اخبار السودان

قراءة في الأثر السياسي للعقوبات الأمريكية على الرجل الثاني بالدعم السريع؟

هل تسعى الولايات المتحدة بإدراجها لرجل الدعم السريع القوي، الجنرال عبد الرحيم دقلو، في قائمة العقوبات الاقتصادية، إلى إبعاد قواته عن المشهد، أم لإبعادها من المحور الروسي، أم هو مخطط لدور سياسي مرسوم أمريكياً؟

الخرطوم: التغيير

أثارت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية  على نائب قائد  الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، تساؤلات بشأن المستقبل السياسي للقوات التي تخوض معركة كسر عظم مع الجيش السوداني منذ 15 أبريل الماضي.

وعزت الخزانة الأمريكية العقوبات الواقعة على الرجل الثاني في الدعم السريع بسبب ما اسمته جرائم وانتهاكات قوات الدعم السريع  لحقوق الإنسان بالسودان.

وشملت العقوبات تجميد أصول وممتلكات الرجل الشخصية، وتجميد أصول الكيانات التابعة له، ومن المقرر أن تطال العقوبات كل من يتعاون معه.

تحجيم

يرى الباحث والأكاديمي بشير عبد الله في حديثه مع (التغيير) إن القرار سيكون له تبعات سياسية على القوات في المنظرين القريب والآجل.

وقال إن أي إدانة دولية للدعم السريع وقياداته ستضعف من موقفهم في المفاوضات وبالتالي تحجيم دورها مستقبلاً.

ويؤكد عبد الله أن الحكومة الأمريكية لا ترغب مطلقا في أي دور سياسي للدعم السريع مستقبلا في السودان، وفسر ذلك بأن واشنطن تعتبر القوة شبه العسكرية بأنها مليشيا قبلية، ونظام اسري ارتكب كثير من الفظائع والجرائم وبالتالي لا يمكن أن يحكم دولة مؤثرة مثل السودان.

تجاهل

وأوضح عبد الله أن الرغبة الأمريكية في إبعاد الدعم السريع، تبدت واضحة في  التعامل مع قادتها الذين تم تجاهلهم في زيارات المبعوثين والدبلوماسيين الغربيين.

غير مؤثرة

من جانبه كتب المدون المحسوب علي الدعم السريع د. حافظ يعقوب علي صفحته بالفيسبوك قائلاً إن تصنيف العقوبات الاقتصادية الأمريكية علي قائد ثاني الدعم السريع بأسباب إنسانية يصب في خانة العقوبات الثانوية التي يتم فرضها علي أشخاص غير أمريكيين ولا يملكون أصول استثمارية ضخمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية كما أنها تفرض من قبل وزارة الخزانة الأمريكية وتنفذها وتراقبها وزارة الخارجية.

مذكراً بأن العقوبات الأشد وقعاً وتأثيراً هي تلك التي يفرضها الكونغرس وتشرف عليها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).

ويجزم حافظ في حديثه الذي رصدته (التغيير) بأن العقوبات الاقتصادية لن تؤثر سياسياً على الدعم السريع من واقع أنها قوة باتت أمراً واقعاً، إذ تملك جيشاً منظماً وحواضن سياسية واجتماعية لا يمكن تجاوزها مستقبلاً.

وزاد: بالتالي أمريكا مرغمة علي التعامل مع الدعم السريع كما فعلت مع عديد من الكيانات النظيرة والمشابه في المحيط العربي والإقليمي والدولي.

سيف العقوبات

استاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية سابقا والاكاديمي د. طه عبد العزيز وصف في حديثه لـ(التغيير) العقوبات التي فرضتها الحكومة الأمريكية علي الدعم السريع وقياداته بأنها تبدو سطحية وتقليدية من الوهلة الأولى، وسيف العقوبات بغض النظر عن مدي تأثيره هو  نهج درجت عليه الإدارة الديمقراطية لحكومة جو بايدن.

وتابع: هذه العقوبات ليست عميقة وفي الأرجح لن تكون مؤثرة عسكرياً على القوات في الوقت الراهن.

وأردف: في اعتقادي أن العقوبات أقصي فعل مباشر يمكن أن تقوم به إدارة بايدن تجاه الدعم السريع في الوقت الحالي، حيث درجت علي مثل هذه القرارات ومن ثم انتظار النتائج علي الأرض ومن بعدها تتغير طريقة التعامل السياسي مع الأحداث.

