اخبار السودان

قراءه في البيان الختامى لتقدم

السر العجمي

قراءة أولية في البيان الختامي لتقدم
الخميس الموافق 30 مايو 2024م .

اختتمت أعمال المؤتمر التأسيسي للقوى  الديمقراطية المدنية تقدم بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا ، بصدور البيان الختامي للمؤتمر ، حيث شارك في هذا المؤتمر اكثر من 600 عضو جاءوا من ولايات السودان ال18 ومن 244 دولة من المهجر وشكلوا اكبر جبهة مدنية لا نهاء الحرب وتحقيق السلام  والمحافظة علي وحدة السودان وسيادته واستكمال ثورة ديسمبر المجيدة وبناء السودان علي اسس جديدة وفقا لما صدر في البان الختامي .

واخير تم انتخاب الدكتور عبد الله حمدوك رئيسا لتقدم.
• اولا قبل الخوض في القراءة لابد من التأكيد بشعار لا للحرب ، ويجب الاعتراف بان تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية هي  الاكثر تحركا في المشهد الساسي ، وتسعي الى توحيد كل القوي والمدنية والسياسية في مظلة واحد ، وبالرغم من ان تقدم لم تمثل كل الشعب السوداني ، الا ان السعي لا يقاف الحرب هو من الضروري وهي النقطة المركزية التي يجب ان يجتمع عليها كل القوي المناهضة للحرب. وهذا ما يريده الشعب السوداني ، الذي اصبح مشردا بين النزوح واللجوء. ولكن كل هذا لا يمنع من تقديم قراءة نقدية حول البيان الختامي لتقدم .
• جاء في مقدمة البيان انه منذ الاستقلال وحتي حرب 15 أبريل 2023م ظل الشعب يعاني من فشل حكوماته المتعاقبة واستبداها واهدارها للموارد وارتكاب الجرائم في حق الشعب ، وأن المؤتمر يبحث عن السلام واستعادة المسار الديمقراطي ، ويجعل هذه الحرب أخر الحروب ويضع البلاد في المسار الصاعد المؤسسي لعقد اجتماعي جديد.
يبدو أن هذه الفقرة حاولت تناولت اشكالية بناء الدولة السودانية منذ الاستقلال ، الا  انها لم تتناول السبب الرئيسي في الاشكالية وحصرت الاشكالية منذ فجر الاستقلال ، فالإشكالية لم تبدء منذ فجر الاستقلال .. بل منذ وجود المستعمر البريطاني عند اعادة احتلاله للبلاد في 1899م.
أن البيان عزا الفشل  والاستبداد علي الحكومات المتعاقبة ، دون أن يوضح اسباب هذا الفشل حتي يمكنه معالجته. وفي اعتقادي ان الفشل يتمثل في غياب المشروع والرؤية لبناء الدولة ، في . والسؤال الذي يثار في الذهن ماهي رؤية تقدم لمسالة بناء الدولة؟ خاصة انها لم تقدم اي رؤية لما ذكرته في مقدمة البيان أم  تري تقدم ان الاوراق التي قدمت من قبل تقدم في ورشة نيروبي من عدالة انتقالية وعون انساني وحكم محلى والاصلاح الأمني والعسكري هي التي سوف تبني الدولة؟ فضلا عن ذلك لابد من الاشارة الى ان كل الحكومات التي تعاقبت علي السودان سواء عسكرية او ديمقراطية استبدادية ، والشاهد علي ذلك استبداد الحكومة الديمقراطية الثانية بطرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان. والمدهش ان ذات الاحزاب التي أودت الديمقراطية الان داخل تقدم وتطالب بالديمقراطية . فالذهنية السودانية واحدة ولن تتغير حتي لو جاءت الديمقراطية ، فيظل الاستبداد موجود وذلك لقصور الفهم الديمقراطي عند بعض الاحزاب السودانية. فالديمقراطية في السودان محصورة في البعد القانوني فقط  بعيدا عن البعد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
*سبق المؤتمر التحضيري اربعة ورش عمل حول الحكم المحلي ، والترتيبات الدستورية ، والعدالة الانتقالية والاصلاح الامني والعسكري.
بالرغم من بعض مواضيع هذه الورش هي من مهام المؤتمر الدستوري ، الا اننا سوف نناقش ما توصلت اليه تقدم من توصيات:
في مخرجات ورشة الاصلاح الأمني والعسكري ، نادت تقدم ببناء جيش قومي من كل القوات العسكرية (القوات المسلحة والدعم السريع وحركات الكفاح المسلح) ينائ عن الاقتصاد والسياسة ويعكس تنوع وتعدد السودانيين في كافة المستويات حسب الثقل السكاني.
أن ما توصلت اليه تقدم يخالف شعارات الثورة التي تطالب بحل قوات الدعم السريع. ومع كل الانتهاكات التي ارتكبها الدعم السريع في دارفور وقبل حرب ابريل وبالإضافة الي انتهاكات حرب ابريل تصر تقدم علي دمج الدعم السريع . وهذا مالم يقبله الشعب السوداني. وكان الاجدر لتقدم ان تدخل في معركة قانونية وتطالب بإلغاء وابطال المرسوم (34) لعام 2019م . والذى الغي المادة التي نصت علي صلاحيات رئيس الجمهورية بحل الدعم السريع. فضلا عن ذلك ربما تكون هناك اختلاف في الرؤي من قبل الدعم السريع وربما لا يقبل بالدمج في القوات المسلحة بحكم انه المسيطر حاليا في المعارك.
اما فيما يتعلق بورقة الحكم المحلي مع ان الحكم المحلي من صميم القانون الاداري وليست الدستوري ، فقد جاء في الفقرة السابعة في التوصيات “شكل الدولة السودانية دولة ديمقراطية مدنية فدرالية” وفي ذات اللحظة التي وقعت اعلان سياسي مع الحركة الشعبية شمال ينص علي علمانية الدولة . مما يعمق الازمة داخل المائدة المستديرة التي طرحتها تقدم ، ويرتد الصراع مرة اخري خاصة عندما يتمسك كل طرف بطلبه.
اما فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية فكل التوصيات هي توصيات نظرية فقط ولم تحط تقدم بوضع الاشكاليات التي تواجه العدالة الانتقالية في التوصيات ، خاصة انها تعلم ان السلام ووقف الحرب يتم عبر التفاوض ، وفي الغالب ربما السلام يقدم علي العدالة الانتقالية ويصبح الافلات من العقاب ، حيث كشفت الخبرة العملية عن أنه غالبا ما يتم اعطاء الاولوية للسلام علي حساب العدالة في مفاوضات السلام المعاصرة.
• بالرغم من أن المؤتمر أدان الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والحركات المتحالفة معها ، وطالب بالتحقيق الدولي في هذه الانتهاكات. ألا انه لم يتطرق الي اتفاق يناير مع قوات الدعم السريع في اديس ابابا والتي اتهمت فيها تقدم بالانحياز للدعم السريع، فكان عليها ان تلقي هذا الاتفاق حتي تزيل هذه التهمة ، وعدم الغاء هذا الاتفاق لم يجعل تقدم في موقف الحياد. كما أن الادانة عبر البيانات لا تكفي ، واذا كان هناك جدية في محاسبة الانتهاكات فكان الاجدر لتقدم ان تخاطب المدعي العام للمحكمة الجنائية ، وتطالبه بتحريك الدعوي من تلقاء نفسة ، او تقوم بالمظاهرات والاحتجاجات في الدول الغربية حتي تشعر مجلس الامن بالتحرك تجاه هذه الانتهاكات. أو أن يطلب من اي دولة طرف في ميثاق حليفه لتقدم بتحريك الدعوي الجنائية . كما ان المؤتمر لم يتطرق للاتفاق الذي تم بين رئيس تقدم والحركة الشعبية شمال فيما يتعلق بالعلمانية وحق تقرير المصير ، والمبادئ التي تم الاتفاق عليها والتي سوف تناقش في المائدة المستدير. بالرغم من أن المؤتمر طرح الدولة المدنية.
• أجاز المؤتمر مبادئ واسس عملية تأسيس وبناء جيش قومي مهني لا يتدخل في السياسة والاقتصاد ، واعتبر المؤتمر هذه الاسس طريق الاستقرار بوقف الحروب
هنا يوجد تناقض تام حيث سمحت تقدم عبر مؤتمر المائدة المستديرة للجيش والدعم السريع بالمشاركة في المائدة المستديرة ، والتي سوف يناقش فيها امور سياسية ، وبالتالي اصبح تدخلهم في السياسة واضح. أما عدم مشاركتهم في الاقتصاد والذي يسطرون علي 82% منه . كيفية الخروج من هذا المأزق بعد ايقاف الحرب.
الرؤية السياسية لا نهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة. لتحقيقها قرر المؤتمر التحضير لمائدة مستديرة لكل السودانيين والقوي الرافضة للحرب والمؤمنة بالتحول الديمقراطي عدا المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته.
اولا لم نجد اي رؤية لا يفاق الحرب من خلال البيان بل هي مطالب فقط ، ولم تطرح تقدم اي رؤية لا يقاف الحرب. آما الاسس التي طرحها البيان لتأسيس الدولة بالرغم من انها من مهام المؤتمر الدستوري ، الا أن تقدم طرحت المائدة المستديرة والتي سوف يشارك فيها الجيش والدعم السريع برغم الانتهاكات ، اليس هذا تناقض؟ فتقدم تعمل علي اشراك الجيش والدعم السريع في العملية السياسية مرة اخري بالرغم من انها ذكرت في البيان ابعادهم من العملية السياسية.

 

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *