد فيه نشر تلفزيون السودان الرسمي المحسوب على الدولة نشر اخبار ذات طابع عسكري لمصادر مجهولة مما يسبب للدولة مشاكل دبلوماسية، وذلك في اشارة مبطنة لموضوع المرتزقة الكولومبيين الذي جعل كولومبيا تحرك سفيرها في مصر للتقصي عن الامر والمطالبة بتسليم جثامين المرتزقة الذين اعلن تلفزيون السودان نقلا عن مواقع التواصل الاجتماعي انهم قتلوا في معركة بالفاشر.

ويرى قانونيون أن وجود مرتزقة أجانب في النزاع السوداني قد يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالسودان، خاصة إذا ثبت تورط دول أو شركات في تمويلهم ونقلهم.

وتعد كولومبيا تاريخيًا أحد أكبر مصادر المرتزقة في العالم، خاصة بعد اتفاق السلام مع حركة “فارك” عام 2016 الذي أدى إلى تسريح آلاف المقاتلين المدربين، كثير منهم وجدوا فرصًا في شركات أمنية خاصة تنشط في الشرق الأوسط وأفريقيا بدعم وتمويل من دول وشركات متعددة. يستند عمل هؤلاء المرتزقة غالبًا إلى عقود مع شركات أمنية مسجلة في الإمارات وجنوب أفريقيا توفر خدمات “حماية” و”حراسة”، لكنها عمليًا تشارك في القتال المباشر.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.