وواصل عبد العزيز: في نفس الوقت نجد أن جوهر هذه العقوبات يحمل تحذيرا مهما للغاية من وجهة نظر سياسية بمعنى أنها ستجعل من الصعب نوعًا ما على المجتمع الدولي بشأن قبول الدعم السريع  بلا تحفظ كفاعل سياسي شرعي في المستقبل وهذا هو مربط الفرس.

التعامل وفق المصالح

السؤال المهم بحسب د. طه هل جاء رفض الولايات المتحدة الأمريكية (المبطن) لأي دور سياسي للدعم السريع في السودان عقب الانتهاكات الأخيرة في غرب دارفور خلال الحرب الدائرة الآن؟

ورد مجيباً: بكل تأكيد الرفض قديم وله أسبابه ولكنه ظهر حاليا وربما سيظهر مستقبلاً إذا حقق الدعم السريع انتصار عسكري أو سياسي.

ورأى أن اشنطن تدرك أن أي دور سياسي للدعم السريع سيتعارض مع مصالحها، إذ تشكك في مقدرات الدعم السريع السياسية وارتباطه بروسيا ودول المحور في المنطقة .

خطوط حمراء

استغلال وسرقة ونهب موارد السودان خاصة  معدن الذهب واليورانيوم وتحويلها باتجاه روسيا يشكل خط أحمراً لواشنطون  والحديث لدكتور عبد العزيز الذي تابع بالقول: هذا أمر لا يمكن تجاوزه بالنسبة لواشنطن التي جاءتها فرصة كبيرة لإيقاف تهريب الذهب واليورانيوم من السودان، بتحجيم دور الدعم السريع العسكري والسياسي بما يمنع تمددهم وحلفاءهم في مناطق ساحل البحر الأحمر .

وينبه د. عبد العزيز إلى أن لعبة المصالح يجب أن تفكك أو تقرأ بمعزل عن التقاطعات الأخرى، بمعني أن مصالح أمريكا مع الإمارات مثلا في أثيوبيا تختلف عنها في السودان.

وزاد: بصورة واضحة ما تسمح به أمريكا لدول في منطقة جغرافية محددة يمكن أن ترفضه  في دولة أخرى.

تناغم مصري أمريكي

ويمضي د. عبد العزيز قائلا إن الجانب الأهم سياسيا بجانب العقوبات الأمريكية علي قيادات الدعم السريع هو الدور المصري في المنطقة الرافض لأي تمثيل سياسي للدعم السريع في السودان، ومعلوم أن هنالك نوع من التناغم بين السياسية المصرية والأمريكية تجاه السودان .

عدم ثقة

من جانبه، يقول مصدر أمني، طلب حجب اسمه، لـ(التغيير)،  بأن التجارب علمتهم بأهمية عدم الثقة في الولايات المتحدة الأمريكية لجهة أنها ظلت في موقف عداء تجاه الجيش السوداني لسنوات طويلة.

وأضاف: لذلك لا يمكن أن نعول علي واشنطن في الوقوف ضد رغبات الدعم السريع السياسية.

مشيرا إلى أن ذات العقوبات الاقتصادية المفروضة علي قيادات الدعم السريع سبق وأن فرضت على الجيش السوداني ومنظومة الصناعات الدفاعية المستهدفة من قبل أمريكا وإسرائيل والإمارات.

وتابع: ذلك يؤكد أن الولايات المتحدة ليست ضد الدعم السريع كلياً، ولكنها تتعامل وفق جزئيات محددة تراعي مصالحها وتجمل وجهها أمام العالم بمثل هذه القرارات .

تشكيك

يشكك المصدر في نوايا أمريكا تجاه السودان، قائلا: ربما ترغب إدارة بايدن في استبدال قيادات الدعم السريع (دقلو اخوان) بوجوه جديدة مقبولة سياسيا وليس لديها سوابق إجرامية يمكن أن تتعامل معها مستقبلا، بجانب القوى المدنية المتمثلة في قوى الحرية والتغيير، متى ما أصبح للدعم السريع دور سياسي مستقبلا.

ويعتقد المصدر الأمني أن واشنطون تضع كافة الاحتمالات وتتحسب لها، لكن يبقي الخيار الأفضل بالنسبة لها هو إبعاد الدعم السريع من المشهد السياسي كسيناريو تفضله أمريكا، من دون أن تتدخل مباشرة لتنفيذه، بمعنى أنها  تنتظر النتائج ومن ثم تتعاطى معها.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *